(1) خلال أيام الحجر الصحي، وصلتني - كغيري ممن ابتلاهم الله بحب المطالعة - دعوات كثيرة من أصدقاء كثر يرغبون في أن أتقاسم معهم اهتماماتي القرائية وعناوين الكتب التي اطلعت عليها أو أنوي أن أفعل خلال هذه العزلة الاضطرارية. ولأنني لست فايسبوكيا، فقد كنت دائما أعدهم بأنني سأفعل، ولكن من خلال مقال في هذا الاتجاه، ويبدو أن حَيْنَه قد حان. أود أن أشير بداية إلى ثلاثة أمور أراها مناسبة وأساسية في هذا المقام قبل أن أستعرض معكم اختياراتي : أولا: لست - والحمد لله - ممن وجدوا أنفسهم يعيشون فجأة وضعا غير طبيعي لا يطاق؛ ذلك أنني أستطيع أن أتعايش مع وضعيات اجتماعية كثيرة، ليس من ضمنها مصاحبة التلفاز أو الهاتف الذكي... أو مجالسة الثرثارين. فقد تعلمت - مثلا - أن أعتزل التلفاز لمدة أيام، ولولا ضرورة متابعة ما يجري ويدور من وقائع وأحداث، والرغبة في الاطلاع على ما يقال ويكتب في شؤون السياسة الاجتماع والثقافة لامتد صومي على ذلك الجهاز- بدون مبالغة - لشهور طويلة دون أن أجد أي حرج أو نقص، خاصة وأن حتى تلك الضرورات التي تفرض عليّ أن أجالسه في بعض الأحيان موجودة على شبكة الإنترنيت، ويمكن بالتالي أن أتابعها في الوقت الذي يناسبني، وليس في الوقت الذي يُفرض عليّ. فبقائي في البيت إذا، ولمدة طويلة - بوجود الزوجة ومطالبها والأبناء وشغبهم - لا يشكل لديّ أي مشكلة، بل تعاملت مع هذا الحجر باعتبارها مناسبة عظيمة لا تتاح للإنسان كل يوم للانفتاح أكثر على الأولاد ومصاحبة أعمق للزوجة، وكذلك فرصة لتجديد معرفتي بما تعلمته من شؤون الطبخ والكنس أيام كنت طالبا أفاقيا في الجامعة..!! ثانيا: الأمر الثاني أنني، ومن خلال تواصلي مع الكثير من الأصدقاء والجيران وأفراد العائلة، "تذوقت" نعمة غير متاحة لكل الناس- وما أكثر تلك النعم التي نحن غارقون فيها إلى الأذقان دون أن نحس بقيمتها، لأنها محققة ومعاشة، ولا نعي بأهميتها إلا بعد زوالها - أقصد نعمة أن يكون البيت الذي تسكنه واسعا، وأفراده يجدون المكان الذي يمارسون في هواياتهم وخصوصياتهم. فما أصبح معروفا الآن للجميع أن الكثير من أسرنا حاليا - خاصة في الأوساط الشعبية، وما يصطلح عليه ب"البناء العشوائي" - تعيش على نار ملتهبة، بل هي في وسطها وضحضحها؛ فهؤلاء الذين يسكنون في مساحة ضيقة ولم يتعودوا أن يتعايشوا مع بعضهم، لأن كل واحد منهم كان تائها في عالمه الخاص والمستقل، هؤلاء لا يعرف حالتهم النفسية الآن سوى الله تعالى، ومن ثم فالنتائج الاجتماعية لهذا الحجر الصحي ستكون كارثية لا قدر الله - خاصة على المرأة والأطفال. فهل يمكن أن تطلب من قارئ، هذه ظروفه، أن يشاركك مقروآته؟ ! فالحمد لله أن أوجدني في بيت زوجته متفهمة، وأطفاله يتقاسمون زمنهم النهاري - بعيدا عني - بين التلفزة والهاتف والمشاغبة واللعب - رفقتي - في السطح... والقليل من "الدراسة عن بعد"، هذه الأخيرة التي عرّفتنا قيمة الأستاذ وأوقفتنا على حجم الضغوط والإكراهات التي يلاقيها أثناء ممارسة وظيفته دون أن نقابله بما يستحق من اعتراف بدوره وثناء على مهمته. والحمد لله أيضا أن منحني حيزا مكانيا - رغم محدوديته - أصاحب فيه الكتاب مدة طويلة دون أن يشاغب علي أحد. ثالثا: من عادتي أن أنجز: قراءة وكتابة، في أيام الله العادية، حيث العمل وانشغالات الأسرة والمجتمع، أكثر مما أنجز في الأيام الاستثنائية، كالعطل المدرسية مثلا. وربما هذا الأمر عائد بالأساس -.