سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لهذا ثارت ثائرة إسبانيا والبوليساريو من ترسيم المغرب لحدوده البحرية الجنوبية.. الثروات الباطنية بالصحراء وثغرا سبتة ومليلية السليبتان في قلب المعادلة الجيوسياسية
الثروات الباطنية بالصحراء وثغرا سبتة ومليلية السليبتان في قلب المعادلة الجيوسياسية لهذا ثارت ثائرة إسبانيا والبوليساريو من ترسيم المغرب لحدوده البحرية الجنوبية الثروات الباطنية بالصحراء وثغرا سبتة ومليلية السليبتان في قلب المعادلة الجيوسياسية العلم: ع. اجهبلي ع. الكواي المتتبع لتلاحق التصريحات النارية من الجارة الشمالية، ومن صنيعة الجزائر حركة البوليساريو الانفصالية، وموريتانيا بدرجة أقل، إزاء إقدام المغرب على ترسيم حدوده البحرية الجنوبية، يستنتج دون كثيرِ عناءٍ أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن وزير الخارجية الإسبانية، أرانتشاكونثاليث لا، لم تجعل المغرب وجهتها الأولى بعد تنصيبها عبثا، ولم تؤجل زيارتها للجزائر اعتباطا. العلم، تقفت أثرالمعطيات المتواترة في الموضوع، وقراءات عدد من المحللين، فوقفت على كون الثروات الباطنية بالصحراء المغربية، وثغرا سبتة ومليلية السليبتان، في قلب المعادلة الجيوسياسية، ليس فقط بين المغرب وإسبانيا، ولكن في منطقة البحر الأبيض المتوسط ككل، وذلك في علاقة بما يعتمل في المنطقة المغاربية، وخاصة بليبيا التي غيرت المستجدات فيها قواعد اللعبة ككل. كرونولوجيا المد والجزر.. تقارير إعلامية متطابقة، كشفت أن التوجس الإسباني من ترسيم المغرب لحدوده البحرية، الواقعة جنوب جزر الكناري وقبالة الصحراء المغربية، يرجع بالأساس إلى رغبة حكومة مدريد في الظفر بالمعادن النفيسة التي تتوفر عليها هذه المنطقة البحرية. وأوضحت التقارير ذاتها، أن الإسبان يرغبون منذ سنة 2017 بالظفر بجبل بركاني يقع قبالة السواحل الجنوبية للمملكة، يعرف ب”تروبيك”، ويطلق عليه الخبراء تسمية “كنز المحيط الأطلسي”، مشيرةً إلى أن الدراسات التي أُنجزت في هذا الصدد، كشفت أن منطقة "تروبيك" تعد أكبر مستودع في العالم للتيلوريوم، بالإضافة إلى ضمها لكميات أكبر ب54 مرة من المخزون العالمي الحالي لمادة الكوبالت، وهي كمية تكفي لتصنيع 270 مليون سيارة كهربائية. ويقع الجبل على بعد 450 كيلومترا من المنطقة البحرية الاقتصادية الخالصة المغربية (ZEE)، كما يقع على بعد 463 كيلومترا من المنطقة الاقتصادية الإسبانية، وأيضا خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة لموريتانيا، الشيء الذي يجعل استغلال الثروات المعدنية التي يتوفر عليها هذا الجبل، المكتشف سنة 2017، مرتبطا بمدى التوصل إلى اتفاق بين الرباطومدريد بالدرجة الأولى، ومع نواكشوط بالدرجة الثانية. تقارير أخرى ذهبت إلى أن حكومة أرخبيل جزر الكناري، تضغط بقوة على الحكومة المركزية في مدريد، لثني المغرب، عن ترسيم حدوده البحرية، في مناطق تسعى الحكومة الإسبانية المحلية، إلى التنقيب فيها عن آبار محتملة للبترول. وبحكم الأزمة الاقتصادية لمدن الأرخبيل الإسباني، والسعي للتنقيب على مصدر ثروة نفطية جديد، قالت الحكومة المحلية إنها “على اتصال مباشر ومستمر”، مع وزارة الخارجية في الحكومة المركزية بمدريد، لمتابعة تطورات هذه الخطوة التشريعية المغربية وآثارها المحتملة، بل إن مسؤولين فيها أطلقواعدة تصريحات نارية تجاه المغرب. وأضافت التقارير ذاتها، أن هذا الضغط يعود إلى سنة 2012، حين طالب، رئيس حكومة جزر