تُفيد توقعات حديثة لمنظمة السياحة العالمية بأن أياماً صعبة تنتظر قطاع السياحة في جميع أنحاء العالم، بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد الذي أوقف الرحلات التجارية بين مختلف الدول. وذكرت المنظمة الأممية، في تقرير أصدرته الخميس، أن السياحة الدولية التي انخفضت بنسبة 22 في المائة في الفصل الأول من السنة يتوقع أن تنخفض بما نسبته 60 إلى 80 في المائة في العام بأكمله، مقارنة بأرقام سنة 2019. ويعني هذا الانخفاض تعريض ملايين الأسر للخطر، لأنها تعتمد في عيشها على السياحة وما يرتبط بها من أنشطة، كما أن هذا الأمر يهدد التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حسب المنظمة. وقال زوراب بولوليكاشفيلي، الأمين العام للمنظمة، إن "العالم يواجه أزمة صحية واقتصادية غير مسبوقة، بحيث تضررت السياحة بشدة وتعرضت ملايين الوظائف للخطر في أكثر القطاعات الأكثر كثافة من حيث اليد العاملة". وجاء في تقرير المنظمة أن عدد السياح الدوليين انخفض ب57 في المائة في مارس مع بداية تطبيق عدد من الدول لقيود على السفر وإغلاق المطارات والحدود الوطنية، والنتيجة انخفاض قدره 67 مليون سائح دولي، ما يعادل 80 مليار دولار كإيرادات. تضرر المغرب يعد المغرب من الدول المتضررة بشكل كبير من هذا الانخفاض، لأنه يعتمد على السياح الدوليين، ففي سنة 2019 استقطب 13 مليون سائح أجنبي، ويشمل هذا الرقم مغاربة الخارج؛ وهو ما ساهم في مداخيل بلغ قدرها 78 مليار درهم بالعملة الصعبة. وتمثل السياحة في المغرب أحد أكثر القطاعات تشغيلاً ومساهمة في الاقتصاد الوطني، وهو ما يجعل الضرر كبيراً جداً؛ لكن يبقى الخروج من الأزمة أصعب، لأن السائح الأجنبي لن يبادر إلى السفر مباشرة بعد رفع الحجر، بل سينتظر إلى حين عودة الأمور إلى طبيعتها العادية. وبرز لدى المهنيين في قطاع السياحة في المغرب نقاش مستفيض حول ضرورة دعم وتشجيع السياحة الداخلية في أفق انتعاش السياحة الدولية، في سبيل تخفيف التداعيات على قطاع حيوي يمثل نشاطاً أساسياً في عدد من المدن السياحية مثل مراكش. ولا تمثل السياحة الداخلية في المغرب إلا 30 في المائة من ليالي المبيت في المؤسسات الفندقية المصنفة؛ وهو رقم ضعيف، ويصعب الرفع منه خصوصاً أن القطاع لم يعر الاهتمام اللازم لتشجيع المغاربة على السياحة وطنياً من خلال عروض ومنتجات خاصة. ثلاثة سيناريوهات تُشير السيناريوهات الحالية التي وضعتها منظمة السياحة العالمية إلى انخفاض محتمل في عدد الوافدين ما بين 58 إلى 78 في المائة خلال السنة الجارية، وتعتمد هذه الأرقام على سُرعة الحجر ومدة قيود السفر وإغلاق الحدود. ووضعت المنظمة سيناريوهات تستند إلى ثلاثة تواريخ ممكنة للفتح التدريجي للحدود الدولية: السيناريو الأول: انخفاض ب58 في المائة في السياح دولياً، بناءً على الفتح التدريجي للحدود الدولية وتخفيف قيود السفر بداية يوليوز المقبل؛ السيناريو الثاني: انخفاض ب70 في المائة، بناءً على الفتح التدريجي للحدود الدولية وتخفيف قيود السفر بداية شتنبر المقبل؛ السيناريو الثالث: انخفاض ب78 في المائة، بناءً على الفتح التدريجي للحدود الدولية وتخفيف قيود السفر بداية دجنبر المقبل. وبحسب المنظمة، فإن أثر السيناريوهات سالفة الذكر يمكن ترجمته في انخفاض قدره 850 مليونا إلى 1,1 مليار سائح دولي، وضياع 910 مليارات إلى 1,2 تريليون أورو كإيرادات للسياحة، وتهديد ما بين 100 إلى 120 مليون منصب شغل مباشر في القطاع. الانتعاش سنة 2021 حسب بحث أجراه خبراء المنظمة، من المتوقع أن يتعافى الطلب المحلي بشكل أسرع من الطلب الدولي، ويتوقعون أن تظهر علامات التعافي في الربع الأخير من السنة الجارية؛ ولكن بشكل خاص سنة 2021. واستناداً إلى تجارب الأزمات السابقة التي عرفها العالم، من المتوقع أن يتم استئناف السفر الترفيهي، ولا سيما المتعلق بزيارة الأصدقاء والأقارب، بشكل أسرع مقارنة بالسفر من أجل العمل. وتبقى الآراء المتعلقة باستئناف السفر الدولي أكثر إيجابية بخصوص إفريقيا والشرق الأوسط، حيث يتوقع معظم الخبراء حدوث انتعاش خلال السنة الجارية، عكس الأمريكيتين، بينما تبقى التوقعات متباينة بخصوص أوروبا وآسيا حيث يتوقع نصف الخبراء تحقيق الانتعاش خلال السنة الجارية.