صار بإمكان المهتمّين بالتعرّف على اللغة العبرية تتبّع دروس مجانية فيها بالعامية المغربية، في سلسلة تعليمية عن بعد، يلقيها متخصّص مغربي. وبادرت إلى إتاحة هذه الدروس رقميا "جمعية ميمونة" المهتمّة بالتراث الثقافي اليهودي المغربي، بعدما دفعتها ظروف الحَجر الصّحّيّ إلى توقيف دروس العبريّة الحضورية التي كانت تُنَظَّم في العاصمة الرباط. وانطلقت هذه السلسلة التعليمية في يونيو الجاري، بدروس تُعرَض مباشرة، ثمّ توفَّر تسجيلاتها على صفحة "جمعية ميمونة" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وراكمت إلى حدود اليوم حصصا بالدّارجة المغربية، تَشرَح دروسا معدّة باللغتَين العربية والعبرية، حول الضمائر، وأسماء الأشياء، والأبجدية العبرية وحركاتها، وأصول العبرانية، والاختلافات بين العبرية التوراتية والحديثة. ويقول المهدي بودرة، رئيس جمعية ميمونة، إنّ هذه الدروس تأتي استمرارا لمسار بدأ سنة 2007، عندما كانت تنظَّم دروس في العبرية بجامعة الأخوين في مدينة إفران؛ مع قدوم طلّاب مبعوثين يهود أمريكيين ومن أصول عراقية وسورية، طلبت منهم الجمعية، عندما كانت ناديا، تدريس الطّلبة العبرية. ويضيف بودرة: "تَسَجَّل في هذه الدروس إذ ذاك مجانا خمسون طالبا تقريبا لمدّة سنة، ثم استمرّت الدروس مع حاخام مدينة فاس أبراهام الصباغ، إلى حدود سنة 2011، وكان يَقْدُمُ مرّتين في الأسبوع من فاس ليشرح العبرية باللغة العربية". ثمّ بعد فتح فروع أخرى ل"جمعية ميمونة"، يزيد المتحدّث، بدأَت في تنظيم دروسِ العبرية بالرباطوفاس، و"لمّا حلَّت جائحة كورونا التي لم يعد معها ممكنا استمرار دروس مدينة الرباط، قرّرنا تقديم دروس عن بعد يقدّمها يوسف سافين، ممثل الجمعية بمدينة مراكش." وفوجئت الجمعية، وفق رئيسها، بأن "الاهتمام بالعبرية لم يكن فقط من الطلبة المغاربة"، بل إنّ الدروس جذبت "طلبة من دول عربية أخرى من بينها الكويت، لاهتمامات متعدّدة، نظرا لقربها من اللغة العربية". وعن مقاصد هذه المبادرة، يقول المتحدّث إنّ العبرية "كانت لغة يستعملها اليهود المغاربة كثيرا لأغراض دينية، وأغراض ثقافية"، وهي تمهيد لتعليم "اليهودية العربية"، التي هي "لغتنا العربية الدّارجة مكتوبة بحروف عبرية"، ثمّ لغة "الحاكيتية" التي "كانت -حاضرة- في شمال المغرب، وكان يتحدّث بها اليهود المغاربة في مدن طنجة، والعرائش، وأصيلة، وتطوان، وسبتة المحتلّة، وهي لغة نصفها عربي عبري ونصفها الآخر إسباني". ويسترسل المهدي بودرة واضعا هذه المبادرة في إطار عمل يريد "الحفاظ على هذه اللغات المغربية وإنقاذها"، وهو ما يحتاج أوّلا "التّعرّف على الحروف العبرية"، ثم يضيف: "رسّمنا في المغرب اللغة الأمازيغية، ونحتاج الاهتمام بلغات أخرى مغربية، ويجب أن نحافظ على تعدّدنا الثقافي؛ لأنّه إذا لم نحافظ على لغاتِنا فليس هناك من سيحافظ عليها".