تذكّرت هيئاتٌ مغربية القضية الفلسطينية خلال الأزمة العالمية الراهنة، وجدّدت دماء الدّفاع عن شرعيّتها بلقاءات وحملات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، خاصّة "فيسبوك". ودعت مجموعة من الهيئات المغربية إلى مهرجان خطابي تضامني إلكتروني معنون ب"فلسطين قضية وطنيّة..والتّطبيع خيانة"، بمناسبة اليوم العالمي للقدس، والذكرى 72 للنّكبة. وشاركت في هذا اللقاء الرقمي مجموعة من الهيئات المغربية، هي: العصبة المغربية للدّفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، ومبادرة مقاطعة دولة الاحتلال "بي دي إس"، والمبادرة المغربية للدّعم والنُّصرَة، والشبكة المغربية للتّضامن مع الشعوب، ومجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، والجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، والتنسيقية المغاربية لمنظَّمات حقوق الإنسان، والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، والمرصد المغربي لمناهضَة التّطبيع، المرصد المغربي للسّجون، والجمعية المغربية لمحاربة الرّشوة، ومنظّمة حريات الإعلام والتّعبير "حاتم". كما شهدت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حملة رقمية دعت إليها الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمّة، عبر وَسم "أنا مغربي إفطاري مقدسيّ"، وشارك فيها مغاربةٌ مقاطع مصوّرة لإفطارهم الرمضاني، تظهر فيها أعلام فلسطينية، مع كلمات تتضامن مع القضية الفلسطينية، وتتطلّع للصلاة في المسجد الأقصى؛ وخُتِمَت بلقاء رقمي شارك فيه قياديون من جماعة العدل والإحسان من بينهم نائب أمينها العام فتح الله أرسلان، وكمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية فلسطين 48. ومن بين التّعبيرات التضامنية أيضا ما نشرته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بمناسبة ذكرى النكبة، من دعوة إلى "حملة دولية لإدراج الحركة الصّهيونية على قائمة المنظَّمات العنصريّة والإرهابيّة في العالَم". وقال خالد السفياني، محام وناشط حقوقي، إنّ صفقة القرن لم تجد من يسمع صيغتها، وذكّر بقرار السلطة الفلسطينية بعد القرار الصهيوني بالضمّ، باعتبار كافة الاتّفاقات مع الصهاينة والإدارة الأمريكية ملغاة بما في ذلك التنسيق الأمني، مع ما تعرفه الساحة الفلسطينية من انتفاضة مستمرّة منذ أشهر في غزّة والضفة والقدس؛ وهو ما اعتبره "لحظة قوية تساعد على الوحدة والمقاومة بكافة أشكالها؛ ونظرا لأزمات الكيان والإدارة الأمريكية والعملاء المتواطئين في فلسطين في صفقة القرن، يمكن أن تعتبَر لحظة تحرير". وشارك في المهرجان الخطابيّ المغربي "فلسطين قضية وطنيّة.. والتّطبيع خيانة" أسامة حمدان، مسؤول العلاقات الدولية في حركة حماس، الذي سلّم على "أهل المغرب الذين حملوا قضية فلسطين ولم يتنازلوا عن حقّنا وحقّهم فيها"، وزاد: "راهن أعداؤنا على أنّ بعد المسافة الجغرافية، وبعد الهموم، وما يثيره العدو أحيانا من صراعات وفتن دينية وطائفية وعرقية، قد يُبعِدُ الشُّقَّة بين المغاربة وبين فلسطين، لكنّهم أكّدوا أنّهم الأصلاء دوما، وحفظوا فلسطين لا شعارا فقط بل عملا وجُهدا وجهادا في كلّ المنصّات والمواقع". ونبّه أسامة حمدان إلى المحاولة الأمريكية لإعادة رسم خريطة المنطقة، وعنوانِها الذي هو: "تصفية القضية الفلسطينية، وتصفية قضية القدس، وتصفية إرادة المقاومة عند أمتنا، وبناء تحالف في المنطقة يعيد توجيه البوصلة إلى غير صراعنا الأصيل، ليقول لنا إنّ هناك صراعات جديدة مذهبية وطائفية، ويصنع لنا في كلّ بلد أزمة". ورأى المتحدّث في مثل هذا المهرجان "وقفة" و"ردّا عمليّا على هذا"، وطالب بمواجهة "الابتلاع الجديد لجزء عزيز من أرضنا في الضفة الغربية"، ب"وحدة في الموقف الفلسطيني، واستعادة مشروع تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها، وعودة القضية إلى حضن الأمة؛ لأنها ليست قضيّة فلسطينية فحسب، بل قضية صراع حضاريّ بين أمّتنا وبين مستعمر يريد اغتصاب جزء من أرضها، والتمدّد فيما سواه". بدوره تحدّث إحسان عطايا، ممثّل "الجهاد الإسلامي" في لبنان، عمّا يؤشّر عليه يوم القدس العالَمي من كون القضية الفلسطينية قضيّة مركزية، وليست قضية فلسطينية محضَة. كما رأى عباس زكي، قيادي في حركة فتح، في هذا المهرجان الرّقمي "دعما حقيقيا لشعبنا وقيادته"، وردّا "بوضوح كاف على أمريكا وإسرائيل، والتجرّؤ على اقتطاع القدس"، يعرف منه الشعب الفلسطيني أنّه ليس وحده؛ ولا يبقى معه للمطبّعين إلى "مكان الذلة والمهانة والخيانة ومزبلة التاريخ". ويشدّد عباس زكي على أنّه مع السير في اتجاه اقتطاع أراض فلسطينية جديدة "بلغ السيل الزبى، وتجاوزت أمريكا وإسرائيل كلّ الحدود، فأعُلِن الطلاق الكامل مع الإدارة الأمريكية والثنائي في إسرائيل، فلا علاقات اليوم مع إسرائيل وأمريكا"، ثم استدرك قائلا إنّ السلطة تشترط لاستئناف العلاقات مع أمريكا "منع تداول صفقة القرن"، وألا كلام لها مع إسرائيل "إلا إذا اعترَفَت بالدّولة الفلسطينية، واستجابت لقرارات الشرعية الدولية، وأوقفت سياسة التهويد، والضمّ ويهودية الدّولة". من جهتها رأت خديجة الرياضي، عن التنسيقية المغاربية لمنظّمات حقوق الإنسان، في هذا المهرجان "فرصة لتجديد مواقفنا المبدئية من القضية الفلسطينية، التي تعدّ قضية شعب تعرّض للتّشريد واحتُلَّت أرضُه، وشعب يقاوم منذ عقود لإنهاء الاحتلال وعودة اللاجئين وبناء دولته المستقلَّة على كامل أراضيه وعاصمتها القدس". واسترسلت النّاشطة الحقوقية المغربية البارزة بأنّ هذه "مناسبة لتجديد مطالبتنا بحرية الأسرى في جميع سجون الاحتلال، الذين يتعرَّضون بدورهم لجرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية من طرف الكيان الصهيوني"، وزادت مدينة "المشاريع الإمبريالية الصهيونية لشرعنة احتلال فلسطين وتصفية القضية، وفرض المشروع العنصري في المنطقة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، وقرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن". كما تحدّث سيون أسيدون، عن حركة المقاطعة "بي دي إس"، حول الظروف الخاصة التي تعيشها القضية الفلسطينية مع "هيمنة الصهيونية المسيحية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، كطرف أساسي لكتلة المحافِظين الجدد التي هي في مقاليد الحكم حاليا، مع ما يترتب عن ذلك من دعم غير مسبوق من مظاهره صفقة القرن". ووضّح الفاعل الحقوقي المغربي أنّ اليمين المتطرّف المهيمِنَ في المعسكر الصهيوني استغلَّ النهج الأمريكي الحالي في ترسيم نظام الدولة اليهودية السنة الفارطة، ويستغلّ ظرف "كورونا" لتمرير مشروع ضمّ جزء آخر من الضفة الغربية تحت إدارة مباشرة للنّظام الاستيطاني الاستعماري في فلسطين. وسجّل أسيدون وجود اندحار للجامعة العربية، مع محاولة لاستبدال العدو الحقيقي الذي هو الصهيونية، بعدوّ آخر هو إيران، وظهور الصهيونية في صفوف الرجعية العربية، لتبرير الاستسلام لمشاريع صهيونية، ومشاريع رامية إلى تصفية قضية شعب فلسطين، ويرى أنّ في المغرب مفارقة تكمن في "تناقض صارخ بين نهج التطبيع الصارخ من جهة..، والتعاطف العميق مع القضية، والدعم غير المشروط لها من طرف الجماهير الشعبية الواسعة". وقال الفاعل الحقوقي إنه: "رغم العمل المدمّر بمحاولة غرس فكرة أنّ فلسطين بعيدة ولا علاقة لها بالأوضاع بالمغرب، تبقى فلسطين عند فئته الأوسع قضية وطنية"، ثم أضاف: "وهو ما تجلى في المسيرة الشعبية المنظّمة -بالرباط- وفي التعبير الجماهيري في مباريات كرة القدم، من قبيل ما عبّر عنه فريق الرجاء البيضاوي".