قال مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة إنه في الوقت الذي كان من المتوقع أن يكون تفشي مرض "كوفيد–19" في اليونان كارثة بكل المقاييس وبشكل ربما يفوق إيطاليا، تمكنت أثينا من احتواء انتشاره إلى حد كبير، وهو ما انعكس في قلة عدد الإصابات ومحدودية الوفيات رغم تهالك النظام الصحي وتزايد نسبة كبار السن من إجمالي السكان. وبحسب وثيقة صادرة عن المركز، فقد تميزت مواجهة اليونان لفيروس كورونا المستجد بالاستجابة الحكومية المبكرة، والإجراءات الصارمة، والشفافية في التواصل مع المواطنين الذين أبدوا التزامًا ملحوظًا بالإجراءات الاحترازية. وقد أفرز ذلك الترابط نموذجًا فريدًا في احتواء انتشار الفيروس. وتتحدث الوثيقة عن وجود مؤشرات عدة تعكس نجاح النموذج اليوناني؛ أبرزها انخفاض عدد الإصابات: فقد وصل إجمالي عدد المصابين في اليونان منذ بدء انتشار الفيروس إلى 2967 شخصًا، كما لم يتجاوز متوسط معدلات الإصابة في الأسبوعين الأخيرين (23 مايو – 6 يونيو) 7 حالات جديدة. ويؤكد المركز أن مفتاح نجاح النموذج اليوناني تمثَّل في محورين: الحكومة والمواطن. والمحرك الأساسي لهذين المحورين هو ضعف نظام الرعاية الصحي؛ فالحكومة أدركت أنها مقبلة على كارثة إذا تزايدت حالات الإصابة لعدم قدرة النظام الصحي على استيعابها، لذا تحركت سريعًا بأسلوب استباقي. والمواطن، في الجانب الآخر، أدرك أنه إذا أُصيب بالفيروس فلن يجد لنفسه سريرًا في غرف العناية المركزة المحدودة، فاستجاب للتعليمات بأسلوب فعَّال والتزم بالبقاء في البيت. إلا أنه على الرغم من ذلك، ترجع بعض التحليلات انخفاض أعداد الإصابات في اليونان إلى قلة عدد الاختبارات؛ فقد أجرت اليونان حتى 4 يونيو 2020 ما يصل إلى 180 ألفا و518 اختبارًا، وهو معدل منخفض مقارنة ببقية دول الاتحاد الأوروبي. ويشير المركز إلى أن الحكومة اليونانية اتخذت العديد من الإجراءات الهامة منذ بدء انتشار الفيروس، تمثلت في الإغلاق الاستباقي، ودور خبراء الصحة؛ إذ حرصت الحكومة اليونانية على اتباع نهج الشفافية والمصارحة مع المواطنين بشأن تطورات الفيروس، وأيضا دعم النظام الصحي؛ إذ استغلت الحكومة فترة الإغلاق لزيادة قدرة النظام الصحي تحسبًا للزيادات المحتملة في الحالات المصابة بالفيروس. وقد نتج عن ذلك زيادة عدد أسرَّة العناية المركزة من 565 سريرًا في أوائل مارس إلى 910 في نهاية الشهر، كما اتفقت الحكومة مع المستشفيات الخاصة على استقبال المرضى الذين يعانون من أمراض غير متعلقة ب"كوفيد–19"، بما يتيح مساحة للمرضى المصابين بالفيروس في المستشفيات العامة. ومن ضمن الإجراءات التي ذكرها المركز كذلك، التوجه نحو التحول الرقمي؛ فقد أصبحت الحاجة إلى تبسيط العمليات الحكومية ذات أهمية قصوى في ظل انتشار الوباء وتشديد إجراءات الحظر. وحظيت الحكومة اليونانية بإشادة دولية في أعقاب قدرتها على احتواء جائحة "كوفيد–19" والحفاظ على أدنى معدل وفيات بسببه. وقد برزت الإشادة على المستويين الرسمي وغير الرسمي. لذا، وافق مجلس بنك التنمية الأوروبي (CEB) على قرض بقيمة 200 مليون يورو لدعم استجابة اليونان للوباء، وتعزيز القطاع الصحي في البلاد، وتعزيز مستوى الخدمات الطبية المقدمة للسكان في سياق الأزمة الصحية المستمرة. كما أشادت الخارجية الأمريكية في 30 أبريل الماضي بأداء الحكومة اليونانية في إدارة أزمة "كوفيد–19"، ودعت إلى تعزيز التعاون بين البلدين في المرحلة المقبلة، وإعادة إنعاش الاقتصاد اليوناني عقب الأزمة.