إذا حاولنا قراءة الأرقام الجديدة للحالة الوبائية ببلادنا لآخر الأرقام المعلنة رسميا، فسنخرج بمجموعة من الملاحظات: أولا: ارتفاع العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة بالفيروس بالمملكة إلى 960 حالة، بعد أن تم تسجيل 163 حالة إصابة مؤكدة جديدة بفيروس كورونا المستجد (48 ساعة الماضية)، بمختلف أنحاء المملكة. وهو مؤشر سلبي، ينحو لوضع مجموعة من الاعتبارات الكامنة خلف استمرار ترمومتر الارتفاع، في مقابل حالات التعافي كليا. ويمكن حصر التأويل الاستبياني للظاهرة الأكثر تداولا في الإعلام الرسمي والشعبي على السواء، وهي استمرار كسر الحظر على الطوارئ الصحية، ومخالطة الناس بعضهم بعضا، دون الحديث عن مساحات معقولة من الشك في الإصابات غير المبلغ بها، أو بالمعنى الآخر الإصابات غير الظاهرة؟ ويمكن هنا التدليل بالحالات المحلية التي تم اكتشافها، خصوصا أثناء عمليات التتبع الصحي للمخالطين والتحري الوبائي، والتي همت لحد الآن 779 مخالطا منهم 3119 لازالوا تحت المتابعة الطبية، وهي العملية التي مكنت من اكتشاف 130 حالة مؤكدة. بالإضافة إلى عدة بؤر بدأت تظهر داخل الوسط العائلي، حيث إن هناك مجموعة من العائلات فيها عدد من الأشخاص المصابين، مما يعني أن هذه الإجراءات الوقائية وإجراءات العزل يجب أن تكون أكثر شدة وصرامة وأن تحترم داخل البيوت من أجل تفادي انتشار الوباء في الوسط العائلي، والتقيد بهذه الإجراءات يلزم حتى الأشخاص الذين يغادرون أماكن سكناهم. ثانيا: ارتفاع حالات الوفاة بكورونا المستجد، على الرغم من وجود متقابلات ضدية، مرتبطة بالحالات المتماثلة للشفاء، أو المستبعدة. فاليوم كان عدد المتوفين 11 حالة، ليصل العدد الإجمالي للوفيات إلى 66 حالة لغاية حدود الساعة. مع الإشارة إلى أن المتوفين بالإصابة تمت إحاطتهم بالعناية المركزة، والتطبيب المباشر مع الفعالية في الأداء، ولم ينفع العلاج أحيانا لوجود أكثر الضحايا تحت رحمة الأزمات الصحية المكتسبة، من بينها أمراض القلب والشرايين والسكري والضغط والسرطان.. إلخ؟ ثالثا: ارتفع اليوم أيضا منسوب الأعداد التي شفيت بشكل كلي من فيروس كورونا المستجد، حيث تم تسجيل 13 حالة شفاء جديدة ليرتفع العدد الإجمالي للحالات التي تماثلت للشفاء إلى 69 حالة. وهذا له معنى واحد، وهو قدرة الأطقم الصحية الوطنية على ربح الرهان، بالنسبة لبروتوكول الأدوية المعالجة، وأهمية التعبئة الصحية في إطار الإجراءات الاحترازية الموحدة. نضيف إلى هذا البعد الإيجابي، رقما لا يمكن تجاهله، وهو عدد الحالات المستبعدة بعد تحليل مخبري سلبي والذي بلغ 3532 حالة. رابعا: وهو الأهم في سلسلة تفكيك الأرقام والمعطيات الرسمية التي بين أيدينا، الوفيات. إن العدد الإجمالي للوفيات بلغ إلى حدود الآن 66 حالة، أي بزيادة 12 وفاة خلال 24 ساعة الماضية، لتكون نسبة الفتك لفيروس كورونا المستجد بالمغرب هي 6،6 في المائة. وهو مؤشر على وجود خلل بنيوي، لا يتعلق فقط بالجاهزية الفعالة للأطر الصحية والمستشفيات والعوامل النفسية والاجتماعية للمصابين، بل يمكن اعتبار الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد، قبلا وبعدا، والظروف المشكلة لنسق التعاطي مع القطاع الصحي منذ الاستقلال جزءا من هذه النتيجة. مع العلم أن معدل العمر بالنسبة للحالات المؤكدة يبقى في حدود 52 سنة ويتأرجح ما بين شهرين و96 سنة. ويمكن استخلاص العبر من العدد الثقيل من الضحايا الذين، مع الأسف الشديد، كانوا وقودا لتجربة صحية كان من الواجب قبل 60 ستون سنة من الاستقلال أن تنتبه إلى الاستثمار في الذخيرة البشرية والكفاءات اليقظة لأجل مستقبل البلاد. خامسا: وهو الأهم، في سياق البشائر التي يمكن أن تعكس إيماننا جميعا بقرب الفرج من الله. بل أيضا مشروعية تعبئتنا وتضحياتنا، وفي الصفوف الأمامية جنود الطليعة الأطباء والمساعدون والكوادر الإدارية والعلمية، وكل الموظفين الاستشفائيين بالاسم والصفة. إن العدد الإجمالي للمتعافين بشكل تام وصل إلى حدود الآن 69 حالة، أي بزيادة تسع حالات خلال ال24 ساعة الماضية. وهذا يضع حجر الأساس لرهانات كبيرة تتشكل يوما بعد يوم، يتعلق الأمر بالعديد من الحالات المعلن عن كونها مصابة بالفيروس، دخلت بمعنويات مرتفعة، وهي في حاجة ماسة للدعم السيكولوجي قبل الدوائي. ويمكن التذكير هنا بمعطى مهم، وهو أنه على صعيد الحالة السريرية عند التكفل بالحالات، 15 في المائة من الحالات المسجلة إلى حدود الآن لم تكن لديها علامات المرض، في حين أن 71 في المائة كانت حالتها الصحية حميدة أو بسيطة و14 في المائة كانت حالتها الصحية متقدمة أو حرجة. قبل الختم: من الضروري الإشادة بالمبادرة الملكية الاستثنائية، التي أطلقها هذا الصباح، وهو العفو الذي أصدره لفائدة 5654 سجينا، معلنا بكل تبصر وحكمة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتعزيز حماية نزلاء المؤسسات السجنية والإصلاحية من انتشار فيروس كورونا المستجد. حيث تم انتقاؤهم بناء على "معايير إنسانية وموضوعية مضبوطة"، تأخذ بعين الاعتبار سنهم، وهشاشة وضعيتهم الصحية، ومدة اعتقالهم، وما أبانوا عنه من حسن السيرة والسلوك والانضباط، طيلة مدة اعتقالهم". و"اعتبارا للظروف الاستثنائية المرتبطة بحالة الطوارئ الصحية، وما تفرضه من اتخاذ الاحتياطات اللازمة، فإن هذه العملية سيتم تنفيذها بطريقة تدريجية". وهي التفاتة نبيلة، ترمز للعديد من الرسائل، التي يحملها ملك البلاد، في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة التي تعيشها الأمة المغربية. إذا حاولنا قراءة الأرقام الجديدة للحالة الوبائية ببلادنا اليوم السبت، فسنخرج بمجموعة من الملاحظات: