شن الإعلام الجزائري حملة ممنهجة ضد القنصل المغربي في وهران بسبب مقطع "فيديو" وصف فيه الجزائر ب "البلد العدو"، متجاهلاً اتهامات خطيرة صدرت من كبار مسؤولي الجزائر في حق المغرب الذي مد يده مراراً لطي صفحة الخلاف والتوجه نحو المستقبل. هذا الهجوم على القنصل المغربي في وهران بسبب تصريح قال إنه "مفبرك"، أو ربما هو زلة لسان، اعتبرته أصوات مغربية وأخرى جزائرية مبالغاً فيه، على اعتبار أن المنطق الجزائري يبحث دائماً عما يصطاده ليزرع الحقد والكراهية بين الشعبين الشقيقين، وهو هدف لم يفلح فيه حكام الجزائر، والدليل رفض الحراك الشعبي بالجزائر دعم جبهة "البوليساريو". وانتقد الصحافي الجزائري المعروف باسم حميد غمراسة الحملة الممنهجة ضد القنصل المغربي، وقال إن "الجزائري الحر المستقل في مواقفه يتعامل مع الإساءة بمعيار المبدأ، سواء جاءت من المغرب أو صدرت عن الجزائر". الصحافي الجزائري رفض ازدواجية إعلام بلاده الذي تجاهل تصريحات لوزير الخارجية الجزائري السابق، عبد القادر مساهل، اتهم فيها شركة الخطوط الجوية المغربية "لارام" بنقل المخدرات بدل المسافرين إلى دولة إفريقية، واتهم البنوك المغربية بتبييض أموال الحشيش. وتعكس عشرات تصريحات العسكر في الجزائر عداء فعلياً تجاه المغرب، من قبيل تصريحات الجنرال سعيد شنقريحة، الذي يشغل اليوم منصب رئيس أركان الجيش بالنيابة، والذي وصف الجار المغربي في 2016 ب"العدو". وفي عز أزمة "كورونا" التي تتطلب تعاونا بين البلدان المغاربية وتنسيقا لتفادي الكوارث الإنسانية، عمد رئيس أركان الجيش بالنيابة إلى إجراء تمرين تكتيكي بالذخيرة الحية بميدان المناورات للقطاع العملياتي جنوب مدينة تندوف، قرب الحدود مع المغرب، في خطوة استفزازية غير مسبوقة. وخلال انشغال العالم بالبحث عن حلول لتداعيات الوباء الفتاك، كرست الجزائر عداءها للمغرب حتى في أوقات الأزمات، وهو ما عبر عنه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي كان سباقاً إلى مهاجمة المغرب في اجتماع القمة الافتراضية لمجموعة الاتصال لحركة دول عدم الانحياز، واصفا المملكة ب"البلد المحتل" للأقاليم الجنوبية. العداء الثابت يبدو واضحا كذلك عندما خصص الرئيس الجزائري جزءا من أول خطاب له بعد تنصيبه رئيسا للبلاد لمهاجمة المغرب، معلناً أن نزاع الصحراء هو "مسألة تصفية استعمار". وسار الرئيس تبون في المنحى الهجومي هذا في أول اجتماع وزاري يترأسه بعد توليه السلطة، مؤكدا "الدعم الدائم والثابت من الجمهورية الجزائرية للقضية الصحراوية". ويرى مراقبون أن النظام الجزائري القديم-الجديد أعاد التأكيد على تبنيه عقيدة العداوة الراسخة بلا كياسة في التصريحات. ويلاحظ ذلك أيضا في تصريحات لتبون قبل أيام اعتبر فيها لجوء الجزائر إلى الاقتراض الدولي لمواجهة "كورونا" بمثابة ضعف الدولة في الدفاع عن جبهة البوليساريو. وقال تبون في هذا الصدد: "لن نتجه أبدا للاقتراض من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، وهي التجربة التي عشناها في بداية التسعينات... فعندما نقترض من أبناك أجنبية لا يمكننا الحديث عن قضية الصحراء". واعتبر معلقون أن تصريح تبون هذا شكل استثناء فريدا في العالم، لأنه لا يوجد أي رئيس دولة قدم سببا مثل هذا لشعبه حتى لا يقترض من الأبناك الدولية لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة، ما يعني أن الرئيس الجزائري يخشى يوماً ما أن ينقص صبيب العداوة، لذلك لا يفضل الاقتراض حتى يبقى هذا الصبيب مرتفعاً ومتدفقاً. وينعكس العداء الفعلي كذلك من خلال وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية؛ إذ يلاحظ منذ تولي الرئيس الجزائري للسلطة رفعها لمنسوب "القصاصات" الحاقدة والأخبار السيئة ضد المغرب، بمعدل قد يتجاوز أربع قصاصات في اليوم.