"عيدٌ بأيّة حال عدتَ يا عيدُ، بما مضى أم بأمر فيكَ تجديد"، هذا ما يلهج به لسان حال فئة عريضة من المشتغلين في الأعراس، عقب تأكيد رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، استمرار قرار منع تنظيم حفلات الزفاف، ما يحرمهم من العودة إلى أنشطتهم المهنية رغم إعلان المرور إلى المرحلة الثالثة من مخطط تخفيف الحجر الصحيّ، ليجدوا أنفسهم بين ليلة وأخرى في وضع متأزم عرضة للعوز والحاجة. وأثار استثناء المهن المرتبطة بالأعراس والحفلات من قرار استئناف العمل الذي شمل جلّ القطاعات، سخط العاملين في هذه المناسبات، التي أغلبها فئات هشة كانت تمنّي النفس بالتعويض عن أضرارها بعد أزيد من أربعة أشهر ونيف من التوقف الاضطراري عن العمل، خاصة مع حلول موسم الأعراس، فخيّب العثماني آمالها، دون حتى أن يحدّد لها سقفا زمنيّا ينعش تلك الآمال من جديد. وفي هذا الصدد، تساءل محمد الحداد، نائب رئيس الهيئة العليا لقطاع التصوير بالمغرب رئيس جمعية المصورين المحترفين بالفنيدق، في تصريح لهسبريس، عن جدوى فتح الشواطئ والمقاهي والأسواق للعموم، وهي التي يكثر فيها الازدحام ويقل النظام، "في الوقت الذي استثنيت فيه المهن المرتبطة بالأعراس والحفلات من مباشرة عملها، رغم إمكانية التحكم فيه وفق الضوابط المطلوبة"، على حد قوله. وأوضح الحداد أن "الغموض الذي يلف تعاطي الحكومة مع الوضع المقلق الذي تعيشه الفئات المشتغلة في هذا المجال لم يعد مطاقا؛ إذ إن من بيننا من وصل به العوز والحاجة مبلغا لم يعد معه قادرا على توفير لقمة العيش لأسرته"، مشيرا إلى أن "استمرار توقفنا عن العمل قد يهدد آخرين بالسجن، بسبب شيكات منحوها قبل الجائحة لاقتناء وتجديد معدات في إطار الاستعداد لموسم الأعراس، وهو ما أربك حساباتهم". وشدّد نائب رئيس الهيئة العليا لقطاع التصوير بالمغرب على ضرورة إيجاد حلّ عاجل لوضعية هذه الشريحة العريضة من العاملين بالأعراس والحفلات، "خاصة وأننا قد تقدمنا بمقترح للحكومة، يضم فيديو نموذجي قمنا بإعداده بإحدى قاعات الأفراح، يوضح كيفية تنظيم حفل زفاف يحترم معايير السلامة والشروط الاحترازية الضرورية"، يضيف المتحدث ذاته. بدورها، قالت انتصار العشيري، الكاتبة العامة للهيئة العليا لقطاع التصوير رئيسة الجمعية المهنية للمصورين بتطوان، إن "المشتغلين بقطاعنا هم أول المتضررين من تداعيات الجائحة؛ إذ كانوا أول من اضطر للتوقف عن العمل وهم الوحيدون الذين تم استثناؤهم من استئنافه إلى حدود اليوم"، مضيفة: "هم مياومون موسميون، وحرمانهم من مزاولة عملهم خلال موسم الأعراس كأنه حكم بالإعدام عليهم". واستنكرت العشيري تمكين جلّ القطاعات المهنية من ظروف التخفيف، والسماح لها باستئناف العمل بعد فترة الحجر الصحي، "فيما تم استثناء قطاع حيوي، يشغل فئة عريضة من اليد العاملة رغم كونه غير مهيكل، على الرغم من مرورنا إلى المرحلة الثالثة من مخطط تخفيف الحجر الصحي"، موردة: "لقد التزمنا بجميع التدابير الموصى بها، وضحينا بلقمة عيشنا، غير أن الوضع لم يعد يطاق". وتابعت رئيسة الجمعية المهنية للمصورين بتطوان حديثها لهسبريس بالقول: "كهيئة عليا لقطاع التصوير بالمغرب، راسلنا بمعية الائتلاف المهني الذي تأسس أثناء فترة الحجر الصحي، الحكومة، ولجنة اليقظة، بسبع مراسلات في الموضوع، ولم نتلق بعد أي رد"، مؤكدة أن الصبر لم يعد يجدي بسبب الوضع المزري الذي وصل إليه المشتغلون بالقطاع، "الذين يمثلون نسبة مهمة من الفئة الهشة التي لحقها ضرر كبير". وطالبت المتحدثة بضرورة السماح للمشتغلين بالمهن المرتبطة بالأعراس والحفلات باستئناف عملهم في أقرب وقت، "فهناك من تراكمت عليه الديون، وهناك من لم يعد قادرا على الوفاء بالتزاماته، ومنهم من وقف على باب العوز والضياع"، وفق تعبيرها، مضيفة أن ما يوفره هؤلاء خلال موسم الأعراس بالكاد يكفيهم لتغطية التزاماتهم المالية خلال بقية شهور السنة. وفي هذا السياق، طالب محمد الصفدي، منشط أفراح وحفلات، الحكومة بالإنصاف، وشدد على ضرورة توفير دفتر تحملات للعاملين بالأعراس، كما كان الحال مع بقية القطاعات، معربا عن استعداد الجميع للالتزام به، وتطبيق جميع التدابير الاحترازية اللازمة، مضيفا أن "القطاع يشغل عددا كبيرا من الفئة الهشة التي لا راتب لها، ولا ضمانا اجتماعيا، وليس بيدها إلا العمل المتواصل لتجد ما تأكله". من جانبه، اعتبر منير ملول، رئيس فرقة فلكلورية، أن قرار رئيس الحكومة استمرار منع تنظيم الأعراس، "شكل صدمة لنا، أنهت جميع آمالنا بالعودة إلى العمل قريبا، خاصة وأننا القطاع الوحيد المستثنى"، معربا عن خيبة أمله بالقول: "عندما يريدون التغني بالفلكلور، يلجؤون إلى تقديمه كتراث مغربي في جل المعارض والأنشطة الرسمية، وخلال الجائحة، تم إقصاؤنا بكل بساطة دون أي التفاتة أو دعم".