شأني شأن الكثيرين - إلى عدم امتلاكنا ثقافة كافية في تدبير "الزمن الفارغ"، وعليه فالكتب التي قرأتها والمقالات التي كتبتها كانت بين يدي في غير يوم الأحد أو أيام العطل بما فيها العطلة الصيفية. ومن ثم - كما سترون - كانت مقروآتي خلال أيام الحجر الصحي خفيفة ظريفة (الأدب والنقد خاصة)، أو عبارة عن إعدادات لبعض ما سبق وأن قرأته قديما واعتقدت أنه مهم. (2) أعدت - أولا - قراءة متون وأدبيات كثيرة من صميم التزاماتي التربوية والأيديولوجية، والتي لا أجد أي داع لأن أشير إليها لا من قريب ولا من بعيد، لأن بعض القراء - شافاهم الله - لهم حساسية مرضية من ذكر بعض الأسماء، ويمكن أن ينفض يديه منك ومن كل ما تكتبه، فقط لأنك تذكر زيدا وتقرأ لعمرو، لهذا أريد أن أبقى في نظرهم مقبولا حتى "يقرأونني" إلى النهاية.. ولكن ليحذر هؤلاء، فالسم موجود هناك في العسل..!! غريب أمر هؤلاء، تجد الواحد منهم يطلع على ما ينتجه جميع أجناس أهل الأرض، من ما قبل حمورابي إلى ما بعد فوكوياما، ويحتفي - إلى حد الجنون - بتجارب الآخر مهما كانت بسيطة ومتواضعة ومطروقة، ولكن سحنته تنقلب - والعياذ بالله - بتغير حُشاشة قلبه إذا حدثته عن بني جلدته من الإسلاميين خاصة، فتجد الحكم جاهزا دون أي دراية أو تحقيق. فالميراث الفكري للبنا - مثلا- والمودودي وسيد والندوي والترابي وياسين والغنوشي وغيرهم من مدرسة التجديد الإسلامي مرفوض مبعد مبدئيا وقبل أي كلام. إنها المراهقة الأيديولوجية في بعض صورها البشعة. (3) أعدتُ قراءة كتاب "كتب وشخصيات" لناقد أصيل وخطير اسمه سيد قطب ! (سيد قطب مرة أخرى !) لأني لم أستمتع به يوم اطلعت عليه في نسخة إلكترونية، وهو في الأصل مجموعة من المقالات في نقد وتقييم عدد من الكتب والروايات والمجموعات القصصية والمسرحيات والبحوث والتراجم، وقدم بين يديها بثلاث مقالات عميقة حول "وظيفة النقد" و"في أصول النقد" و"في عالم الشعر". ومن بين الأسماء التي تناولها بالنقد نجد طه حسين وتوفيق الحكيم والمازني وميخائيل نعيمة ويحيى حقي ومحمود تيمور ونجيب محفوظ وجودت السحار والزيات، وغير هؤلاء من الكبار. لقد أراهم - كما صرح في الإهداء - صفحة وجوههم في المرآة، دون أن يهتم أبدا بغضب من غضب ورضى من رضي، وقد التزم بذلك غاية الالتزام... لقد كان في كتابه هذا كبير من جملة الكبار. وهذا المتن دفعني أن أعود إلى نصوص شتى تسجل العلاقة الملتبسة التي جمعت سيد بمحفوظ، حيث كان صاحب "التصوير الفني في القرآن" أول من كتب عن صاحب "الثلاثية" يوم كان هذا الأخير في أولى خطواته الأدبية، حيث نقد روايته الأولى "كفاح طيبة" وثنى بمقال آخر حول رواية "خان الخليلي"، وبشر - من ثم - بميلاد أديب مصري حقيقي. ومن المؤكد أن محفوظ لم ينسها له، فزاره في بيته بعد خروج سيد من السجن، مع علمه بأنه يمكن أن يدفع ثمنا باهضا جراء خطوته تلك، ولكنه أفسد هذا الموقف في نظري