لم يمر قرار بسط سيادة المملكة البحرية على الأقاليم الجنوبية وخلق منطقة اقتصادية خالصة تبلغُ 200 ميل، بنشره في الجريدة الرسمية، دون أن يُخلف ردود فعل واسعة بالجارة الشمالية، خصوصا من قبل حكومة جزر الكناري. ووسط أزمة وباء "كورونا" في إسبانيا، علقت وزيرة الخارجية الإسبانية على دخول قانون البحار حيز التنفيذ بالمغرب، وقالت في تصريح موجه إلى الرأي العام الإسباني: "نشر القانون في الجريدة الرسمية لا يحمل جديدا بحكم أننا نعرف محتواه بصفة عامة خلال مراحل مروره بالبرلمان". وحرصت وزيرة الخارجية الإسبانية على تذكير المغرب بالاتفاق الذي جرى مسبقا بين الرباطومدريد حول أزمة ترسيم الحدود. وأكدت أرانشا غونزاليس، في "تغريدة" على حسابها، أن ترسيم الحدود البحرية يتطلب الاتفاق بين المغرب وإسبانيا على المناطق المحتمل الاختلاف حولها، عبر اتفاق ثنائي يتماشى مع القانون الدولي. وتقصد رئيسة الدبلوماسية من خلال "تدوينتها" بالمناطق المحتمل الخلاف حولها مناطق الثروات الطبيعية الموجودة في باطن الأرض البحري، من قبيل المعادن مثل التيلوريوم والكوبالت والباريوم والنيكل والرصاص والفاناديوم والليثيوم وغيرها، علما أن باطن المحيط الأطلسي غني بالبترول والغاز وبموارد معدنية حيوية، وهو ما يُريد الإسبان التفاوض بشأنه مع المغرب؛ ناهيك عن منطقة الجرف القاري، التي تضم موارد طبيعية معدنية وأحفورية وبيولوجية. ومباشرة بعد نشر قوانين البحار في الجريدة الرسمية للمملكة، طالب رئيس حكومة جزر الكناري، أنخيل فيكتور توريس، حكومة مدريد بالرد بقوة ضد ترسيم المغرب حدوده البحرية بشكل أحادي. وسارع رئيس حكومة الكناري إلى الاتصال بوزيرة الخارجية الإسبانية لمناقشة تفاصيل دخول قرار ترسيم المياه البحرية حيز التنفيذ، مشيرا إلى أن حكومته سترد على المغرب إذا كان هناك أي تداخل مع جزر الكناري. وشدد رئيس حكومة الكناري، في اتصاله بوزيرة الخارجية الإسبانية، وفق ما نقلته الصحافة الإسبانية، على ضرورة الدفاع بقوة عن المياه الإقليمية الإسبانية، مشيرا إلى أن "القانون الدولي لا يقبل أي قرار أحادي في هذا الشأن". وكشف رئيس حكومة الكناري أن وزيرة خارجية مدريد طمأنته بكون الحكومة الإسبانية سترفع شكوى أمام منظمة الأممالمتحدة في حالة وجود تداخل في المياه الإقليمية بين المغرب وإسبانيا. وكانت رئيسة الدبلوماسية الإسبانية قالت من الرباط: "على المغرب أن يحْترمَ أيضاً الفضاء البحري الإسباني، ولهذا علينا أن نشتغل بشكلٍ مشترك على هذا الترسيم؛ وخصوصاً العمل على ما تفرضه التشريعات الدّولية ومعاهدة البحار". وأضافت الوزيرة ذاتها، في معرض حديثها عن مصادقة المغرب على ترسيم حدوده البحرية، أنّ "حكومتي إسبانيا والمغرب ستلتزمان بالتّوصل إلى حل توافقي بدون قرارات أحادية الجانب، وبدون اللجوء إلى سياسة فرض الأمر الواقع من أجلِ حلّ تضارب المصالح في ما يتعلق بحيزهما البحري المشترك، خاصة في ما يتعلق بمحيط جزر الكناري".