الكناري، باولينوريفيرو، بضرورة ترسيم الحدود البحرية بين المغرب وإسبانيا، لأن الضرورة أصبحت ملحة من أجل التنقيب عن البترول في المياه المشتركة بين البلدين، بحسب المسؤول الإسباني. في شتنبر 2016، توجهت بعثة علمية مشتركة من الباحثين الجيولوجيين البريطانيين والإسبان، إلى المناطق البحرية العميقة الواقعة جنوب جزر الكناري بهدف دراسة مجموعة من الجزر البركانية الواقعة تحت أعماق المحيط، والتي تعود في تكوينها إلى العصر الثالث أي أنها تقارب في عمرها عمر الجزر الخالدات. ويبلغ عدد هذه الجزر المغمورة تحت سطح المحيط، ثلاثة عشر جبلا بركانيا أثبتت نتائج عمل البعثة أنها غنية بصورة ملفتة للنظر بالذهب والكوبالت والتيلوريوم، وخامات معدنية أخرى مهمة. ولكن أهم اكتشاف تركز في منطقة الجبل البركاني المعروف باسم المدار (Tropic) وهو جبل بركاني تحت الماء يبلغ قطره حوالي 50 كيلومتر وتقع قاعدته على عمق 3 آلاف متر ويبلغ ارتفاعه 1.1 ألف متر تحت مستوى سطح المحيط الأطلسي وقد تشكل قبل حوالي 119 مليون سنة. ثروات تفوق التوقعات.. النتائج التي توصلت إليها البعثة العلمية فاقت كل التوقعات، حيث أثبتت تركز عدد من المعادن الثمينة في هذا الجبل البركاني بصورة مرتفعة للغاية، لا يوجد ما يماثلها في أي مكان آخر على وجه البسيطة. أهم العناصر المعدنية التي تم اكتشافها، هي التيليريوم وهو معدن مهم للصناعات التكنولوجية المتطورة،يستخدم في صناعة الألواح الشمسية، وكذلك في إنتاج الهواتف الذكية عالية السرعة، وفي الصناعات الإلكترونية، وفي أشباه الموصلات في صناعة تكرير النفط وتلوين الزجاج والخزف والسيراميك، ويعتبر المادة المفضلة في صناعة توربيناتالرياح، كما يُستخدم بصورة واسعة في الميكروبيولوجيا. والأهم حسب الخبراء البريطانيون، أنه بحلول سنة 2050 عندما يصل الطلب العالمي على الكهرباء إلى 30 تيراوات وفقا لمنتدى دافوس، سيصبح التيلوريوم هو المصدر الأكثر اقتصادا لإنتاج الطاقة البديلة. وتقدر احتياطيات التليريوم في هذا الموقع بحوالي 2.670 طناً، أي ما يقرب من 10 في المائة من مجمل الاحتياطي العالمي المعروف من هذا الفلز، ويدعي الباحثون البريطانيون أن حجم الاكتشاف الجديد يزيد بمقدار 50 ألف مرة عن نظرائه في المناجم المعروفة حاليًا. وليس اكتشاف مثل هذه الرواسب الكبيرة من التيلوريوم كل ما في الأمر،حيث إن التريليوم يكون غالبا مصحوبا أثناء تكونه بالكوبالت والفاناديوم والنيكل والإيتريوم والذهب، ما يؤشر على ما تزخر المنطقة من موارد معدنية ثمينة. وهذا ما أكدته الدراسات الميدانية، التي أظهرت أن جبل المدار مغطى بطبقة سطحية من الحديد والمنغنيز يلبغ سمكها 25 سم (على امتداد 50 كيلومتر)، مع تركيز مذهل من الفاناديوم (0.24 في المائة)، والنيكل (0.3 في المائة)،والإيتريوم (0.35 في المائة)، والكوبالت (0.5 في المائة). كما تم العثور على آثار من معادن مجموعة البلاتين كالروديوم والروثينيوم والبلاديوم. وهذا يعني،أن كل طن في قشرة هذا الجبل البحري، يحتوي في المتوسط على 234 كيلوغرام من الحديد و169 كيلوغرام من المنغنيز، و5 كجم من الكوبالت و3 كجم من الفاناديوم و3.5 كجم من العناصر الأرضية النادرة، و182 غرامًا من البلاتين. وللمقارنة، فإن تركيز البلاتين في الطبقة السطحية من هذا الجبل البركاني، يضاعفمحتوى نفس العنصر في المناجم المعروفة على الأرض بمقدار 365 مرة، والكوبالت بنسبة 290 مرة،والفاناديوم بنسبة 24 مرة، والنيكل بنسبة 59 مرة، والمعادن