بما كتبه عن سيد في "المرايا" بشكل غير لائق، ولكن بطريقة غير مباشرة، وذلك في قصته (البورتري) المعنونة ب"عبد الوهاب إسماعيل". ودفعني أيضا للعودة لقراءة بعض الجولات في "المعارك الأدبية" التي اشتعل لهيبها بين فطاحلة الفكر والأدب في مصر خاصة، وكان أطرافها بالإضافة إلى الأسماء السابقة: الرافعي والعقاد ومحمود شاكر وزكي مبارك. هذه المعارك كان سيد قطب جزءا منها باعتباره تلميذا متعصبا جدا للعقاد، ولكنه ترك هذا الطريق يوم أصبحت له شخصية مستقلة فغدت له مواقفه الخاصة واختياراته الشخصية، وهو ما لم يرق لأستاذه السابق، الذي لم يكتب ولو حرفا واحدا يوم بدأ سيد يُسوّد كتبا وينشرها، وهو ما حزَّ في نفسه وترك فيها جرحا غائرا عبّر عنه بحزن وأسى عميقين في رسالته لأحمد أمين والتي نشرها الخالدي في كتابه القيم "سيد قطب: من القرية إلى الاستشهاد". (4) قرأت كتيبا نقديا جميلا لمحمد مندور عنوانه "مسرحيات شوقي"، عبارة عن عدد من المحاضرات ألقاها سنة 1954 بين يدي الطلبة المختصين بأحد المعاهد الجامعية، وفيها يبرز الجيد من الرديء في الأعمال المسرحية لصاحب "مصرع كيليوباترا"، دون أن يرف له جفن من عظمة شوقي وهيبته. وهذا سلوك نقدي أصيل في مندور، فمن يقرأ له "النقد المنهجي عند العرب" و"النقد والنقاد المعاصرون" و"مسرح توفيق الحكيم" وغيرها، يعرف أنه صاحب مدرسة ومنهج رائدين... لهذا أحترمه وأقدر نقدياته. (5) قرأت "المدائح النبوية في الأدب العربي" للدكاترة..! زكي مبارك، حيث قام بدراسة وافية للنصوص الشعرية للكميت ودعبل والشريف الرضي ومهيار والبوصيري وابن حجة الحموي وابن نباتة المصري. وأثناء مصاحبتي لهذا الكتاب تأكدت تماما أن مؤلف "النثر الفني في القرن الرابع" و"الأخلاق عند الغزالي" بقدر علو قامته في عالم الأدب، بقدر دنوها الكبير في عالم التصوف. لقد ظهر وكأنه لا يفرق بين أبجديات التصوف، ومع ذلك يتخذ أثناء الحديث عنه مواقف كبير ويبني عليها بناءات شاهقة، فتيقنت تماما أنه "موقف نفسي" وليس نابعا من بحث وتقصي. ومن له أدنى شك فيما أقول ما عليه إلا العودة إلى كتابه "التصوف الإسلامي، في الأدب والأخلاق" ليقف على حجم التهافت الذي سمي بحثا. (6) قرأت "الشرق الفنان" لزكي نجيب محمود المدافع - إلى حد الموت - عن الفلسفة الوضعية المنطقية في العالم العربي، والمفتون بمقولاتها، والمروّج لها، وفيه يفرق بين الشرق (الصين والهند وما جاورهما) باعتباره صاحب نظرة عاطفية للوجود، فهو من ثم "فنان"، وبين الغرب (أوربا وأمريكا) باعتبار نظرته عقلية علمية، ويؤكد - بمنطق من يمتلك الحق المطلق - أن بينهما طرف وسط، يسميه "الشرق الأوسط" يجمع بين الرؤيتين (العرب). وفي الحقيقة، لا بأس على زكي فيما ذهب إليه في كتابه هذا مادام قد صرح في آخر مقدمته بأنه جعل منه رسالة "أقرب إلى السمر منه بحث علمي"..!! (7) قرأت "أبو الطيب المتنبي" لعباس محمود العقاد، صاحب الهيبة والهيلمان زمن حياته وبعد مماته. والذي لا يمكن لأي قارئ مهما كانت ثقافته إلا أن ينحني أمام قامته، ولو عدد ما قدر عليه مما لا يعجبه فيه ولا يروق. أحكام العقاد الصارمة - صرامة وجهه - خلقت له أعداء