بعض التصرفات تكون في بعض المواقف خطيرة جدا لاسيما حينما تصدر من أشخاص توكل لهم مهمة المحافظة على أرواح الناس. "" العشرات من الناس، شيوخ أطفال ونساء شاءت الأقدار أن يستقلوا حافلة من دون العشرات من الحافلات التي تلج مختلف المحطات الطرقية المنتشرة على طول مدننا المغربية. لكل وجهته المعلومة، ولكل غايته التي يريد بلوغها من خلال رحلته المرتقبة، لكن يبقى الهم المشترك بين كل هؤلاء هو التنقل في ظروف مواتية كنظير لما دفعوه من مبالغ متفاوتة لأولئك الذين يدعون أنهم الممثلين الرسمين لشركات النقل بالمحطات والذين يتمركزون في مداخل ومخارج تلك المحطات الطرقية. حيث لم نعد نتفاجئ بتصرفاتهم المشينة في حق المواطنين المغلوبين على أمرهم من قبيل الزيادات الغير مشروعة في ثمن التذاكر ومنح أخرى مضروبة إلى غير ذلك من التجاوزات المسكوت عنها. لكن عندما تمتد لتشمل حتى سائقي الحافلات المفروض فيهم التحلي بالضمير المهني والإنساني فإن الأمر يصبح خطيرا للغاية نظرا للتداعيات التي يمكن أن تقع في مثل تلك المواقف. الواقعة المريبة وقعت صبيحة يوم الخميس حوالي الثالثة والنصف عند مشارف الاستراحة الطرقية المعروفة باسم "أبنسير" والتي تتموقع ما بين "ايمنتانونت" و"أمسكرود" حينما لم يستسغ سائق حافلة تابعة لأحدى شركة النقل، إقدام بعض الركاب على معاتبته على سرعته المفرطة واستهتاره بأرواح الناس منذ انطلاق الرحلة في اتجاه مدينة أكادير. حيث لم يجد السائق من وسيلة أفضل للرد على المحتجين سوى إقدامه على الاعتداء على أحد الركاب في مرحلة أولى ليشمل راكب ثاني وزوجته لتندلع المشاحنات والألفاظ النابية ويختلط الحابل بالنابل وسط ذهول باقي المواطنين والشهود العيان الذين كتب لهم حضور الواقعة. قبل أن يقدم السائق وفي سابقة خطيرة على إزالة مفاتيح تشغيل الحافلة وتركها بركابها بجانب الطريق بالمحاذاة من منعرج وسط الظلام الدامس حيث توجه صوب الاستراحة الطرقية المحاذية للمكان الذي اندلعت فيه المواجهات من دون أن يأبها بمصير العشرات من المواطنين الذين أصيبوا بالرعب ونزلوا من الحافلة منتشرين على جنبات الطريق الوطنية الرابطة بين مراكشوأكادير معرضين حياتهم للخطر. أطفال وشيوخ ونساء وشباب ذنبهم الوحيد أنهم استقلوا "حافلة الجحيم" التي حول سائقها رحلتهم إلى مأساة حقيقية وعمد إلى الاعتداء على ثلاثة ركاب منهم وعرض حياة البقية إلى الخطر خصوصا وأن جانب الطريق الذي ترك فيه الحافلة بركابها كان مظلما وكان يمكن لا قدر الله لأي حافلة أو شاحنة أو حتى سيارة خفيفة قادمة من نفس الاتجاه أن تدوسهم. نموذج "أبنسير" ما هو إلا واحد من العشرات من النماذج اليومية لمعاناة المغاربة مع حافلات النقل التي لم تعد الشركات المشتغلة في القطاع تأبه بمصالح المواطنين بقدر ما تنظر إلى هامش الربح وذلك عبر توظيف عناصر لا تحترم أخلاقية المهنة لإرهاب المواطنين لا لنقلهم وإيصالهم لوجهتهم المعلومة في ظروف ملائمة