رحل عن المشهد الإبداعي بالمغرب المخرج المسرحي عبد الصمد دينية، الذي كان من وجوه الحركة المسرحية المغربية منذ أزيد من ستين سنة. وجمع الفقيد بين الإخراج المسرحي والإخراج التلفزيوني في وقت لاحق، وعرف بمسرحيات من قبيل "ولي الله -فالصو-"، و"الشرع عطانا أربعة"، و"عطيل"، و"القوق في الصندوق"، و"عتقو الروح"، ومسلسلات تلفزية من بينها الجزء الثاني من "لالة فاطمة" الذي كان مُخرِجَه. وكان الراحل واحدا من وجوه "فرقة المعمورة" إلى جانب مسرحيّين بارزين في تاريخ أب الفنون بالمغرب، مثل الطيب العلج والطيب الصديقي. ونعت النقابة المغربية لمهنيّي الفنون الدرامية "المخرج المسرحي الكبير الأستاذ عبد الصمد دينية"، مضيفة أنّ الفقيد "يعتبر واحدا من رواد الإخراج المسرحي بالمغرب، وأحد وجوهه البارزة الذين كان لهم إسهام كبير في الحركة المسرحية المغربية إبداعا وتكوينا وتأطيرا". ونعى المسرحي عبد المجيد فنيش الراحلَ بصيغة المخاطب، في مقال نشرته الهيئة العربية للمسرح، قال فيه: "تغادر يا عبد الصمد وقد تركت خلفك عالما دراميا متكاملا، موسوما بأصالة معرفية وجمالية مجادلة لثقافات الناس جميعا، ومنفتحة عليها، ومتفاعلة معها، وأنت الذي أخرجت بعض روائع كلاسيكيات المأساة عند شكسبير "عطيل"، (...) وخالدات الكوميديا الإنسانية مع العلَم موليير، وذلك عبر المعلم الفقيد أحمد الطيب العلج". وعرج فنيش على مجموعة من الوجوه التي التقى بها الفقيد دينية في حياة الإخراج والإبداع، من قبيل عبد الكبير الشداتي، والمؤلِّف المسرحيّ عبد الحق الزروالي، والملحن عبد الوهاب الدكالي، والفنان أنور الجندي. وسمّاه: "رجل مهام تأسيس المنظومات الدرامية في المغرب"، الذي كانت له "في كل منظومة الكلمة المفتاح على مدار أكثر من نصف قرن". وزاد فنيش مخاطبا المخرج المسرحي الراحل: "كنت قد كرمت أطفال سبعينات القرن العشرين، وأنا واحد منهم، في السنوات الأولى من تأسيس التلفزة المغربية، بأجمل فرجة تربوية، حين كنت أحد أعمدة الثنائي بوبي وجاكي، الذي هو ثنائي مؤسس لما سيأتي لاحقا من تجارب رائدة في مسرح الطفل". وأضاف: "أنت يا عبد الصمد رجل السينما والتلفزيون بكل امتياز، داخل المغرب وخارجه، من خلال إخراج العديد من الإنتاجات الدرامية، والعديد من الأعمال الإذاعية من مسلسلات وتمثيليات وبرامج"، وأنت "الفاعل الأصيل بلمسات الابتكار، في عدد هام من دورات أعرق مهرجان فني مغربي، هو: المهرجان الوطني للفنون الشعبية الذي تحتضنه مراكش". كما نعى متابعون المسرحيَّ عبد الصمد دينية، متأسّفين ل "عدم الاهتمام بآثاره في المسرح المغربي، وعدم رفع هامته حيا"، علما أنّ "الكثير من قدماء المسرح والسينما والفنّ بشكل عامّ أُصيبوا بانتكاسات، حين لم يُكَرَّموا أحياء، ولم يؤخَذ برأيهم، ولم يُشاوِرهُم المهتمّون الإداريّون في الشّأن الفني والثقافي بالمغرب".