أبديين، وهجومه الكاسح على رموز فكرية وأدبية - والذي بدا في كثير من الأحيان وكأنه انتقام وسادية - وهو ما فعله مثلا أثناء هجومه على حافظ وشوقي والرافعي خلق في نفوس بعض محبيه وتلامذته أدبيات لا ترحم أثناء النقد. المقالات التي تضمنها هذا الكتاب كلها ذات قيمة، وقد أفادني أيما إفادة، خاصة إذا قورن بكتاب طه حسين "مع المتنبي" الذي حط فيه على شيخنا المتنبي مرة بالحق، ومرات ب"التلفيق"... ولكن لا ضير إذا ما عرف السبب؛ إنه الحسد وكثرة أهله كما عبر العقاد. (8) في عالم الرواية قرأت ثلاثة متون: الأول تحت عنوان "قمر فاس" للروائية المغربية فضيلة الوزاني التهامي، وتحكي عن أمور نعرفها جميعا، بل وعندنا تخمة معرفية حولها، ولكنها استطاعت رغم ذلك، ورغم بساطة بنائها الروائي والتقنيات السردية المستعملة، أن تأخذ بتلابيبي إلى منتهاها. وهذا أكبر نجاح يمكن أن يلاقيه أي عمل روائي. ورغم ذلك سجلتُ عليها ملاحظتين اثنتين: الأولى، أنها حكت لنا في البداية، وبضمير المتكلم، مجموعة من الأحداث وقعت في حياة الطفلة/الراوي عندما كانت صغيرة جدا، وربما رضيعة، في حين يستحيل على الإنسان أن يتذكرها وهو في مثل هذا السن، فكان عليها إذا أن تُنوّع من زاوية نظر الراوي وتستعمل ضمير الغائب مثلا. والثانية، أنها أنهت روايتها دون أن تخبرنا ما الذي فعلته "قمر" بطلة الرواية بما ترسّخ في ذهنها ونفسها من أصولها اليهودية؛ هل أسلمت، أم أخفت أصولها، أم حنت إليها، أم قامت بالبحث عن عاداتها وعوائدها وطقوسها، خاصة وأنها كانت في سن الوعي عندما اختطفت من بلادها درعة. ولقد زادني صديقي محمد الشّقّاف - ذلك العشّاق الكبير للكتب - زادني ملاحظة ثالثة، مفادها أن الطفلة وهي بين يدي خاطفها من درعة إلى فاس، لم تسجل مطلقا أحاسيسها في مثل هذه الأوضاع، من خوف وهلع واستجداء واستعطاف، ومحاولة الدخول في حوار مع الخاطف لمعرفة السبب والوجهة. ورغم كل ما يمكن أن يقال حول اللغة والبناء والتقنية فإن الرواية جميلة وتستحق القراءة والاحتفاء... هنيئا. الرواية الثانية، هي "الملف 42" للواعد المغربي عبد المجيد سباطة، صاحب جائزة المغرب صنف السرد سنة 2018 عن روايته "ساعة الصفر". الرواية في بنائها وتقنياتها - حسب علمي - عمل غير مسبوق عربيا، ولا ندري عالميا، فتركيبها متشابك (فحال الخيوط ملي كتشربك..!! ) إلى درجة أن قراءتها أتعبتني، كما أتوقع أنها أتعبت صاحبها أثناء كتابتها. وقد مططها كثيرا ليخدم هدفا - أحييه عليه - وهو إعادة فتح ملف "الزيوت المسمومة" التي ذهب ضحيتها الآلاف من المغاربة خاصة في مكناس جراء خلط زيوت المائدة بزيوت الطائرات، ومازال لحد الآن الكثير منهم يعاني في صمت دون أن تتحمل الدولة مسؤولياتها الاجتماعية. المتن الثالث، هو رواية "الجوع" للروائي النرويجي كنوت هامسون، الحائز على نوبل للآداب عام 1920، وكان قد أشار علي أحد الأصدقاء بضرورة قراءتها، بعدما حكيت له عن جمالية رواية "الحمامة" لزوسكيند صاحب تحفة "العطر: قصة قاتل"، باعتبارها من عيون الرواية النفسية، أي أنها - في اعتقاده - تضاهيها إن لم تكن تتفوق عليها بكثير. ولكني بالكاد أنهيتها، لأنها بمثابة صور