يبدو أن تداعيات جائزة فيروس “كورونا” المستجد لن تقتصر على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والصحية فقط، بل قد تمتد لتمس الاستهلاك الإعلامي للأطفال والجمهور الناشئ. بعد أن حذر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصر، اليوم الجمعة، من التعرض المفرط للشاشات والاستهلاك الإعلامي لدى الأطفال والجمهور الناشئ بصفة عامة، خلال فترة الحجر الصحي المقررة من طرف السلطات للحد من انتشار جائحة فيروس “كورونا المستجد”. المجلس الأعلى، وفي بلاغ له صادر عقب اجتماع، عقده أمس الخميس، عن بعد عبر تقنية “الفيديو كونفيرونس”، وتوصلت “رسالة24” بنسخة، قال إن “مخاطر التعرض المفرط لوسائل الإعلام ازدادت وباتت أكثر تعقيدا في سياق الحجر الصحي، لكون الأخبار المتواترة والمسترسلة حول الأزمة الصحية ومجهود التحسيس المبذول من طرف الإذاعات والقنوات التلفزية يمكن أن يكون مصدر قلق وابتئاس لدى الأطفال الجمهور الناشئ بصفة عامة”. وأضاف أن هذا المعطى يبرز ضرورة “توفير إسهامات أخرى تكمل وتؤطر ولوج وتلقي الجمهور الناشئ للأخبار ذات الصلة بالجائحة، خاصة عن طريق الحوار والتواصل داخل الأسر”. وفي هذا السياق، أوصى ب”مراقبة مدة الاستهلاك الإعلامي لدى الأطفال، مع إيلاء اهتمام خاص لتعرضهم لمضامين نشرات الأخبار التلفزية والقنوات الإخبارية التي تبث على مدار الساعة.” وإسهاما منه في تطوير الجوانب العلمية والتربوية لحماية الطفل في هذا الظرف الخاص، أوصى المجلس الأعلى بصفة عامة، ب”انخراط الأسر في مساعدة الأطفال، حسب فئاتهم العمرية، على اختيار البرامج التي تناسب أعمارهم ضمن العروض التي توفرها الشاشات”. ولفت المجلس الأعلى في بلاغه الانتباه إلى “كون ممارسات الجمهور الناشئ في مجال الاستهلاك الإعلامي المتسمة باستعمال شاشات متعددة واستخدام وسائط مختلفة، من طبيعتها أن تؤدي إلى ازدياد ومفاقمة حمولة القلق الناجم عن برمجة إعلامية تتمحور بشكل شبه كلي حول الجائحة”، داعيا إلى “إيلاء اهتمام خاص في الوقت نفسه، لتصاعد مدة التعرض للشاشة الناجم عن الارتفاع العام لاستعمال وسائل الإعلام السمعية البصرية والرقمية خلال فترة الحجر الصحي، وللاستعمال الذي يفرده الأطفال والمراهقون لهذه المدة”. ويرى المجلس أنه “إذا كان هذا الارتفاع في مدة التعرض للشاشة يعزى في جانب منه إلى ضرورة استمرار الخدمة المدرسية إبان فترة الحجر الصحي عن طريق إقرار التعليم عن بعد، فإنه يتعين الحفاظ على الاستهلاك الإعلامي المخصص للتسلية في مستويات تضمن عدم المس بتوازن وبصحة الجمهور الناشئ جراء التعرض المفرط للشاشات”. وأوصى المجلس الأعلى في هذا السياق، بأن “يساهم التأطير العائلي للاستهلاك الإعلامي ليس في ضبط مدة التعرض للشاشة لدى الجمهور الناشئ فحسب، بل أيضا في إقامة تمييز واضح بين الاستخدام التعليمي والاستخدام بغرض التسلية”. واعتبرت المؤسسة الدستورية المذكورة أن مثل هذا “التقنين الأسري” من شأنه أن “يوفر حماية واستفادة للطفل من خلال إقرار برمجة يومية تزاوج بين زمن التعرض للشاشة وزمن خارج الشاشة وكذا من خلال الفصل بين الاستهلاك الإعلامي التعليمي من جهة، والاستهلاك الإعلامي المخصص للتسلية، من جهة ثانية”. ونبه المجلس الأعلى إلى أن الارتفاع الكبير للاستهلاك الإعلامي لدى الجمهور الناشئ خلال فترة الحجر الصحي قد يطرح مخاطر “إدمان” على المدى البعيد، معتبرا أن هذا الارتفاع الظرفي من شأنه أن “يخلق عادات من الصعب تجاوزها بعد العودة إلى الحياة الاعتيادية”. وفي هذا الصدد، شدد المجلس على ضرورة “الأخذ بعين الاعتبار تخصيص حيز زمني ضمن البرنامج اليومي للطفل، للقيام بأنشطة بعيدا عن التعرض للشاشات، مما من شأنه التوفيق بين الحياة الرقمية والواقعية وتعزيز الأواصر الأسرية وقواعد التربية السليمة ودعم التطور الاجتماعي والعاطفي للطفل خلال الحجر المنزلي وحمايته من العزلة الاجتماعية التي يعززها الانترنيت خاصة في صفوف المراهقين”. وحسب المجلس الأعلى فإن “نقص الدراية الإعلامية والتواصلية لدى الجمهور الناشئ، تشكل نقطة يقظة تدعو الأسر إلى بذل المزيد من الجهود لمواكبة الممارسات الإعلامية للأطفال والجمهور الناشئ خلال فترة الحجر الصحي”.