نفى وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، أن يكون بمدينة تمارة أي مكان للتعذيب، وقال الأحد 15 ماي، ضمن تصريح صحفي إن "الأمر يتعلق بالمقر الإداري للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ".. مضيفا: "إننا نشتغل بما يلزم من الشفافية المطلقة حتى ينكشف للجميع أن الأمر يتعلق فعلا بمقر إداري لإدارة مراقبة التراب الوطني ولا يتعلق الأمر إطلاقا بمكان للتعذيب". معنى هذا الكلام أن شهادات أولئك المعتقلين الذين ذاقوا الويلات في هذا المعتقل السيئ الذكر وعلى رأسهم بوشتى الشارف مجرد أراجيف أو أضغاث أحلام، لم يجدوا طريقا للانتقام من الدولة إلا أن يختلقوا جملة من السناريوهات الكاذبة تشويها للعهد الجديد الذي طوى ملف الانتهاكات السالفة في ما يعرف بسنوات الرصاص بإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، وقرر القطع النهائي مع دولة الانتهاكات لحقوق الإنسان!! معنى هذا الكلام أن بوشتى الشارف وزملاءه الذين تواطؤوا على الكذب، مطالبون بتقديم اعتذار واضح للشعب المغربي الذي تمّ تضليله، ولدولة الحق والقانون التي تم تشويه سمعتها في الداخل والخارج، والتي لا شك ستحتفظ بحقها في المتابعة القانونية لهؤلاء الإرهابيين بتهمة القذف!! واعتذار خاص لهذه الشابة الشجاعة " غزلان " التي لم تأل جهدا في الدفاع عن الشارف وزملائه، معرضة نفسها للمخاطر. معنى هذا الكلام أن مكان بوشتى الشارف وزملاءه، ليس السجن، وإنما المسرح أو السينما، لأن الحديث عن إدخال القراعي في الدبر وضرب القضيب والاغتصاب، مصحوبا بتلك الصورة الهيستيرية التي روى بها الشارف ما تعرض له، لا يمكن أن يحسنه إلا متمرس على التمثيل!! معنى هذا الكلام أن السيد الناصري يقلب معادلة " الكوجيطو" التي بنى عليها الفيلسوف الفرنسي ديكارت عقلانيته مستعملا الشك للوصول إلى اليقين : " أنا أشك إذاً أنا موجود " !! فالناطق الرسمي باسم الحكومة السيد خالد الناصري لا يمكنه أن يطلق الكلام على عواهنه، و لا يمكنه أن يدلي بتصريحات في موضوع شغل الرأي الوطني والدولي قبل أن يجري تحريات دقيقة بشأنه!! فهو يتحدث باسم حكومة منتخبة، لم يبق من عمرها إلا بضعة شهور لتخضع لتقييم شعبي من خلال أول انتخابات بعد الدستور المرتقب، فضلا عن كونه رجل مسلم اشتعل رأسه شيبا، يعرف خطورة الكذب في ميزان الشرع، وهو مقبل على ربه فسائله عن تصريحاته في حق شباب يزعم أنه تعرض لانتهاكات يشيب لها الولدان !!يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَمَا يَزَالُ الْعَبْدُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا)، ويقول أيضا : ( آيات المنافق ثلاث : إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أتمن خان ). لا بل إن السيد الناصري صرح بأن وزير العدل أعطى التعليمات للنيابة العامة كي تقوم بالتحريات القضائية اللازمة بعين المكان، وأن المجلس الوطني لحقوق الإنسان بصدد القيام بنفس المهمة في نطاق ما هو مكلف به من وظائف من خلال قانونه والظهير المنشئ له، وزاد: " البرلمانيون يستعدون بدورهم للقيام بعملهم بكيفية واضحة في نطاق ما يسمح لهم به الدستور والقانون التنظيمي لمجلسي النواب والمستشارين". وهذا منتهى الشفافية والاحترام اللازم لدولة المؤسسات، خصوصا ونحن في سياق انتفاضات شعبية وثورات إقليمية وغليان محلي يستوجب الحوار الشفاف والمصارحة الوطنية. إن السيد الوزير والحكومة التي ينتمي إليها يعلمون أن الشعب يعلم أنهم كاذبون، وأن لا أحد من الإنس أو الجن في الداخل أو في الخارج يصدق ما يزعمون بعدم وجود أي معتقل سري بالمغرب يمارس فيه التعذيب، وإن هذا الإنكار من الدولة يعتبر تجريما رسميا لهذه المعتقلات، والذين يعتقدون أن السياسة لا تمارس بالحد الأدنى من الأخلاق مخطئون، لأن حبل الكذب قصير. فالذين أنكروا وجود معتقل " تازمامارت " كذبهم التاريخ، والذين أنكروا استعمال الأسلحة المحظورة دوليا في غزة وجنوب لبنان أدانتهم المنظمات الحقوقية، والذين كذبوا على العالم في احتلال العراق بدعوى امتلاكه أسلحة الدمار الشامل كشفت زيف ادعاءاتهم لجان التفتيش،وأضحوا أصغر من الذباب في أعين الناس، والذين جلسوا على كراسي الحكم أكثر من عشرين سنة يكذبون على شعوبهم، يؤدون اليوم ضريبة استمرارهم في الكذب كل هذه المدة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح مسلم وسنن النسائي من حديث أبي هريرة ( ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولا يكلمهم يوم القيامة ولهم عذاب أليم( قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: (شيخ زانٍ، وملك كذاب، وعائل مستكبر( !! إن التهمة الموجهة للسيد رشيد نيني اليوم هي الكذب على بعض رجالات الدولة وأجهزتها، فمن يحقق مع الحكومة مستقبلا إذا ثبت أن الناطق الرسمي باسمها يكذب على الشعب ؟