تحيي ليبيا غدا الجمعة ذكرى مرور سنة على "ثورة 17 فبراير" التي اندلعت شرارتها في مثل هذا اليوم من مدينة بنغازي٬ وذلك في وقت لايزال هذا البلد المغاربي يلملم جراجه ويتلمس الطريق نحو بناء مستقبل يليق بتضحيات أبنائه من أجل الحرية. ويخلد الليبيون٬ هذه الذكرى بمشاعر يمتزج فيها الاعتزاز بالنصر الذي تحقق٬ بالألم والحسرة والمواساة لأسر الشهداء والجرحى والمفقودين وكل ضحايا الصراع الدامي الذي عرفته البلاد. ومراعاة لهذه المشاعر قرر المجلس الانتقالي الليبي عدم تنظيم احتفال رسمي بهذه المناسبة والاقتصار على احتفالات على مستوى المجالس المحلية بمختلف المدن الليبية. وتعد القضايا المرتبطة بوضعية الجرحى وأسر الشهداء والمفقودين وكذا إدماج الثوار المسلحين من الملفات الشائكة التي يحاول المجلس والحكومة الانتقاليين في التخفيف من وطأتها وايجاد حلول مناسبة لها خاصة في ظل الانتقادات الموجهة لأدائهما بخصوص هذه القضايا. ويواكب الاحتفالات بالذكرى الأولى لاندلاع الثورة الليبية استنفار أمني قوي بكل المدن الليبية تحسبا لأي أعمال أو انفلاتات من شأنها التشويش على هذا الحدث وخاصة من قبل من يوصفون ب "أزلام النظام البائد". وأرخت المواجهات المسلحة بمدينة الكفرة (جنوب) وكذا تصريحات الساعدي القذافي المقيم في النيجر والتي زعم فيها أن ليبيا ستشهد "انتفاضة" يوم 17 فبراير٬ بظلالها على الوضع غير ان المجلس الانتقالي أكد أن الأوضاع الأمنية في مدينة الكفرة "هادئة" وأن الثوار "يسيطرون على الوضع". وتزامنا مع الاحتفال بهذه الذكرى أعلن المجلس الانتقالي عن تنصيب اعضاء المفوضية العليا لانتخاب المؤتمر الوطني الليبي في إشارة الى سعيه نحو إرساء لبنات الدولة الديمقراطية رغم الصعوبات الحالية. وستتولى هذه الهيئة الاشراف على مجمل العمليات المرتبطة بانتخابات المؤتمر الوطني العام الذي سيضم 200 عضوا والتي يرتقب اجراؤها بعد ثلاثة أشهر. وتعد هذه المفوضية الجهة الوحيدة التي ستتولى الإعداد والتنفيذ لانتخابات المؤتمر الوطني العام وكذا الإشراف عليها ومراقبتها٬ والإعلان عن نتائجها٬ وذلك وفقا للأسس والقواعد المعتمدة للعملية الانتخابية في قانون الانتخابات. ويأتي حدث تنصيب المفوضية اياما قليلة على إعلان المجلس الوطني الانتقالي عن الصيغة النهائية لقانون انتخابات المؤتمر الوطني العام بعدما تم طرح مسودة القانون لنقاش عمومي اسهمت فيه مختلف فعاليات المجتمع الليبي. وقد خصص القانون خمس المقاعد في المؤتمر الوطني العام للأحزاب والجماعات السياسية التي كانت محظورة في عهد النظام السابق القذافي الى جانب إلغاء نسبة 10 بالمائة التي خصصت للنساء والتي كانت مثار جدل٬ و نص في المقابل على مبدأ "التناوب بين المترشحين من الذكور والمترشحات من الإناث". كما اعتمد النص في صيغته النهائية٬ على الخصوص٬ نظاما انتخابيا يمزج بين الترشح الفردي والتمثيل النسبي وفق نظام القوائم وخصص ثلثي مقاعد المجلس المائتين لقوائم الأحزاب السياسية في حين أفرد للمستقلين 64 مقعدا .