تعتبر مشاعر الخوف والقلق من الأمور الطبيعية، التي لا يمكن تجنبها، ولكن هذه المشاعر تتحول إلى مشكلة كبيرة عندما يطغى القلق المستمر على مظاهر الحياة اليومية. ويمكن مواجهة الخوف والقلق من خلال بعض الاستراتيجيات مثل ممارسة تمارين اليقظة الذهنية وتقنيات الاسترخاء كاليوغا. وتظهر اضطرابات الخوف والقلق بأشكال متنوعة، ويعتبر الهلع أو الرُهاب أحد هذه الأشكال، ومنها الرُهاب من العناكب أو الأنفاق، كما ينتشر الرُهاب الاجتماعي أيضا؛ حيث يتأذى الأشخاص من بعض المواقف الشخصية، مثل إلقاء محاضرة أمام جمهور كبير من الناس أو الجلوس على طاولة مع الآخرين وتناول الطعام معهم. وأوضح البروفيسور ماركوس بانجر، كبير الأطباء بقسم أمراض الإدمان والعلاج النفسي بعيادة LVR بمدينة بون الألمانية، قائلا: "ينصب التركيز هنا على الخوف من تقييم الآخرين بأن الشخص غير جيد بدرجة كافية". وينتشر أيضا اضطراب القلق العام على نطاق واسع؛ حيث يعاني المصابون من القلق والخوف باستمرار، فعلى سبيل المثال يخشون من فقدان وظائفهم، على الرغم من عدم ما يشير إلى ذلك، أو أنهم يعيشون في خوف دائم من تعرض أقاربهم لحادث خطير. وأضاف البروفيسور الألماني ماركوس بانجر أن حالات الاكتئاب غالبا ما تصاحب اضطرابات القلق العام، بالإضافة إلى أن نوبات الهلع تعتبر أحد الأشكال الأخرى لاضطرابات الخوف والقلق، ويصاحب نوبات الهلع استجابات عنيفة من الجسم مثل ضيق التنفس وسرعة ضربات القلب والتعرق والارتجاف، ويشعر المصاب مع هذه الأعراض أنه على مشارف الموت. أسباب مختلفة وقد ترجع اضطرابات القلق إلى أسباب مختلفة، وأشار البروفيسور ماركوس بانجر إلى وجود سبب وراثي في 30% في حالات اضطرابات القلق والخوف، في حين تلعب الأدوية والمخدرات والأمراض الجسدية والخبرات الحياتية والأحداث الحادة دورا في 70% المتبقية من الحالات. ولذلك ينبغي على المصابين اللجوء إلى مساعدة المتخصصين في حالات اضطرابات القلق الحادة، بالإضافة إلى أنه يمكن الاستعانة بالعلاج السلوكي مع الأدوية لمواجهة اضطرابات القلق. اليقظة الذهنية ولكن اضطرابات القلق لا تكون صعبة أو حادة في معظم الحالات، ويمكن لأي شخص يعاني من هذه الاضطرابات مساعدة نفسه. وفي هذه الصدد تقدم الكاتبة كارولين فوران العديد من النصائح والاستراتيجيات، ومنها تمارين اليقظة الذهنية؛ حيث يدرك المرء أولا الشعور بالخوف والقلق في المرة التالية، ويتمثل هدف المرء هنا في تركيز الانتباه على نفسه ومشاعره وأفكاره، حتى إذا كانت غير مريحة. وخلال هذه الطريقة يقوم المرء بالاستنشاق والعد حتى أربعة، ثم يقوم بالزفير والعد حتى ثمانية، ويتم تكرار هذا التمرين خمس مرات، حتى يتباطأ النبض، وفي الخطوة التالية يتجه التركيز والانتباه نحو الأقدام والجزء السفلي من الجسم؛ حيث يتحسس الأرضية بواسطة قدميه ويستنشق الهواء ويخرج الزفير، وتظهر فائدة تمارين اليقظة الذهنية قبل الامتحانات أو إلقاء المحاضرات. وهناك نهج آخر لمواجهة اضطرابات القلق يتمثل في أن يكون المرء على دراية بمخاوفه، وهنا يتعين على المرء أن يجلس ويكتب بالتفاصيل ما يخشاه بالفعل. وأضاف البروفيسور ماركوس بانجر قائلا: "في بعض الأحيان تكون الخطوة الأولى في التغلب على القلق في تمزيق الورقة، التي تم فيها تدوين هذه المخاوف، إلى قطع صغيرة". ومن الأمور المهمة أيضا أن يتحدث المرء مع شريك حياته أو أصدقائه بشأن هذه المخاوف؛ حيث يمكن لمثل هذه المحادثات أن تساهم في الحد من هذه الاضطرابات، ومن الاستراتيجيات المفيدة أيضا ممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء مثل اليوغا. اختراق القلق وأشارت الكاتبة كارولين فوران إلى أن استراتيجية أخرى تساهم في مواجهة اضطرابات القلق، وتعرف هذه الاستراتيجية باسم اختراق القلق، وهنا يجب على المرء أن يجلس ويحلل ما يمكن أن يحدث في الموقف، الذي يخشاه، وفي الخطوة التالية يتخيل كل السيناريوهات الكارثية الممكنة، ويسأل نفسه ماذا لو قلت الحقيقة لهذا الشخص مثلا؟ وتفترض الكاتبة أن الحقيقة لن تكون أسوأ من أحد السيناريوهات الكارثية، التي تخيلها المرء. وأضافت كارولين فوران أنه يمكن في بعض الأحيان التعامل بهدوء أكبر مع المخاوف؛ حيث يجب على المرء أن يدرك أنه لا يمكنه التأثير على جميع أحداث الحياة، فعلى سبيل المثال لا يكون للمرء يد في فقدان وظيفته، ولكن يمكنه تطوير نفسه من الناحية الاحترافية وبالتالي تزداد فرصه في سوق العمل، وبالنسبة للمخاوف، التي يمكن للمرء التأثير على أسبابها، فإنه يجب مواجهتها والبحث عن حلول لها، ولا يجب على المرء تجنب المواقف، التي تسبب له مخاوف؛ نظرا لأن الأمر قد يزداد سوءا وتتأثر جودة الحياة سلبا بسبب هذه المخاوف. *د.ب.أ