أجبرت الجائحة العاملين في القطاع غير المهيكل على ملازمة بيوتهم، وضمنهم العمال المياومون الذين وجدوا أنفسهم في "حضن البطالة" خلال وبعد انتهاء الحجر الصحي، حيث فقدوا مصدر الدخل اليومي الذي كانوا يعيلون به أسرهم. ولم تقتصر تداعيات "كورونا" على الجانب الصحي فقط، بل تعدته إلى الجانب الاجتماعي، حيث تضررت من الأزمة الصحية عشرات الفئات التي تعيش وضعية هشاشة اجتماعية، في ظل غياب بدائل اقتصادية من شأنها ضمان قوتها اليومي. وينتظر العمال المياومون ساعات طوالا في مناطق العثور على مهام الاشتغال اليومي، أو ما يسمى ب "الموقف" بالتعبير الدارج، لكن دون نتيجة؛ فالزبناء باتوا معدودين على رؤوس الأصابع بفعل توقف الأنشطة الاقتصادية التي كانوا يشتغلون فيها قبل حلول الجائحة. محمد، أحد المياومين، يقضي ساعاته اليومية في الدردشة مع زملائه، يترقب بفارغ الصبر قدوم زبون ما إن حالفه الحظ حتى يحصّل مصاريف تنقله الأسبوعي ويقتني بعض الحاجيات الغذائية الأساسية، لكن كثيرا ما يُنهي يومه بصفر درهم. وفي هذا الصدد، قال محمد متحسّرا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "فقدت مورد رزقي الدائم في زمن كورونا، فالأسر لم يعد باستطاعتها مباشرة أي أنشطة لإصلاح البيوت بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية الوطنية التي أرخت بظلالها على المواطنين". وأضاف بمرارة بادية على محياه: "مَبْقاتْش الخدمة نهائيا"، قبل أن يسترسل: "نأمل أن تنتهي هذه الأزمة العالمية حتى نعود إلى سابق نشاطنا؛ فقد بلغت الأوضاع الاجتماعية المتأزمة ما بلغته". من جانبه، قال متحدث آخر يعمل مياوما في الرباط إن "أزمة كورونا أوقفت جميع أنشطتنا الاقتصادية التي كانت في الأصل ضعيفة، فإذا بها تتوقف نهائيا"، مضيفا وهو يتأسف على واقعه المعيشي: "بْغيت غير فلوس الطوبّيس في النهار، أما المعيشة غير كنْقْضي أصافي". وتابع شارحا: "ما أصعب هذه السنة، فهي قاسية بالفعل منذ بدايتها، حيث صرنا رسميا نُصنف في خانة البطالة بسبب انعدام أي مورد رزق دائم"، مبرزا أن "الزبناء يتخوفون من حملنا لفيروس كورونا، ما يدفعهم إلى تفادي القدوم إلى الموقف". بدوره، أكد عامل آخر، في تصريح لهسبريس، أن "العمال يعانون كثيرا من أجل توفير مصاريف الكراء وخدمات الكهرماء، ناهيك عن اقتراب الدخول المدرسي المقبل مع ما يرافقه من تكاليف إضافية لفائدة الأبناء".