كشفت نادية فتاح العلوي، وزيرة السياحة والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، بمجلس النواب "أن عدد السياح الوافدين انخفض بنسبة 45 في المائة، مقارنة مع المدة نفسها من السنة الفارطة، بسبب تداعيات جائحة كورونا"، معلنة "تراجع عدد ليالي المبيت التي سجلتها الوجهة بحوالي 43 في المائة". وجاء هذا التصريح في وقت شرعت فيه عدة دول منافسة للمغرب سياحيا، في فتح أبوابها للسياحة الخارجية (كتركيا وتونس واسبانيا)، ما يفرض ضرورة التفكير في سيناريوهات انطلاق القطاع بالمملكة المغربية، وجهة مراكش كوجهة سياحية. وفي هذا الصدد يقول سعيد بوجروف، الباحث في قطاع السياحة، "تتميز خريطة المنافسة على السوق السياحية بمحيط البحر المتوسط بالتعقد"، مضيفا: "بعد أزمة "كوفيد-19"، فالمستقبل غامض وحامل لزيادة احتمالات المخاطر، لكن القطاع السياحي المغربي أبان، ولفترات مختلفة، عن قدرته على التأقلم مع الأزمات والخروج منها بأقل الأضرار". وفي تصريح لهسبريس، أكد المتحدث، "أن القطاع يحتاج، في الوقت الراهن، إلى تشجيع ومصاحبة للشركات، من خلال تخفيضات وتسهيلات وإعفاءات، تهم الرسوم والضرائب لسنتي 2020 و2021، من أجل مواجهة الأزمة والحفاظ على مناصب الشغل، والقدرة على الاستمرار في الحياة والمحافظة على التنافسية في الأسواق السياحية، من أجل جلب متجدد للاستثمار". وللنهوض بالقطاع، يوصي بوجروف، الأستاذ الجامعي بجامعة القاضي عياض، "بإعادة هيكلة الدين بدون فائدة، وتخفيض الضريبة على القيمة المضافة، التي تهم النقل السياحي وتجهيزات الاستقبال والمطاعم، ووكالات الأسفار وكراء السيارات لتكون عند متوسط 7%، كما هو الحال في بعض الدول المنافسة، وتخفيض رسوم الإقامة بين 30 و50%، وتكاليف الضمان الاجتماعي للمحافظة على مناصب الشغل". وأكد الخبير نفسه أن "استمرار حيوية هذا القطاع، واحتمالات فقدان مواقعنا في الأسواق الدولية، يحتم على الجهات الوصية والمعنية اتخاذ إجراءات استباقية وعملية، ومن ضمنها تنويع المنتوج السياحي". "فالسياحة الصحية قطاع اقتصادي مربح، يحتاج إلى دعم كبير للمشاريع المهيكلة، كخلق المستشفيات والمصحات وبنيات الاستقبال الخاصة، وتكييف إطارات القوانين المحلية مع متطلبات هذا النشاط، والتنسيق أيضا بين الفاعلين المحليين والدوليين، وخاصة بين القطاع الخاص والعام"، حسب تعبير المتحدث عينه. "كما يفرض الانضباط لطرق التعامل الخاصة مع الزبون، حسب حاجياته الصحية وجنسيته ووضعيته القانونية ووسطه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ويجب الانتباه عند اختيار تطوير هذا القطاع، إلى التأثيرات السلبية على السكان المحليين، الذين لا يستطيعون الاستفادة منه، فيتولد الإحساس عندهم بالحرمان والتهميش"، يورد بوجروف. وبخصوص الأفق الذي يمكن أن يستعيد فيه القطاع السياحي عافيته، قال بوجروف: "قطاع السياحة حيوي وقادر على النهوض من كبواته، وأن فاعليه لا يقهرون وقادرون على رفع التحدي ضمن منظومة وطنية إبداعية ومتجددة، قوامها التماسك والتضامن والذكاء الجماعي، الذي قهر جائحة كورونا"، يختم الخبير