تتكثّف الدعوات إلى التحرك لمواجهة فيروس كورونا المستجدّ على وقع المخاوف من موجة إصابات ثانية، خصوصاً في أوروبا، في وقت تجاوز العالم عتبة العشرين المليون إصابة بالمرض. وسُجّلت 20 مليونا وألفان و577 إصابة على الأقل في العالم، أكثر من نصفها في القارة الأميركية، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استناداً إلى مصادر رسمية الاثنين عند الساعة 22:15 ت غ. ويعد ذلك قلقا بالنسبة للسلطات الصحية في العالم التي تدعو إلى فرض تدابير جديدة للحدّ من تفشي الوباء. وحثّ المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الاثنين، الحكومات والمواطنين على القيام ما أمكن ب"احتواء" انتقال الفيروس، الذي أودى بحياة 750 ألف شخص منذ ظهوره في الصين في ديسمبر. وقال: "كثر منا في حداد؛ إنها لحظات صعبة على العالم. لكنني أريد أن أكون واضحاً، يوجد بصيص أمل (...) ولا يفوت الأوان أبداً على احتواء الوباء". لكن من أجل ذلك على "المسؤولين التحرك وعلى المواطنين الالتزام بالتدابير الجديدة"، وفق غيبرييسوس. واتفقت الوكالة الأوروبية للأمراض المعدية مع المنظمة الأممية الاثنين، فأوصت الحكومات الأوروبية باتخاذ تدابير جديدة. وأشار المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، في تحديث لتقييم المخاطر نُشر الاثنين، إلى العناصر التي تؤكد ارتفاع عدد الإصابات ب"كوفيد-19". ارتفاع حقيقي بحسب احصاءات الوكالة، يتمّ اكتشاف بين 10 آلاف و15 ألف إصابة يومياً في الاتحاد الأوروبي، وهو عدد أقل بكثير من عدد الإصابات المسجلة في ذروة تفشي الوباء في مطلع أبريل (30 ألفاً)، لكنه أعلى من سقف الخمسة آلاف الذي سُجل من منتصف مايو إلى منتصف يوليوز. وأكدت الوكالة، ومقرها ستوكهولم، قائلة: "نشهد ارتفاعاً حقيقياً في عدد الإصابات في عدة دول مرتبطاً بتراخي تدابير التباعد الاجتماعي". وأقرّت إسبانيا، الاثنين، بأنها لا تتمكن من السيطرة "بشكل كامل" على عدوى فيروس كورونا المستجدّ، في وقت سجّلت البلاد خلال أسبوعين أكبر زيادة في عدد الإصابات مقارنة بالدول الكبيرة في أوروبا الغربية. محاصرة وتخشى إيطاليا أن تكون "محاصرة" بارتفاع عدد الإصابات لدى جيرانها الأوروبيين. في الواقع، الخشية هي من ظهور بؤر جديدة انطلاقاً من إصابات قادمة من دولة مجاورة، كما حصل مع حوالي ثلاثين شاباً إيطالياً من فينيتو (شمال شرق) ذهبوا في عطلة إلى كرواتيا وعادوا حاملين المرض. وقد انتشرت قصتهم كثيراً في وسائل الإعلام الإيطالية. وبدأت بعض الدول باتخاذ تدابير على غرار فنلندا التي أعلنت الاثنين أنها ستفرض حجراً صحياً لمدة 14 يوماً على كل مسافر قادم من "دولة ذات مخاطر"، تحت طائلة فرض غرامة أو حتى السجن لثلاثة أشهر. في باريس، بات ينبغي اعتباراً من الاثنين على السكان والزوّار وضع الكمامات في الأحياء الأكثر اكتظاظاً في المدينة لمحاولة الحدّ من زيادة الإصابات بالفيروس، رغم موجة حرّ تسجّل خلالها درجات حرارة مرتفعة. ويعني هذا التدبير حوالي مئة شارع في كافة دوائر العاصمة الفرنسية تقريباً. ورغم أن كثراً يمتعضون من وضع الكمامة، إلا أنه وفي الإجمال كان يمكن رؤية الكمامات صباح الاثنين أكثر من الأيام السابقة في المناطق المعنية. إشارة خاطئة وبهذا التدبير تحذو باريس حذو مدن فرنسية أخرى، وكذلك دول أخرى من بلجيكا إلى رومانيا، فضلاً عن شبه كامل مناطق إسبانيا، سبق أن شددت منذ أواخر يوليوز التدابير الصحية. من جهتها، قررت اليونان إغلاق الحانات والمطاعم ليلا في بعض مدنها السياحية الأساسية بعد تسجيل عدد إصابات قياسي جديد. في سائر دول العالم، يواصل الوباء تفشيه. وتجاوزت كولومبيا 13 ألف وفاة جراء المرض منذ أول إصابة سجّلت في البلاد في السادس من مارس، وفق حصيلة رسمية نُشرت الاثنين. وتخطت البرازيل عتبة المئة ألف وفاة الأحد. وتكثّفت على مواقع التواصل الاجتماعي رسائل التضامن مع عائلات الضحايا وكذلك انتقادات لاذعة للحكومة. وبالإضافة إلى التداعيات الصحية، تسبب الوباء في ركود في الاقتصاد العالمي وأحيا خطوط انقسام وتفاوتات اجتماعية وبدّل مواعيد أحداث ثقافية ورياضية. ورفض وزير الصحة الألماني فكرة عودة مشجّعي كرة القدم إلى الملاعب، معتبراً أن ذلك سيشكل "إشارة خاطئة" في وقت تشهد البلاد ارتفاعاً في عدد الإصابات. في إيطاليا، أُثير جدل كبير الاثنين بعد طلب خمسة نواب الاستفادة من مبلغ 600 يورو إضافي في الشهر، خُصص في المبدأ لأشخاص يعانون من صعوبات مالية كبيرة.