قال المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري "الهاكا"، إنه "انطلاقا من المهمة الموكولة إلى الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري في حماية حقوق الأطفال والجمهور الناشئ، والحفاظ على سلامته الجسدية والذهنية والنفسية من المخاطر التي قد يتعرض لها إعلاميا؛ أصدر، خلال اجتماع عن بعد عقده أول أمس، سلسلة من التوصيات تهم التعرض للشاشات والاستهلاك الإعلامي لدى الأطفال والجمهور الناشئ بصفة عامة، خلال فترة الحجر الصحي المقررة من طرف السلطات للحد من انتشار جائحة فيروس "كورونا" المستجد". وذكّر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، في بلاغ توصلت به الجريدة، أن "مخاطر التعرض المفرط لوسائل الإعلام ازدادت وباتت أكثر تعقيدا في سياق الحجر الصحي، لكون الأخبار المتواترة والمسترسلة حول الأزمة الصحية ومجهود التحسيس المبذول من طرف الإذاعات والقنوات التلفزية، يمكن أن يكون مصدر قلق وابتئاس لدى الأطفال الجمهور الناشئ بصفة عامة"، مضيفا أن "هذا المعطى يبرز ضرورة توفير إسهامات أخرى تكمل وتؤطر ولوج وتلقي الجمهور الناشئ للأخبار ذات الصلة بالجائحة، خاصة عن طريق الحوار والتواصل داخل الأسر". وجاء ضمن البلاغ ذاته، أن "المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري يوصي بمراقبة مدة الاستهلاك الإعلامي لدى الأطفال، مع إيلاء اهتمام خاص لتعرضهم لمضامين نشرات الأخبار التلفزية والقنوات الإخبارية التي تبث على مدار الساعة"، مشيرا إلى أنه "من أجل الإسهام في تطوير الجوانب العلمية والتربوية لحماية الطفل في هذا الظرف الخاص، يوصي المجلس الأعلى بصفة عامة، بانخراط الأسر في مساعدة الأطفال، حسب فئاتهم العمرية، على اختيار البرامج التي تناسب أعمارهم ضمن العروض التي توفرها الشاشات". ويلفت المجلس الأعلى الانتباه، يضيف البلاغ، "إلى كون ممارسات الجمهور الناشئ في مجال الاستهلاك الإعلامي المتسمة باستعمال شاشات متعددة واستخدام وسائط مختلفة، من طبيعتها أن تؤدي إلى ازدياد ومفاقمة حمولة القلق الناجم عن برمجة إعلامية تتمحور بشكل شبه كلي حول الجائحة"، ويدعو إلى "إيلاء اهتمام خاص، في الوقت نفسه، لتصاعد مدة التعرض للشاشة الناجم عن الارتفاع العام لاستعمال وسائل الإعلام السمعية البصرية والرقمية خلال فترة الحجر الصحي، وللاستعمال الذي يفرده الأطفال والمراهقون لهذه المدة". وأشار البلاغ إلى أنه "إذا كان هذا الارتفاع في مدة التعرض للشاشة يعزى في جانب منه إلى ضرورة استمرار الخدمة المدرسية إبان فترة الحجر الصحي عن طريق إقرار التعليم عن بعد، فإنه يتعين الحفاظ على الاستهلاك الإعلامي المخصص للتسلية في مستويات تضمن عدم المس بتوازن وبصحة الجمهور الناشئ جراء التعرض المفرط للشاشات". كما يوصي المجلس أن "يساهم التأطير العائلي للاستهلاك الإعلامي ليس في ضبط مدة التعرض للشاشة لدى الجمهور الناشئ فحسب، بل، أيضا، في إقامة تمييز واضح بين الاستخدام التعليمي والاستخدام بغرض التسلية". وقال المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، إن مثل هذا "التقنين الأسري" من شأنه أن يوفر حماية واستفادة للطفل، من خلال إقرار برمجة يومية تزاوج بين زمن التعرض للشاشة وزمن خارج الشاشة، وكذا من خلال الفصل بين الاستهلاك الإعلامي التعليمي من جهة، والاستهلاك الإعلامي المخصص للتسلية من جهة ثانية. ونبّه المجلس إلى أن الارتفاع الكبير للاستهلاك الإعلامي لدى الجمهور الناشئ خلال فترة الحجر الصحي، قد يطرح مخاطر "إدمان" على المدى البعيد؛ إذ من شأن هذا الارتفاع الظرفي أن يخلق عادات من الصعب تجاوزها بعد العودة إلى الحياة الاعتيادية. لذا ينبغي الأخذ بعين الاعتبار تخصيص حيز زمني ضمن البرنامج اليومي للطفل، للقيام بأنشطة بعيدا عن التعرض للشاشات، ما من شأنه التوفيق بين الحياة الرقمية والواقعية، وتعزيز الأواصر الأسرية وقواعد التربية السليمة، ودعم التطور الاجتماعي والعاطفي للطفل خلال الحجر المنزلي، وحمايته من العزلة الاجتماعية التي يعززها الأنترنيت خاصة في صفوف المراهقين. ويرى المجلس الأعلى أن "نقص الدراية الإعلامية والتواصلية لدى الجمهور الناشئ، يشكل نقطة يقظة تدعو الأسر إلى بذل المزيد من الجهود لمواكبة الممارسات الإعلامية للأطفال والجمهور الناشئ خلال فترة الحجر الصحي. كما يغتنم المجلس الأعلى هذه المناسبة للتذكير أن وضع مخطط وطني للدراية الإعلامية، مسؤولية جماعية تقع على عاتق فاعلين آخرين مؤسسين، مهنيين ومدنيين". وجاء في ختام البلاغ أنه "إسهاما في دعم المعرفة حول الممارسات الإعلامية للأطفال، وضمانا لمواكبة أمثل للمتعهدين في مجهوداتهم لحماية حقوق الجمهور الناشئ، يؤكد المجلس الأعلى على أهمية تعزيز عمل الهيأة العليا في مجال الدراسات المتعلقة بالمضامين الموجهة للأطفال، وكذا استخدامات وسائل الإعلام من طرف الجمهور الناشئ"