تتزايد الضغوط الدولية على نظام الرئيس السوري بشار الأسد للمطالبة بتنحيه عن السلطة في وقت اكتسحت فيه المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية ومن يوصفون بالمسلحين مناطق حساسة بالبلاد بلغت ضواحي العاصمة دمشق. ففي الوقت الذي تسعى فيه جامعة الدول العربية إلى استصدار قرار من مجلس الأمن لدعم خطة سلام عربية تدعو الأسد إلى نقل سلطاته إلى نائبه تمهيدا لإجراء انتخابات، دعت الولاياتالمتحدة ودول غربية أخرى المجلس أمس إلى إنهاء "تجاهله" للعنف في سوريا والتصديق سريعا على خطة عربية لانتقال سياسي في البلاد. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في بيان " يجب على مجلس الأمن أن يتحرك ويوضح للنظام السوري أن المجتمع الدولي يعتبر أفعاله تهديدا للسلام والأمن". وأضافت كلينتون ، التي من المقرر أن تحضر بمعية وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ووزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه جلسة مجلس الأمن، أن "العنف يجب أن ينتهي حتى يتسنى بدء فترة جديدة من الانتقال الديمقراطي (للسلطة)". وبدوره شدد جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض على أنه " من المهم أن يتحرك مجلس الأمن، نعتقد أن على مجلس الأمن ألا يسمح لنظام الأسد بمهاجمة الشعب السوري بينما يرفض اقتراحا للجامعة العربية بحل سياسي". وذكرت رويترز -استنادا إلى مسودة قرار لمجلس الأمن- أن هذا الأخير يدعو إلى "انتقال سياسي" في سوريا وأن مجلس الأمن قد يتخذ "المزيد من الإجراءات" التي لم تحددها إذا لم تلتزم سوريا ببنود القرار، كما تؤيد المسودة خطة الجامعة العربية لنقل السلطة. ومن المقرر أن يناشد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ورئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني مجلس الأمن دعم خطة الجامعة التي تطالب الرئيس الأسد بتسليم سلطاته لنائبه تمهيدا لإجراء انتخابات حرة. واعتبرت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس في تصريح صحفي في نيويورك أنه " من المهم تماما أن يدعم مجلس الأمن خطة الجامعة العربية ويتبناها جملة وتفصيلا، لا نرى أن هناك سببا وجيها لإجراء مفاوضات مطولة". وكانت رايس قد انتقدت في وقت سابق ما وصفته ب" تبعات التجاهل والتقاعس من جانب المجلس على مدار الأشهر العشرة الماضية " قائلة إن " هناك عضوين مؤثرين جدا لم يكن لديهما الاستعداد لأن يتخذ المجلس أي إجراء، وربما لا يزال الأمر كما هو" في إشارة إلى كل من روسيا والصين. وفي باريس أكد مصدر دبلوماسي فرنسي أن ما يريده جوبي " هو أن تؤدي هذه الزيارة على الأقل إلى الإسراع بالمفاوضات ". وسار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في نفس الاتجاه قائلا " لقد آن الأوان لكل أعضاء مجلس الأمن الدولي بأن يتحملوا مسؤولياتهم بدلا من حماية هؤلاء الذين أياديهم ملطخة بالدماء". ورفضت سوريا التصريحات الأمريكية أمس الانتقادات الأمريكية والغربية اتجاهها قائلة إنها ستهزم ما أسمته بمحاولات أجنبية لنشر الفوضى. وقالت الخارجية السورية إن الحكومة لم تندهش لغياب الحكمة والمنطق من تلك التصريحات وتأسف لصدورها من دول اعتادت ان تصول وتجول في منطقة الشرق الأوسط بحماقاتها وفشلها، ونؤكد ان سوريا المتجددة التي تدافع اليوم عن نفسها ضد الارهاب وستستمر". وكانت روسيا سعت أمس إلى الحيلولة دون إجراء تصويت سريع في مجلس الأمن قائلة إنها ترغب في دراسة توصيات المراقبين العرب في سوريا قبل مناقشة خطة الجامعة. واقترحت روسيا أمس أن تستضيف محادثات غير رسمية بين السلطة السورية والمعارضة، لكن رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون اشترط رحيل الرئيس الأسد قبل إجراء أي مفاوضات. وأكدت موسكو على لسان سفيرها لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين الأسبوع الماضي استعدادها للحوار بشأن مشروع القرار الأوروبي العربي، الذي قدمه المغرب الى المجلس. ولم يهدد تشوركين صراحة باستخدام حق النقض لكنه قال ان مشروع القرار غير مقبول في صيغته الراهنة. واعتبرت روسيا أن الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) شوهت معنى قرار مجلس الأمن الصادر في مارس 2011 بشأن ليبيا لمساعدة المعارضة على الإطاحة بنظام معمر القذافي. وعلى الصعيد الميداني، أفادت تقارير إعلامية أن القوات الحكومية السورية تمكنت من استعادة السيطرة على مناطق بضواحي دمشق بعد ثلاثة أيام من المعارك خلفت - حسب مصادر رسمية ومعارضة - العديد من القتلى. وأعلنت وزارة الداخلية السورية أمس مقتل "عدد كبير" ، لم تحدده من تصفهم بالإرهابيين واعتقال آخرين في "عملية نوعية" في مناطق عدة بضواحي دمشق، مشيرة الى العثور على " كميات كبيرة من الأسلحة منها أمريكية وإسرائيلية ". ومن جهتها، نقلت رويترز عن نشطاء معارضين قولهم إن القوات الحكومية السورية قتلت أمس ما لا يقل عن مئة شخص من بينهم 25 شخص خلال اقتحامها الضواحي الشرقية للعاصمة لاستعادة السيطرة عليها من أيدي المنشقين عن الجيش. وأضاف المصدر أن العدد يشمل 19 مدنيا قتل أغلبهم في قصف بمدافع الدبابات والقذائف وستة من عناصر المسلحين وكذا القبض على ما لا يقل عن 200 شخص في ضاحية حمورية، وهي واحدة من ثلاث ضواحي كانت بؤرة المواجهات العسكرية التي بدأت السبت الماضي. وذكر أن القتال انحسر بحلول الليل بعدما بسطت وحدات عسكرية حكومية سيطرتها على التجمعات الحضرية المتاخمة للمنطقة الزراعية المعروفة باسم غوطة دمشق وتراجع قوات ما يعرف ب"الجيش السوري الحر" الذي يضم منشقين عن القوات الحكومية. وفي ظل هذه التطورات أعلن المجلس الوطني السوري اليوم الثلاثاء " يوم حداد وغضب عام" بعد سقوط " حوالي مئة قتيل الاثنين بينهم عدد كبير من المدنيين" داعيا إلى التنديد بنظام الأسد. ونقلت وكالة فرانس برس عن بيان للمجلس قوله " لقد شن النظام الدموي (الاثنين) حملة قتل وإرهاب واسعة أدت إلى استشهاد 100 سوري بينهم أطفال ونساء وأفراد أسرتين كاملتين في حمص والرستن، مستخدما الدبابات والاسلحة الثقيلة في قصف الأحياء المدنية، وموسعا نطاق استهدافه لمناطق واسعة في حمص وحماة وريف دمشق والغوطة الشرقية". ومن جهته، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان أن حوالي مئة شخص قتلوا أمس في أنحاء مختلفة في سوريا بينهم 55 مدنيا. وتفيد الأممالمتحدة أن أعمال العنف في سوريا خلفت منذ مارس الماضي 5400 قتيلا.