ذاته. وعن الرؤية الإبداعية الخلاقة، قال رئيس المجلس الجهوي للسياحة بمراكشآسفي، حميد بن طاهر، "إن نجاح الإنعاش "السريع" و"الاستباقي"، رهين بإعادة الابتكار قصد إيجاد فرص تجارية جديدة، وحلول فريدة لكل سوق، وتحقيق الملاءمة لكل فئة من الزبناء". وتابع مؤكدا على "أهمية التركيز على السياحة الداخلية خلال هذه الفترة المفصلية، لتعذر استئناف رحلات الطيران الدولية، لذا فإنعاش الأنشطة السياحية سيتم عبر مرحلتين؛ الأولى تتجلى في تركيز الجهود على السوق المحلي الذي يمثل 30 في المائة، ويوجد في تطور مستمر ويظل مهما بالنسبة إلى المهنيين، أما المرحلة الثانية فتهم التوجه نحو السوق الدولي عندما تفتح المطارات والموانئ". وشدد بن طاهر "على ضرورة العمل من أجل تكييف أفضل للعروض السياحية مع ميزانيات الأسر المتضررة من جائحة"، موردا: "تنتظر الزوار عروض جديدة من أجل استكشاف مختلف أوجه مدينة مراكش وتراثها وجمالها الطبيعي، من حدائق ومتاحف ومرافق ترفيهية". أما كريم شويوخ، رئيس المجلس الإقليمي للسياحة بالحوز، فأوضح أن "أولوية الأولويات للنهوض بالقطاع، تكمن في توفير إمكانيات مادية لهذه الهيئة للقيام بمهامها، فيما يتعلق بإنعاش المنتوج والمشاركة في تسويقه بجودة عالية، لأن المنافسة ستكون قوية بين الأسواق خارجيا وداخليا". "فإقليم الحوز الذي يعج بمؤهلات طبيعية وثقافية يمكن أن نجعل منه وجهة سياحية بيئية بامتياز، وهذا يحتاج إلى تضافر جهود كل المتدخلين، من سلطة إقليمية ومحلية ومجالس منتخبة ومهنيين"، حسب قول الفاعل السياحي عينه، الذي أوضح أن "منتوج هذه المنطقة موجه بالخصوص إلى السياحة الخارجية (95%)". وأجمع كل من استقت هسبريس رأيهم بخصوص السياحة الداخلية، أن الربح الذي سيحققه المنعش السياحي مع الزبون المغربي، أكبر من الربح الذي تدره السياحة الخارجية، فالزبون المحلي يتحرك في جماعة يتفاوت معدلها بين أربعة وستة أفراد، فيما الأجنبي لا يتعدى في غالب الأحيان فردين، تدفع تكلفة زيارته بوكالة الأسفار التي تتكلف بكل شيء. ولأن مدينة الصويرة تتوفر على كافة المقومات لضمان الإنعاش السياحي، لكونها وجهة للزبون الأجنبي والمحلي، فإن مهنيي السياحة تجندوا لتحضير خطة إنعاش "ملائمة ومندمجة" للقطاع السياحي بعد الحجر الصحي، ستسمح باسترجاع حاضرة الرياح لمكانتها المرموقة ضمن الساحة السياحية الوطنية. وفي تصريح لهسبريس، أوضح رضوان خان، رئيس المجلس الإقليمي للسياحة بالصويرة، "أن نقاشات هذا الأخير مع السلطات الإقليمية، ومع مهنيي السياحة والفندقة وفاعلي المجتمع المدني المحلي، خلصت إلى المحافظة على المكتسبات، والسهر على النهوض العاجل بالسياحة الوطنية، باعتبارها أولوية قصوى للخروج من الأزمة". ولتحقيق ذلك، حث خان مهنيي السياحة وكافة الأطراف المعنية بإقليم الصويرة على التعاون، مع "الانخراط الكامل في خارطة الطريق، والسهر على تكثيف وتنويع العروض السياحية، وملاءمتها مع القدرة الشرائية للأسر، باقتراح عروض جذابة تستفيد من المؤهلات والفرص الطبيعية والثقافية والمعمارية التي تزخر بها مدينة الرياح ومحيطها".