نخصص في هذه الزاوية الرمضانية حلقات يومية من "الأرشيف الفرنسي" عن المقاوم زايد أوحماد، وعن غيره من الشخصيات المغربية، والأحداث التاريخية. استأثرت "قضية زايد أوحماد" باهتمام بالغ من السلطات الفرنسية، لأن الخسائر التي كبدها للجيش الفرنسي كانت كبيرة؛ فقد نفذ عمليات تصفية لعدد كبير من العساكر، سواء من الفرنسيين أو من المغاربة الذين يشتغلون معهم. مراسلات كثيرة في الأرشيف الفرنسي تتحدث عنه بتفصيل، ومن وجهة نظر فرنسية ك"قاطع طريق" و"مجرم"، إلا أن تقارير كثيرة خصصت كذلك لكل الذين كان على صلة بهم، كتقرير يتحدث عن رجل اسمه "سعيد أوعلي وْتاشَنَّات"، موضوع رسالة حررها عسكري فرنسي اسمه أليكس موجهة إلى القيادات العسكرية الفرنسية في الرباط، جاء فيها: "يسرني إخباركم أن موحى وعلي وْتاشَنَّات، الموقوف يوم 3 أبريل 1936، قد ذكر بعض الاعترافات بشأن زايد أوحماد، كما أشار القبطان هنري في تقريره السابق بشأن علاقة وْتاشَنَّات بزايد أوحماد"، مضيفة: "في غفلة من الحراسة، قام موحى وْتاشَنَّات بجرح حلقه، ولفظ أنفاسه متأثرا بهذه الجروح يوم 15 أبريل". لم تعط الوثيقة أي شرح لعملية "انتحار" هذا المقاوم المغربي، لكنها استطردت تتحدث عن بعض اعترافاته قبل موته بأن: "زايد أوحماد زار موحى وعلي وْتاشَنَّات ببيته ثلاث مرات؛ في أكتوبر 1934، في يناير 1935 ثم في أكتوبر 1935. وكان موحى وعلي يسكن في منزل صغير في قصر أيت عبد السلام، وفي ذلك البيت استقبل هذا اللص". وتنسب الوثيقة لموحى وعلي وْتاشَنَّات الاعترافات التالية: "جاء زايد أوحماد ليلا، اقترب من الحائط الخارجي للقصر، ورمى بعض الأحجار على سطح بيتي، وخرجت لأفتح له الباب ودخل". أما في المرة الثانية التي جاء زايد أحماد إلى بيت هذا الرجل، بحسب الرواية المنسوبة إليه في التقرير ذاته: "كنت مسجونا في بومالن، ولم يكن في البيت سوى أمي وزوجتي، كان ذلك في يناير 1935، جاء زايد أوحماد ليلا، رمى بعض الأحجار على سطح البيت، لكن زوجتي وأمي تملكهما الخوف، فهربتا دون إقفال البيت نحو بيت سيدي احمد أوعْمامو، فدخل زايد أوحماد لقضاء ليلته في بيتي المفتوح". وتضيف الوثيقة على لسان وْتاشَنَّات: "سيدي احمد أوعْمامو لم يكن حاضرا هو أيضا بمنزله، فقد ذهب نحو تودغى، ولم يكن في البيت سوى زوجته التي هي في الوقت نفسه أم زوجتي". وكمن يبحث عن صك اتهام للقرية بكاملها، بسبب زيارة زايد أوحماد لهذا القصر، فقد أورد كاتب التقرير أن: "قصر أيت عبد السلام بحسب ما يبدو من التصميم بناية شاسعة، بها ممر مركزي تطل عليه أبواب بيوت الساكنة كلها، وكي يصل زايد أوحماد إلى بيت موحى أوعلي لا بد له أن يمر بغالبية أبواب المنازل، ومن المستحيل، ولو ليلا، أن يكون عابرا بالممر دون أن يلتقي شخصا واحدا". لم نعثر على التصميم المذكور في التقرير لقصر أيت عبد السلام في أيت مرغاد نواحي امسمرير وتيلمي، إلا أن تلك البناية حاليا تهدم جزء كبير منها، وأصبحت مهجورة، باستثناء أسرة ما تزال تقطن في هذا المكان الذي شهد أحداثا وفواجع قديمة. ثم يؤكد العسكري الفرنسي تبوث التهمة بقوله: "على الرغم من إنكار الناس، ففي اعتقادي، فإن جميع ساكنة قصر أيت عبد السلام على علم دقيق بأن زايد أوحماد تمت استضافته من طرف موحى أوعلي وْتاشَنَّات، لذلك فإني أرى بأن جميع السكان يستحقون عقابا، وأكثرهم جرما ثلاثة أشخاص هم جيران موحى وعلي، وهم: ميمون أوعلاموش: كان شيخ قبيلته في 1934 و1935، وهو عم موحى وعلي وتاشنات، ولا يمكن أن يجهل ما يحدث بمنزل ابن شقيقه، ويسكن قصرا مجاورا لقصر أيت عبد السلام، كما أن المدخل الوحيد إلى هذه البناية يقع قبالة ذلك الممر المركزي الذي يعبره زايد أوحماد عند مروره نحو مستضيفه. باسو أوزعْبِيضْ: كان مقدم القصر، ويوجد منزله بين منزل موحى وعلي وْتاشَنَّات، ومنزل سيدي احمد أوعْمامو، كما أن ثقبا يوجد في حائط المنزل يمكنه من رؤية منزل موحى وعلي، حيث أقام زايد أوحماد ثمانية أيام. وهذا يؤكد أن باسو وزابيد كان على علم بما يحدث. عدي وعلي أوزعْبِيضْ: هو الأخ الشقيق لباسو أوزعْبِيضْ. هؤلاء الاثنان ملتصقان. وغالبا، فإن باسو زعبيض توصل بأسرار من شقيقه. وبالأخذ بعين الاعتبار كل هذه المعطيات، فقد تم اتخاذ عقوبات في حق ساكنة قصر أيت عبد السلام كما يلي: ميمون أوعلاموش: سنتان سجنا و3000 فرنك غرامة. باسو أوزعْبِيضْ: سنة واحدة سجنا و1000 فرنك غرامة. عدي وعلي أوزعْبِيضْ سنة سجنا و500 فرنك غرامة. سيدي احمد أوعمامو: سنة سجنا و500 فرنك. موحى ويدير نايت علاموش 500 فرنك غرامة. باسو ويدير نايت بن داود 500 فرنك غرامة. باسو ويدير نايت سي حمو 500 فرنك غرامة. يدير وحمو نايت حداني 500 فرنك غرامة. شاعو وحمو نايت حداني 500 فرنك غرامة. سيدي أحمد وموحى نايت الحبيب 500 فرنك غرامة. مبارك أوعلال 500 فرنك غرامة. باسو ويخلف نايت الغازي 250 فرنك غرامة (وتوضح الوثيقة في حاشية أن هذا الرجل لا يملك إلا المتاع القليل جدا، لذلك تم تقليص غرامته). داود أوسي حمو 500 فرنك غرامة. سعيد أوباسو نايت علاموش 200 فرنك غرامة (يعمل راعيا عند أيت حديدو، وحدها أمه تسكن قصر أيت عبد السلام). حساين أوحمو نايت حداني 500 فرنك غرامة (يسكن رفقة أخ يدير أوحمو نايت حداني). (يتبع)