وجهت المحكمة العليا الإسبانية، في سابقة من نوعها، صفعة قوية إلى جبهة البوليساريو وانفصاليي الداخل برفضها منح الجنسية الإسبانية للصحراويين الذين ولدوا في الصحراء المغربية زمن الاستعمار الإسباني. وخلافاً لما جرت عليها العادة، رفضت مدريد منح الجنسية الإسبانية لسيدة ازدادت بالصحراء المغربية سنة 1973، واعتبرت المحكمة العليا أن المولودين في الصحراء في فترة الاستعمار لا يعط لهم الحق في الحصول على الجنسية الإسبانية، موضحة أنه "لا يمكن اعتبار أن الصحراء كانت أرضا إسبانية خلال الاستعمار". وأصدرت المحكمة العليا الإسبانية، في الجلسة التي انعقدت للنظر في الاستئناف المقدم إليها من جانب "الإدارة العامة للسجلات والتوثيق" الإسبانية، قرارا ضد حكم سبق أن صدر عن محكمة إقليمية يقضي بالحق في الجنسية الإسبانية لسيدة ولدت في الصحراء المغربية في عام 1973. واعتبرت المحكمة العليا الإسبانية في الحكم الصادر عنها أن الصحراء المغربية لم تكن تمثل أبدا جزءا من إسبانيا، وبالتالي لا يمكن تطبيق المادة القانونية التي بنت عليها المحكمة الإقليمية حكمها. وأثار هذا القرار استنفاراً في صفوف الصحراويين الذين كانوا ينتظرون الحصول على الجنسية الإسبانية، أو الذين ما زالت ملفاتهم مطروحة حاليا أمام السجل المدني المركزي الإسباني؛ إذ يرتقب أن يعتبر هذا القرار مرجعاً قانونياً لرفض طلبات الحصول على الجنسية الإسبانية لجميع الصحراويين الذين ولدوا في فترة الاستعمار بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية. ودعا نشطاء انفصاليين السيدة التي رفض طلبها إلى استئناف الحكم واللجوء إلى المحكمة الدستورية الإسبانية، أو اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ويأتي هذا القرار الجديد في وقت سبق أن أكد فيه القضاء الإسباني أنه "من المستحيل حصول صحراويي جبهة البوليساريو على الجنسية الإسبانية"، ما دامت مدريد لا تعترف بالوثائق التي تسلمها ما يسمى ب "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية". ويتزامن هذا الاجتهاد القانوني غير المسبوق مع تقارب الرباطومدريد بخصوص ملف الصحراء المغربية؛ إذ توالت في الأيام الماضية الصفعات الإسبانية إلى جبهة البوليساريو الانفصالية. جدير بالذكر أن وزيرة الخارجية الإسبانية كانت قد وجهت رسالة إلى رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فاكي، بمناسبة "يوم إفريقيا" الذي احتفل به يوم 25 ماي، ووضعت خريطة إفريقيا بدون علم جبهة "البوليساريو" ضمن صفحة رسمية تابعة لوزارة الخارجية الإسبانية، وهو الأمر الذي دفع الجزائر أيضاً إلى التحرك عبر مفوضية السلم والأمن التابعة للاتحاد الإفريقي التي يرأسها الدبلوماسي الجزائري إسماعيل شرقي. وأجرى إسماعيل شرقي محادثات معمقة مع كاتبة الدولة الإسبانية للشؤون الخارجية المكلفة بأمريكا اللاتينية والكاريبي، كريستينا غاياش، حول قضية الصحراء المغربية وآخر تطوراتها، إلى جانب مواضيع أخرى تهم الجانبين. ولا تعترف الجارة الشمالية ب"الجمهورية الصحراوية"، وتؤكد حكومة مدريد أنها تدعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة للتوصل إلى حل سلمي لنزاع الصحراء في إطار قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.