قال خالد حمص، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا، إن "جائحة كورونا" تجعل المغرب، كباقي دول العالم، يعيش أزمة استثنائية ليس لها مثيل في التاريخ، شلت الدينامية الاقتصادية وأقفلت الحدود. كما عطلت حركية الموارد البشرية والمنتوجات والمال والاستثمار. الخبير في الميدان الاقتصادي، ضمن ندوة علمية بخصوص "تدبير أزمة كوفيد-19: الظرفية الاقتصادية والسياسية بين مشروع قانون المالية المعدل لسنة 2020 وزمن مشروع قانون المالية لسنة 2021"، المنظمة من لدن الكلية التابعة لجامعة محمد الخامس، بشراكة إعلامية مع جريدة هسبريس الإلكترونية؛ أضاف أن المغرب اتخذ العديد من الإجراءات الاحترازية الاستباقية، بتعليمات من الملك محمد السادس، لاحتواء الفيروس وإرساء المساعدة الاجتماعية والمالية لكل الشرائح المتضررة من الحجر الصحي. وأردف حمص، في الموعد المنعقد بمبادرة من مختبر الدراسات والأبحاث في القانون العام والعلوم السياسية، بمعية مختبر المالية والمقاولاتية والتنمية التابعين لكلية سلا، المنعقد مساء اليوم الجمعة عن بعد، (أردف) أن مرور الوقت وتفاقم الأزمة وطنيا ودوليا، وتبين آثارها الفعلية على المؤشرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، أضحى يطرح تساؤلات حول عمل الحكومة وقدرتها على الاستجابة للانتظارات، والمطالب الكثيرة المنبعثة من كل الجهات. ووفق الأكاديمي عينه، في الندوة الوطنية التي ستدخل خلاصاتها ضمن عدد مجلة كلية الحقوق بسلا الخاص بأزمة "كوفيد-19"؛ فإن من بين الأدوات المستعملة من طرف الحكومة المغربية، تبرز السياسة المالية عبر قانون المالية المعدِّل، والمادتان الخامسة والعاشرة من القانون التنظيمي للمالية 130.30، اللتان تنصان على مراعاة الظرفية الاقتصادية والاجتماعية مثلما تحثان على المصداقية. "يجب تفعيل القانون المالي المعدل، كما قامت به العديد من الحكومات المغربية سابقا، وحكومات أجنبية خلال الأزمة الوبائية العالمية الجارية، فقد قدمت الحكومة الفرنسية ثالث قانون مالي خلال سنة 2020، مثلا، بينما حكومتنا ما تزال متعثرة في مسعاها لإخراج القانون المالي المعدِّل"، يشدد الدكتور خالد حمص. كما جاء في كلمة عميد كلية سلا، أن هذا التأخير يجعل المتتبعين والفاعلين الاقتصاديين والماليين والاجتماعيين في حيرة وريبة، لأن الوضعية غير محمودة العواقب اقتصاديا، ولها تأثير سلبي على توقعاتهم؛ وبالتالي ستكون الكلفة المرتبطة بها عالية، وواصل: "التأخير جعلنا ندخل في زمن القانون المالي لسنة 2021 بناء على المادة 47 من القانون التنظيمي للمالية، وهو ما أكده منشور رئيس الحكومة حول تحيين المقترحات المتعلقة بالبرمجة الميزانياتية للسنوات من 2021 إلى 2023، بتاريخ 1 يوليوز الجاري، لتكون مبنية على العقلنة وترشيد النفقات العمومية". وحسب حمص، فإن سياق الأزمة الاقتصادية والمالية مع شح موارد المالية العمومية، تقابلهما في المغرب الانتظارات الاجتماعية والاقتصادية والمالية الضخمة والمتنوعة لاستعادة دينامية الاقتصاد الوطني، والمشاريع المهيكلة الكبرى التي لا رجعة فيها، وضرورة الحفاظ على المكتسبات المالية والتوازنات الماكرواقتصادية للمملكة، وضرورة الحفاظ على السلم الاجتماعي واحترام النصوص القانونية الجاري بها العمل، زيادة على الظرفية الاقتصادية العالمية الصعبة، والاختيارات والإجراءات النقدية التي يسهر عليها "بنك المغرب". المتخصص في العلوم الاقتصادية يرى أن الحكومة مطالبة بالابتكار والتحكيم والجرأة، وعدم التأخر في الخروج بقانون مالي معدِّل لسنة 2020 وقانون مالي للعام 2021، في إطار البرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات، وعلق على كل ذلك بالقول: "صحيح أن المسألة ليست بالبساطة المتصورة؛ لكن الجميع مطالب بتحمل المسؤولية السياسية، لمعرفة قدرته على تدبير الشأن العام كما هو مرفوع كشعارات في الحملات الانتخابية". جدير بالذكر أن الندوة المنظمة من طرف مختبر الدراسات والأبحاث في القانون العام والعلوم السياسية، بمعية مختبر المالية والمقاولاتية والتنمية التابعين لكلية سلا، بشراكة مع هسبريس، استضافت كلا من سعيد التونسي، أستاذ باحث بكلية الحقوق أكدال في الرباط، والمنتصر السويني، الباحث في المالية العامة والعلوم السياسية، وكريم محمد، بصفته أستاذا باحثا بكلية الحقوق في سلا، وجميلة دليمي، الأستاذة الباحثة في المرفق الجامعي ذاته. وخصص النقاش الأكاديمي للخوض في السيناريوهات الممكنة مغربيا للخروج من أزمة كورونا، والكلفة المالية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتبعات الجائحة، مع تحديد الفئة والطبقة والجيل والقطاع الذي سيؤدي الفاتورة. كما تركز التحليل على هوامش العمل والمناورة المتاحة أمام العمل الحكومي، وأي مزيج من السياسات العمومية يمكنه تحقيق المبتغى وبأي وصفة، دون إغفال قراءات في منشور رئيس الحكومة بتاريخ 1 يوليوز 2020، والطريقة المتاحة للاستفادة إيجابيا من الأزمة لإعطاء دينامية جديدة للاقتصاد الوطني، وكيفية جعل "كورونا المستجد" محطة إيجابية لتطوير النموذج التنموي للمملكة.