حذّر حزب الاستقلال، المتواجد في المعارضة، من تردي الوضعية الاجتماعية لفئات واسعة من المواطنين، وتوسع رقعة الهشاشة، جراء التراجع المستمر لنسبة النمو، التي قدّرت الحكومة أن تصل هذه السنة إلى 3.7 في المائة؛ لكن بلوغها أصبح في حكم المستبعد، بعد أن بعثرت جائحة كورونا هذه التوقعات. وتشهد نسبة النمو في المغرب تراجعا مسترسلا خلال السنوات القليلة الأخيرة، إذ انخفضت من 4.1 في المائة سنة 2017 إلى 3 في المائة سنة 2018، وواصلت تراجعها لتنخفض إلى 2.9 في المائة فقط سنة 2019. ويُتوقع أن يتباطأ النمو أكثر خلال السنة الجارية، نتيجة تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني، والجفاف الذي أثر على حجم إنتاج القطاع الفلاحي. وفي وقت تنصبّ جهود الحكومة على إنجاح إعادة الحياة إلى مفاصل الاقتصاد التي شلّها الوباء العالمي، أكد حزب الاستقلال، في مذكرة رفعها إلى الحكومة، حول تصوره لإنعاش الاقتصاد الوطني بعد تجاوز أزمة جائحة كورونا، أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى خطة لإعادة بناء نموذج تنموي مغربي، وليس مجرد إجراءات وتدابير معزولة لإنعاش الاقتصاد. وأكد الحزب، على لسان أمينه العام، أن "المغرب بحاجة، في الوقت الراهن، إلى تجاوز منطق حصْر الجهود في الإجراءات القطاعية لتدوير عجلة الاقتصاد، والعمل، بدل ذلك، على وضع أسس مشروع مجتمعي حقيقي يقوم على تقوية السيادة الوطنية في جميع أبعادها، وعلى تعزيز مفهوم دور الرعاية الاجتماعية، وعلى النهوض بالتنمية المستدامة، والقطع مع الاختيارات الفاشلة والمفرطة في الليبرالية". وينبني تصوّر حزب الاستقلال لمرحلة ما بعد كورونا على تعزيز وتقوية دور الدولة، وجعل المواطن في صلب أدوارها الأساسية، وضمان فعلية التمتع بالحقوق المنصوص عليها في الدستور، وإقرار مبدأ تكافؤ الفرص. وفي الشق المتعلق بمحاربة الهشاشة وتوفير العيش الكريم وتشجيع الإنتاج الوطني، دعا الحزب إلى ضمان الأمن الصحي والتعليم الجيد للجميع، وتقوية السيادة الوطنية وتحقيق الأمن الغذائي والطاقي، ومنح الأفضلية الوطنية في الصفقات العمومية. وفيما بدأ النشاط المقاولاتي يتلمس طريق العودة إلى وتيرته الطبيعية، وإن بشكل تدريجي، مباشرة بعد عيد الفطر، دعا حزب الاستقلال إلى إنشاء بنك عمومي وطني للاستثمارات، من أجل المساعدة في تمويل وإعادة هيكلة المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة. كما دعا الحزب إلى استغلال التغيرات المتوقع أن تطرأ على الساحة الاقتصادية الدولية، خاصة في الجوار، لضمان تموقع المغرب في الخريطة الاستثمارية والاقتصادية الجديدة لأوروبا، وكذا في "طريق الحرير" الجديد، مناديا بتعزيز هذا المسعى بوضع علامة "صُنع في المغرب"، وعلامة "المسؤولة صحيا"، قصد الاستجابة للمعايير الصحية لفترة ما بعد الجائحة. مذكرة "حزب الميزان"، المعنونة ب"إنعاش اقتصادي مسؤول وحماية اجتماعية قوية لبناء المستقبل"، تضمّنت أيضا نداء إلى إعطاء دينامية جديدة للشغل والمحافظة عليه، وإطلاق أوراش كبرى ذات منفعة عامة، كالبنى التحتية الصحية والماء، وفك العزلة عن العالم القروي، ومنح تحفيزات للمقاولات تكون مشروطة بقدرتها على توفير فرص الشغل. وفي ما يتعلق بمحاربة الهشاشة الاجتماعية، دعا الحزب إلى تقوية القدرة الشرائية للمواطنين، وتقوية الطبقة الوسطى، والاستهداف المباشر للأسر الفقيرة ودعمها، وإجراء إصلاح ضريبي بُغية تخفيف العبء الضريبي عن هذه الفئات، وخصم عدد من التكاليف من قاعدة الإلزام الضريبي.