كثيرة مكرر ونمطية لنفس المشكل الاجتماعي - النفسي، أي الجوع وآثاره على شخصية الإنسان الفرد. لقد غدت بعد صفحات قليلة مملة، وكان يكفي صاحب "واخضرت الأرض" أن يكتبها على شكل قصة قصيرة. (9) قرأت "المزايا فيما أحدث من البدع بأم الزوايا" لمحمد بن عبد السلام بن عبد الله الناصري، المتوفي سنة 1239 ه والذي عدّد فيها مجموعة مما اعتبره انفلاتات دينية وتحولات تربوية ظهرت في الزاوية الناصرية بتامكروت بعد وفاة الشيخين المؤسسين، مثل تأخير صلاة الجمعة، وذبح غير إمام الصلاة أضحيته بالمصلى قبل ذبح الإمام، والرجوع من الصلاة بالهيللة ورفع الأصوات، والتساهل في الزكاة، وصرف الأحباس في غير مصارفها الشرعية، وإجبار سكان الزاوية على الحصاد، أو الدراس أو جني الثمار.. وغيرها كثير. وكنت سابقا قد قرأت حول أصول هذه الزاوية وأدوارها التربوية والعلمية والاجتماعية والسياسية ورجالاتها بعض المصادر وفصولا من أخرى، مثل "طلعة المشتري في النسب الجعفري" للمؤرخ أحمد الناصري، و" الدرر المرصعة بأخبار أعيان درعة" لمحمد المكي بن موسى بن ناصر الدرعي، و"الإحياء والتجديد الصوفي في المغرب" لأحمد البوكاري. وقد أثارني يومها تلك الأدوار المتقدمة التي كانت تقوم بها، وكذا مواقفها السياسية، وتوقّفها الشديد عند أحكام الشرع، ومحاولة الاتّباع الكامل للسنة النبوية، وكذا استوقفني رجالات العلم والأدب الذين كانوا إما من تلامذتها ومريديها، أو كانوا في علاقة طيبة مع شيوخها، مثل اليوسي والتستاوتي. (10) قرأت أيضا كتابا مترجما، أصدرته "المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات" في أكثر من 650 صفحة، يضم مداخل وحوارات مع العديد من القادة السياسيين في العالم، والذين كانوا فاعلين في بلدانهم زمن التحول إلى الديمقراطية: كاردوزي من البرازيل، آيلوين ولاغوس من الشيلي، وكوفور من غانا، ويوسف كبيبي من إندونيسيا، وزيديلو من المكسيك، وراموس من الفلبين، وكفاشينيفسكي ومازوفسكي من لواونيا، ودوكليرك ومبيكي من جنوب إفريقيا، وغونزاليس من إسبانيا. وكلهم أصبحوا فيما بعد رؤساء دولهم، فقدموا شهادات غنية وثرية حول قضايا كثيرة، من قبيل: التعبئة الاجتماعية، وبناء التحالفات، وبناء الإجماع من أجل التغيير، وتجربة المنفى، والتغيير من داخل النسق أم من خارجه، والانتكاسات، وبناء الدستور، ومسألة نظام الحكم، ودور الجيش في الإصلاح الدستوري، والانتخابات الأولى بعد الانتقال، وكيفية التعامل مع الأزمات خاصة الاقتصادية، وضرورة السيطرة المدنية على القوات المسلحة، والعدالة والمصالحة، والتأثير الدولي وتدخلات القوى الإقليمية. الكتاب مفيد جدا لكل السياسيين الذين يطمحون للتغيير في بلدانهم، وكذا للأكاديميين الذين يعملون على فهم كيف عبَرت العديد من دول أمريكا اللاتينية وجنوب أوربا، وغيرها، من الديكتاتورية نحو الديمقراطية، وقد نشرته دار الشروق بتقديم الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي. (11) هذا الصباح، جاء دور كتاب "جمهورية الأداب في العصر الإسلامي الوسيط، البنية العربية للمعرفة" لمحسن جاسم الموسوي، مترجم، نشرته الشبكة العربية للأبحاث والنشر.