يشكل إقليمالحوز، بجباله ومؤهلاته الطبيعية الهائلة، حديقة خلفية لإنعاش قطاع السياحة التي جعلت مراكش وجْهة دولية وقِبلة لعشاق السياحة عامة والجبلية خاصة، إذ يستقبل الإقليم سالف الذكر سنويا حوالي 100 ألف سائح من القارات الخمس؛ وهو ما يوفر فرص شغل للكثير من سكان عاصمة النخيل وأحوازها. ومن أجل استثمار أجود للمعطيات الطبيعية التي توفرها الجبال، دعا الملك محمد السادس إلى العناية بالسياحة الجبلية، لتغطية حاجات الجبليين من مسكن وعمل وترفيه وعيش كريم، ورغم ذلك ما زالت عدة مناطق بالأطلس الكبير تعاني من تهميش وإهدار لفرص التنمية المحلية. وركان جماعة بإقليمالحوز نموذج للمناطق المحرومة من العدالة السياحية، فهي على مسافة ساعة تقريبا من مراكش (60 كيلومترا)، وبالقرب من "ثلاث نيعقوب" حيث لا يزال مسجد "تنمل" التاريخي شاهدا على مجد الموحدين، وهي محرومة من كل شيء، على الرغم من توفرها على فضاء جبلي مفتوح وسد يعقوب المنصور. العدالة السياحية عمر بوناصر واحد من شباب وركان، يحكي لهسبريس مرارة العيش بهذه المنطقة، التي فقد أهلها التعاطي مع الفلاحة المعيشية، بعد بناء سد يعقوب المنصور، لتتحول إلى فضاء سياحي مهمش، يفتقر لأبسط شيء. وأوضح محمد بوشبوك من البلدة نفسها، والذي يعمل بالقطاع السياحي، أن ما" ما يشكو منه المستخدمون، من نادلين وطباخين ومرشدين سياحيين، هو العمل الموسمي؛ وهو ما ينعكس سلبا على استقرار الشباب بالمنطقة". وسجل المتحدث نفسه "ضعف علامات التشوير، وغياب اللوحات الإشهارية بمدخل إقليمالحوز، ما يجعل جماعة وركان لا تستفيد بشكل عادل من البرامج السياحية لإقليمالحوز". وطالب ابن بلدة وركان الجهات المسؤولة ب"التدخل لمساعدة المهنيين بهذا القطاع على التعريف بهذه المنطقة المجاورة لتوبقال ومسجد "تنمل" وإيلائها العناية المستحقة، حتى يتعرف عليها عشاق السياحة الجبلية والثقافية". عدم تشجيع المبادرات الاستثمارية بجماعة وركان مشكل آخر يعاني منه هذا الفضاء الجبلي الخلاب، الذي كان يستقطب خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي حوالي ثلاثين حافلة سياحية، يروي المرشد السياحي علي أيت بيداري، لهسبريس، خلال جولة بين الجبال والمداشر، مضيفا: "لكن كل ذلك اندثر دون رجعة". من جانبها، قالت جمعة الحريري، التي تدير مؤسسة سياحية، إن "ما يؤلمنا هو أن تكتشف أن سياحا من كندا أو الولاياتالمتحدةالأمريكية أو بريطانيا يعرفون المنطقة، فيما يجهل الزبون المغربي موقعها على الخريطة"، وناشدت المسؤولين من أجل العمل على تنويع المنتوج السياحي بإقليمالحوز. وقد أجمع كل من التقتهم جريدة هسبريس الإلكترونية على التهميش الذي يعاني منه أهل وركان، وضنك العيش الذي بات لسان حالهم تعكسه ملامح وسحنات وجوههم، جراء تركهم يواجهون قهر الحياة بمبادراتهم الخاصة، في غياب تام لأي تدخل من المؤسسات المنتخبة والرسمية، باستثناء تدخل عمر التويمي، العامل السابق لإقليمالحوز، الذي حث السلطة المحلية على تمكين الشباب من رخص إنشاء المآوي. النقل السياحي يشكو محمد بامنصور، رئيس الفيدرالية الوطنية للنقل السياحي، أرجع ما تعاني منه وركان إلى المندوبية الجهوية للسياحية ووكالات الأسفار، فهما "لا توليان الأهمية لهذه المنطقة المهمشة"، مضيفا أن "السائح أصبح يوجهه من هب ودب، وإلى مناطق قريبة تعج "البازارت، وإقصاء مناطق رائعة بها الماء والخضرة، وتوفر فرصا لتسلق الجبال ورياضة المشي، في مجال يسر الناظرين". وتابع بامنصور قائلا: "كنا نود القيام بمبادرة تتمثل في اقتراح تنويع المنتوج السياحي، وتوجيه السائح الخارجي والداخلي؛ فجماعة وركان وجب تخصيصها بمسالك خاصة بسيارات رباعية الدفع، ولكن العشوائية السائدة تخرب هذه المبادرات، لأنها تقترح أثمنة بخسة مغرية وغير مجدية"، حسب تعبيره. المجلس الإقليمي للسياحة يتحرك عبد الكريم واشيخ، مدير المجلس الإقليمي للسياحة بالحوز، أكد أن هذه الهيئة، التي أنشئت حديثا، تعمل حاليا على تكوين بنك معلومات، كما تشتغل على ثلاثة محاور هي: تمثيلية المهنيين (الفنادق ودور الضيافة والمطاعم)، والتعريف بالمنطقة من الجانب السياحي، والمساعدة على تسويق المنتوج السياحي لإقليم". وأقر واشيخ بما تزخر به وركان من مؤهلات طبيعية، وضرورة تنويع المنتوج السياحي، وعدم الاقتصار على المناطق التقليدية، لذلك "يعمل المجلس المذكور على صياغة برنامج عمل لتنزيله على عدة مستويات، وستكون جماعة وركان من أولوياته"، على حد قوله. اختصاص مجلس الجهة حميد بن ساسي، رئيس لجنة السياحة بمجلس جهة مراكش أسفي، أوضح، من جانبه، أن مجال اختصاص هذه الهيئة المنتخبة هو "المسارات السياحية بين المناطق، كتوبقال ووركان وأكايمدن وغيرها من المناطق، حتى يتمكن السائح من الانتقال بينها من عدة محاور". وزاد بن ساسي مؤكدا "أن المنتخبين بالمنطقة هم من عليهم أن يرفعوا إلى مجلس الجهة الحاجيات، والعمل على تقوية البنية التحتية لجماعاتهم، لأن لكل مؤسسة مجال اختصاصها؛ فالعناية بالمجال السياحي وتأهيله وتوسيعه من اختصاص الجماعة، التي عليها الترافع عن برنامجها التنموي". يشار إلى أن كل من المندوبة الجهوية للسياحة ورئيس جماعة وركان تلقيا اتصالات هسبريس، من أجل توضيح ما وجّه إليهما من ملاحظات، لكن الجريدة لم تتوصل بردهما.