قدم وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، اليوم الثلاثاء، تفاصيل المرسوم المتعلق بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم "صندوق الاستثمار الاستراتيجي". وقال بنشعبون، في اجتماع لجنة المالية بمجلس النواب، إن اعتماد هذا المشروع يأتي تنفيذا للتعليمات الملكية الواردة في خطاب عيد العرش، مشيرا إلى أن خطاب الملك الأخير أكد ضرورة إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي، وإطلاق إصلاح هيكلي كبير في المجال الاجتماعي، يتعلق أساسا بتعميم التغطية الاجتماعية على كافة أفراد الشعب المغربي، وتسريع إصلاح القطاع العام. وكشف بنشعبون، في عرض قدمه أمام أعضاء لجنة المالية بالغرفة الأولى، عن ثلاث أولويات أساسية فورية قصد التفعيل الكامل للتوجيهات الواردة في الخطاب الملكي، تتمحور حول تعميم التغطية الاجتماعية، وإصلاح القطاع العام ثم إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي. وبالنسبة للشق الاجتماعي، أكد وزير الاقتصاد أنه سيتم العمل على التنزيل السريع للورش المتعلق بتعميم التغطية الاجتماعية الذي أعلن عنه الملك في خطاب العرش، والذي سيمكن من تعميم التأمين الإجباري على المرض، والتعويضات العائلية، والتقاعد لفائدة كل الأسر المغربية التي لا تتوفر حاليا على تغطية اجتماعية. وأبرز المسؤول الحكومي أن الجدولة الزمنية لتفعيل تعميم التغطية الاجتماعية ستتم بشكل تدريجي خلال الخمس سنوات القادمة، انطلاقا من سنة 2021، وعلى مرحلتين، تمتد الأولى من سنة 2021 إلى سنة 2023 وسيتم خلالها تفعيل التغطية الصحية الإجبارية والتعويضات العائلية، وتمتد المرحلة الثانية من سنة 2024 إلى سنة 2025 وسيتم خلالها تعميم التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل. وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة شدد في هذا الإطار على أنه سيتم فتح حوار بناء مع الشركاء الاجتماعيين لاستكمال بلورة منظور عملي شامل، يتضمن البرنامج الزمني، والإطار القانوني، وخيارات التمويل المتعلقة بتنزيل هذا الإصلاح الاستراتيجي الهام. أما فيما يخص الإجراء الثاني المرتبط بإصلاح القطاع العام، أوضح بنشعبون أن الأولوية ستعطى لمعالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية قصد تحقيق أكبر قدر من التكامل والانسجام في مهامها، والرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى قرار إحداث وكالة وطنية مهمتها التدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، ومواكبة أداء المؤسسات العمومية. وجدد بنشعبون التأكيد أنه لتحقيق الأهداف المرجوة من هذا الإصلاح الهيكلي العميق، سيتم اتخاذ ما يلزم من تدابير على المستوى القانوني والتنظيمي من أجل حذف المؤسسات والمقاولات العمومية التي استوفت شروط وجودها أو لم يعد وجودها يقدم الفعالية اللازمة. "كما سيتم العمل على تقليص اعتمادات الدعم للمؤسسات العمومية وربطها بنجاعة الأداء. هذا فضلا عن إنشاء أقطاب كبرى عبر تجميع عدد من المؤسسات العمومية التي تنشط في قطاعات متداخلة أو متقاربة، وذلك قصد الرفع من المردودية وضمان النجاعة في استغلال الموارد وعقلنة النفقات"، يردف الوزير بنشعبون. الأولوية الثالثة، حسب المعطيات الرسمية التي قدمها بنشعبون، تتمثل في العمل على بلورة خطة شمولية ومندمجة للإنعاش الاقتصادي تتضمن إجراءات أفقية تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات القطاعية، وذلك بهدف مواكبة الاستئناف التدريجي لنشاط مختلف القطاعات وتهيئة ظروف إنعاش اقتصادي قوي في مرحلة ما بعد الأزمة. وفي هذا الصدد، أشار بنشعبون إلى توطيد المجهود المالي الاستثنائي الذي أعلن عنه الملك محمد السادس في خطاب العرش عبر ضخ ما لا يقل عن 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني لمواكبة المقاولات، خاصة الصغرى والمتوسطة، وذلك بتخصيص 75 مليار درهم للقروض المضمونة من طرف الدولة بشروط تفضيلية لفائدة كل أنواع المقاولات الخاصة والعمومية، في حين سيرصد مبلغ 45 مليار درهم لصندوق الاستثمار الاستراتيجي. وأضاف بنشعبون أنه في إطار قانون المالية المعدل للسنة المالية 2020، تم رصد مبلغ 15 مليار درهم لهذا الصندوق من الميزانية العامة للدولة، ثم تعبئة 30 مليار درهم في إطار العلاقات مع المؤسسات المالية الوطنية والدولية، وفي إطار الشراكة مع القطاع الخاص. وتتجلى مهمة هذا الصندوق، وفق بنشعبون، في دعم "الأنشطة الإنتاجية ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى من خلال التدخل بشكل مباشر عبر تمويل الأوراش الكبرى للبنية التحتية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وبشكل غير مباشر عبر المساهمة في دعم رساميل المقاولات التي تحتاج إلى أموال ذاتية بهدف تطويرها وخلق فرص الشغل".