قدم محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، أمام ممثلي الأمة الخطوط العريضة للمرسوم المتعلق بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم ‘'صندوق الاستثمار الاستراتيجي‘'.، وذلك تطبيقا لمقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية. وشدد بنشعبون، خلال حلوله اليوم الثلاثاء أمام لجنة الاقتصاد والمالية بمجلس النواب، على أنه حريص على الاستئناس بكل الآراء والأفكار والمساهمات في إطار التعبئة الجماعية لمواجهة هذه الجائحة. وعبر عن رغبته في تفعيل مقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية، وما ينص عليه من توطيد لأسس الديمقراطية التشاركية على مستوى تدبير المالية العمومية. وأوضح المسؤول الحكومي، أن اعتماد هذا المرسوم يأتي تنفيذا للتعليمات السامية للملك محمد السادس الواردة في خطاب الذكرى الحادية والعشرين لعيد العرش المجيد. مشيرا إلى أن الخطاب تضمن رؤية استراتيجية لتدبير المرحلة جائحة كورونا، "حيث أكد جلالته على ضرورة إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي، وإطلاق إصلاح هيكلي كبير في المجال الاجتماعي، يتعلق أساسا بتعميم التغطية الاجتماعية على كافة أفراد الشعب المغربي، وتسريع إصلاح القطاع العام". وكشف الوزير في هذا الإطار، أنه سيعمل على اتخاد سلسلة من الإجراءات الفورية قصد التفعيل الكامل للتوجيهات الساميةالواردة في الخطاب الملكي السامي، والتي وتتمحور حول ثلاثة أولويات أساسية، أولها تعميم التغطية الاجتماعية،حيث سيتم العمل على التنزيل السريع للورش المتعلق بها والذي سيمكن من تعميم التأمين الإجباري على المرض، والتعويضات العائلية، والتقاعد لفائدة كل الأسر المغربية التي لا تتوفر حاليا على تغطية اجتماعية، كما جاء في الخطاب الملكي. وأبرز أن ذلك سيتم بشكل تدريجي خلال الخمس سنوات القادمة، انطلاقا من سنة 2021، وعلى مرحلتين: المرحلة الأولى تمتد من سنة 2021 إلى سنة 2023 وسيتم خلالها تفعيل التغطية الصحية الإجبارية والتعويضات العائلية؛ أما المرحلة الثانية فتمتد من سنة 2024 إلى سنة 2025 وسيتم خلالها تعميم التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل. وزاد الوزير، أنه تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، سيتم فتح حوار بناء مع الشركاء الاجتماعيين لاستكمال بلورة منظور عملي شامل، يتضمن البرنامج الزمني، والإطار القانوني، وخيارات التمويل المتعلقة بتنزيل هذا الاصلاح الاستراتيجي الهام. وأوضح أنه ولضمان نجاح هذا الإصلاح العميق، سيتم اتخاد سلسلة من التدابير القبلية والمُواكِبة والتي تتعلق على الخصوص بإصلاح الإطار القانوني والتنظيمي؛ وإعادة تأهيل الوحدات الصحية وتنظيم مسار العلاجات؛ وإصلاح الأنظمة والبرامج الاجتماعية الموجودة حاليا، للرفع من تأثيرها المباشر على المستفيدين، خاصة عبر تفعيل السجل الاجتماعي الموحد؛ وإصلاح حكامة نظام الحماية الاجتماعية؛ والإصلاح الجبائي المتعلق بإقرار مساهمة مهنية موحدة. أما فيما يرتبط بإصلاح القطاع العام، ودائما تفعيلاً لتوجيهات الملك كما يرد في العرض، "ستعطى الأولوية لمعالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية، قصد تحقيق أكبر قدر من التكامل والانسجام في مهامها، والرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية. وسيتم في هذا الإطار، إحداث وكالة وطنية مهمتها التدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، ومواكبة أداء المؤسسات العمومية". ولتحقيق الأهداف المرجوة من هذا الإصلاح الهيكلي العميق، يتابع الوزير بنشعبون في عرضه، "سيتم اتخاذ ما يلزم من تدابير على المستوى القانوني والتنظيمي من أجل حذف المؤسسات والمقاولات العمومية التي استوفت شروط وجودها أو لم يعد وجودها يقدم الفعالية اللازمة. كما سيتم العمل على تقليص اعتمادات الدعم للمؤسسات العمومية وربطها بنجاعة الأداء. هذا فضلا عن إنشاء أقطاب كبرى عبر تجميع عدد من المؤسسات العمومية التي تنشط في قطاعات متداخلة أو متقاربة، وذلك قصد الرفع من المردودية وضمان النجاعة في استغلال الموارد وعقلنة النفقات". وبخصوص الجانب الاقتصادي، كشف بنشعبون في عرضه، أنه "سيتم العمل على بلورة خطة شمولية ومندمجة للإنعاش الاقتصادي تتضمن إجراءات أفقية تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات القطاعية، وذلك بهدف مواكبة الاستئناف التدريجي لنشاط مختلف القطاعات وتهيئة ظروف إنعاش اقتصادي قوي في مرحلة ما بعد الأزمة". وذكر أنه "تم في هذا الإطار، التوقيع خلال الأسبوع الماضي على ميثاق الإنعاش الاقتصادي والشغل، وعقد البرنامج 2020-2022 المتعلق بإنعاش قطاع السياحة في مرحلة ما بعد (كوفيد-19). وفي السياق ذاته، تابع بنشعبون، أن "هذان الميثاقان يعتبران بمثابة تعاقد بين كل الشركاء من أجل توفير ظروف الإنعاش الاقتصادي، وتحصين مناصب الشغل، وتقوية الانخراط في القطاع المهيكل. وسيتم في هذا الإطار، توطيد المجهود المالي الاستثنائي الذي أعلن عنه جلالة الملك حفظه الله في خطاب العرش، عبر ضخ ما لا يقل عن 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، لمواكبة المقاولات، وخاصة الصغرى والمتوسطة، حيث ستخصص 75 مليار درهم للقروض المضمونة من طرف الدولة، بشروط تفضيلية لفائدة كل أنواع المقاولات الخاصة والعمومية. هذا، في حين سترصد 45 مليار لصندوق الاستثمار الاستراتيجي". أضاف الوزير أنه "تم رصد في إطار قانون المالية المعدل للسنة المالية 2020، مبلغ 15 مليار درهم سيتم تحويلها لهذا الصندوق من الميزانية العامة للدولة. وستتم تعبئة 30 مليار درهم في إطار العلاقات مع المؤسسات المالية الوطنية والدولية، وفي إطار الشراكة مع القطاع الخاص". وأوضح وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أن "مهمة هذا الصندوق دعم الأنشطة الإنتاجية ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى من خلال التدخل بشكل مباشر، عبر تمويل الأوراش الكبرى للبنية التحتية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وبشكل غير مباشر عبر المساهمة في دعم رساميل المقاولات التي تحتاج إلى أموال ذاتية بهدف تطويرها وخلق فرص الشغل. وعلى العموم سيكون انتقاء المشاريع التي سيتم تمويلها عبر الصندوق، بناء على أثرها على التشغيل". وسيتم في هذا الإطار،" إحداث صناديق قطاعية أو موضوعاتية توجه بالأساس للاستثمار في مشاريع البنية التحتية، أو دعم تطور المقاولات الصغرى والمتوسطة أو دعم الابتكار".