قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار. وإن العبد ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ". لا حديث للرجال هذه الأيام، إلا عن ذلك الشيخ الكبير(كبير في السن طبعا) والوحيد الأوحد، الذي لم ينقرض بعد، الشيخ الديناصور والكاتب المغمور، شيخ الصحفيين وكبير الإعلاميين ، كما سمى نفسه بنفسه ذات مقال. جاء إلى عالم الصحافة، في غفلة من أهلها، و بالمصادفة. ومنذئذ، فهم الناس أن السلطة الرابعة سيدخلها، في ما بعد، كل من هب ودب . وعن طريق الوساطات، ومن دون شهادات أو تكوينات أو حتى تدريبات أو تمرينات، دنى السيخ فاغتنى وتملق فارتقى ، حامت حوله الشبهات وخضع للتحقيقات. يكتب فيكذب ويروي فيفتري . وعلى مر السنيين، لم يستو قلمه أو تستقيم لغته أو يتطور أسلوبه أو يتجدد خطابه، يخيل إليه، من سنه، أنه لازال يكتب صحافة ويمارس إعلاما. يتباهى في القوم أنه عاصر أجيالا وأجيالا وعاشر نجوما وأهرامات وعايش ملوكا ثلاث . اتفق كل المعلقين على أنه لا يتقن فن الكتابة ، فقط يحبك خيوط الرواية وسرد القصة والحكاية، وبأن جل كتاباته لا تساوي "جوج فرانك".. بعيد البلا (...) . ويلي ويلي على "راجل"، يخالط النساء ، يثرثر معهن ويستمع لحديثهن وما يدور بينهن ، علق الجنرال، زوج المرأة التي وضعت كفها على خدها ، فظهر الخاتم الضخم على بنصرها وتمنه يساوي ثمن دبابة، وعلى كل واحدة من أدنيها لؤلؤتان ، كل واحدة منهما تساوي ثمن طائرة نفاثة. (على حد تعبير الشيخ المجوهراتي والخبير العسكري في العتاد الحربي). غضب الجنرال غضبا شديدا وثارت ثائرته وراح يسأل عن الشيخ ومن يكون وعن صحة ما يشاع حوله وعن المناسبة التي جمعته بزوجته، حتى نظر إليها وإلى كفها وخدها وبنصرها وأذنيها، لكن الجنرال ولما علم ما علم من أمر "الرجل"، هدأ روعه وزالت ظنونه وانتفت شكوكه . ما أسهل الكذب يا شيخ ، بل ما أقبحه وما ألعنه . قالوا يا رسول الله، أيزني المؤمن؟ قال بلى. قالوا، أيسرق المؤمن؟ قال بلى. قالوا، أيكذب المؤمن؟ قال لا. وتدخل الوزيرة مع أعضاء الحكومة وتخضع مثلهم للطقوس البرتوكولية التشريفاتية ، ترتدي جلبابا مزخرفا،لا شك أن الشيخ ( وهو الحاضر دائما في كل الاستقبالات والمدعو لجميع المناسبات واللقاءات)، اقترب منه بل ولمس ثوبه. فنظر نظرة في الرسوم وحدد له الثمن المعلوم. كما رأى الشيخ الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله وهو ينظر إلى أرجل وزير "غير الاتحادي" وهو يلبس حداءا مخالفا لأعراف الأناقة الفرنسية، فجر ابنه (يقصد الشيخ هنا، الأمير الجليل مولاي الرشيد)، ويقول له قل للوزير أني خصصت من الآن ومن ميزانية القصر منحة سنوية لكل وزير، بقيمة ثلاثين ألف درهم، لكي يصلحوا هندامهم. فقال الأمير للملك بأنه هو الذي أعطى الوزير الكرافات التي كان يلبسها، وأخبر الأمير بعد ذلك الوزير بالقرار الملكي، وفهم الملك لما رأى حداء الوزير بأن دار المخزن أصبح يدخلها كل من هب ودب (ولست أدري كيف استطاع الشيخ أن يعلم حينها ما دار في خلد الملك). شيخ الصحافيين وكبير الإعلاميين. الحقيقة أبدا لا تضيع. فإذا كنت تكذب على الأحياء فتلك مصيبة وإذا كنت تكذب على الأموات فالمصيبة أعظم. شيخ الصحافيين وكبير الإعلاميين. أنصحك أن تقلع عن مخالطة النساء . وإذا لقيت زوجة الجنرال فلا تمعن النظر إليها وإلى كفيها وخدها وبنصرها وأذنيها. فغض البصر عندنا من الحياء والحياء شعبة من شعب الإيمان. شيخ الصحافيين وكبير الإعلاميين. إذا أردت الكلام عن الملك والأمير و الوزيرة و الوزير، فاغتسل وتوضئ ثم تمضمض ثلاثا وفكر ثلاثا مثلها، قبل أن تكتب، تم أكتب من دون أن تكذب. "تم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين" "إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون" "ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا وهو يدعى إلى الإسلام". وللتنبيه، فإن جميع الشخصيات هنا حقيقية. وإن أي تشابه بينها و بين شخصيات الشيخ الخيالية، هو مجرد صدفة.