بالرجوع إلى ما مجموعه 113 ألف مقاولة مغربية التي أعلنت بتوقفها مؤقتا عن العمل منذ 15 مارس الماضي، نتيجة التأثر بتداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد، نحن أمام أزمة كبيرة جد معقدة يصعب على المسؤولين عن المقاولات احتواء جوانبها بطريقة محددة واستيعابها بطريقة استباقية. فمن خلال التركيز على تجنيبهم التعرض لخطر الإصابة مع الأخذ بالاعتبار تداخل وتفاعل المستويات وتحديد شروط الاستفادة من الدعم الحكومي للمقاولات المتضررة من هذه الجائحة، يمكن لمسيري المقاولات أن يسلكوا الطرق والوسائل التالية: الدعم الحكومي والمالي التواصل الواضح والناجع. تشخيص وتتبع توقعات خزينة المقاولة. الاشتغال وتبادل الآراء مع الفاعلين بمنظومة القطاع. تحديد أولويات شريحة الزبناء المستهدفة. الدعم الحكومي والمالي تحديد هل وكيف يمكن للمقاولة الاستفادة من القرارات الممنوحة من طرف الحكومة: الضرائب؛ صندوق الضمان الاجتماعي... كذلك إمكانية الاستفادة من التسهيلات البنكية الجديدة، علما أن مجال المساعدات العمومية والسياسة البنكية هما في تحويل مستمر، ويجب على المسؤولين بالمقاولات مناقشة وتسهيل سبل الشروحات الضرورية عن استفسارات الأطراف المتداخلة وسبل الاستفادة من المساعدات والدعم من أجل تسيير تصحيحي للمقاولة خلال جائحة كورونا. التواصل الواضح والناجع في مثل هذه الظروف ينبغي المحافظة على قناة مفتوحة دوماً للتحاور والتواصل بين العامل والشركة، وسلوك طريقة شفافة وصادقة لتجنب نشوء قنوات موازية وغير مفيدة للتحاور تخفي أية محاولات لنشر الشائعات والأكاذيب. كل شركة تسعى بكل جهدها إلى التأسيس لتواصل داخلي فعال بينها وبين جميع الموظفين والعاملين فيها، تحظى بالعديد من المزايا والفوائد: السرعة في التواصل بشأن المستجدات التي تحدث؛ يحظى العاملون بمرونة أكبر حيال المتغيرات باعتبار أنهم يواكبون جميع المستجدات التي تمر بها الشركة، ومن المنطقي أن يعمل ذهنهم على إبداع حلول أو بدائل بشكل أسرع؛ السرعة في اتخاذ القرارات والتي تتناول رأي الجميع بناء على معلومات مستمدة من الواقع؛ زيادة شعور العاملين بالانتماء للشركة التي يعملون فيها؛ الكشف عن أية مواطن للضعف أو مشكلات لحظة ظهورها؛ الكشف عن أية فرص أو مواهب يمكن أن تظهر لدى أحد العاملين ولم يتم الانتباه لها من قبل، وزيادة إنتاجية العاملين. تشخيص وتتبع توقعات خزينة المقاولة عرف السلوك العادي للصرف خلال الأزمة تحولات جذرية، الشيء الذي أثر على سيولة خزينة المقاولة. فمثلا، تداعيات جائحة فيروس كورونا "كوفيد -19" وآثارها على المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي أصبحت تواجه عدة إكراهات ترتب عنها عدم القدرة على الوفاء بالتزاماتها الضريبية المتعلقة بالإدلاء بالإقرارات وأداء الواجبات المستحقة المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب. ولهذا يجب على المسؤولين بالمقاولة من جهة مراجعة توقعات حركية الخزينة على المدى الأسبوعي، ومن جهة أخرى إنجاز وتشخيص السيناريوهات الممكنة والمحتملة. فكل من خريطة الإنجازات المحتملة وتنميط حركية الخزينة لمختلف مستويات عراقيل الأنشطة يصب في صالح المقاولات بكافة مستوياتها، ويساهم في توسعة السيولة النقدية بخزينته. كما أن التوفر على معلومات دقيقة ومهمة يمكن مناقشتها مع الأطراف المتداخلة الرئيسية، المديرية العامة للضرائب والمانحين للصرف. الاشتغال والتشاور مع الفاعلين بمنظومة القطاع الإنتاجي للمقاولة جعل المقاولة أكثر انفتاحا وأكثر شفافية على محيطها الخارجي. ففي حالة ما إذا تعرضت المقاولة لضعف الاحتياطي المصرفي يمكن أن تتخذ قرار تأجيل النفقات المهمة، بطلب ومناقشة التوافقات مع المالكين للمقاولة أو بطلب الزيادة في الدين من طرف المانحين. تحديد أولويات شريحة الزبناء المستهدفة في ظل انعدام رؤية واضحة للمستقبل، بحيث أن الزبناء لا يلتزمون بالمصاريف المتوقعة، وفي ظل غياب أحداث مالية مهمة يجب على المقاولة أن تتأقلم وتكون قادرة على متابعة التأقلم مع الطلب المحتمل لمنتوجاتها وخدماتها، من أجل التحكم في المبيعات وخطط الطوارئ. علما أن المعلومات في هذا الصدد هي جد مهمة من أجل التفاوض والتحكم مع الأطراف المتداخلة الرئيسية كالمانحين أو المالكين للمقاولة. وفي حالة ما إذا كانت المقاولة تستهدف سوقا مكونا من زبناء في مجال الأعمال، يجب تحديد مستوى التداعيات عليهم، من خلال التركيز على من هم بحاجة للدعم، وتقوية العلاقات وبناء قواعد منظومة للبيع والأداء المستدام. *أستاذ باحث بالكلية المتعددة التخصصات بأسفي