الأرضية النادرة بنسبة 10 مرات. شد وجذب قانوني.. وفي سياق مسلسل الشد والجذب بين البلدين، روجت تقارير إعلامية، أن الحكومة الإسبانية تنوي رفع القضية إلى الأممالمتحدة في حال قام المغرب بضم مياه تابعة لجزر الكناري في ترسيم حدوده البحرية، مضيفة أن رئيس هذه الجزر، أنخيل فيكتور طوريس، صرح للصحافة، أن وزيرة الخارجية قد تعهدت برفع شكوى إلى الأممالمتحدة في حالة قيام المغرب بترسيم حدوده البحرية. في المقابل، أكد المغرب وإسبانيا، بشكل رسمي يوم الجمعة الماضي بالرباط، على تشبثهما بمبدأ الحوار من أجل إيجاد حل لأي تداخل في المجال البحري بينهما، مبديان عزمهما، خلال ندوة صحفية مشتركة، عقدت عقب اجتماع بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونظيرته الإسبانية، أرانتشاكونثاليثلايا، على التزام البلدين بقانون البحار، ورفضهما لأي إجراءات أحادية الجانب. وأكد بوريطة، أن المملكة متلزمة بمبدأ الحوار، وعلى أساسه سيعمل الطرفان على التفكير في الآليات الكفيلة بحل أي تداخل بين المياه البحرية لهما، مشيرا إلى أن قانون البحار يراهن في مثل هاته الحالات على التفاوض «وهو السبيل الأمثل وخاصة في العلاقة بين \بلدين جارين». واعتبر الوزير، أن بسط الولاية القانونية للمملكة على كافة مجالاتها البحرية يعتبر حقا سياديا، تضمنه التشريعات الدولية والقانون الدولي، مذكرا بأن إسبانيا «قامت بنفس الأمر سنة 2010، بما في ذلكمنطقة جزر الكناري، دون أخذ إذن المغرب الذي لم يطلب الإذن كذلك ومن حقهما ذلك». ويسعى أعداء الوحدة الترابية للمملكة في هذا الإطار، إلى صب الزيت على النار خاصة انفصاليو البوليساريو، ويقولون إن المبادرة المغربية المتعلقة بترسم حدوده البحرية، تأتي نتيجة مباشرة لتقاعس إسبانيا عن الوفاء بمسؤوليتها القانونية والتاريخية. ولم يستطع الانفصاليون كظم غيظهم، وشرعوا في توزيع الاتهامات المجانية على العديد من الأطراف، من خلال ما وصفوه ب”شراء الذمم واستدراج كيانات أجنبية”. وخاطب الانفصاليون إسبانيا بلغة الاستعلاء، وقالوا إن عليها تصحيح خطأ وصفوه بالتاريخي والكبير، وتحمل مسؤولياتها التاريخية والقانونية والأخلاقية تجاههم، داعين الحكومة الإسبانية إلى الحد مما وصفوه بالتنازلات للمغرب، مشيرين إلى أنهم وأن سيتابعون باهتمام التدابير التي ستتخذها إسبانيا في هذا الصدد. حيثيات الخطوة المغربية.. بعد إرجاء الخطوة وسط جدل واسع، صادق مجلس النواب، في جلسة عمومية، منتصف الأسبوع الماضي، بالإجماع، على مشروعي قانونين يهدفان إلى بسط الولاية القانونية للمملكة على كافة مجالاتها البحرية. ويتعلق الأمر بكل من مشروع قانون رقم 37.17 بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.211 الصادر في 26 من محرم 1393 (2 مارس 1973) المعينة بموجبه حدود المياه الإقليمية، ومشروع قانون رقم 38.17 بتغيير وتتميم القانون رقم 1.81 المنشأة بموجبه منطقة اقتصادية خالصة على مسافة 200 ميل بحري عرض الشواطئ المغربية. وقد قدم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، توضيحات هامة حول حيثيات هذا الإجراء، مؤكدا أن مشروعي القانونين يكتسيان أهمية خاصة في سياق مسلسل تحيين الترسانة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات والحدود البحرية للمملكة المغربية، ومبرزا أن تحريك المسطرة التشريعية بخصوص مشروعي القانونين،جاء غداة الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى44 للمسيرة الخضراء. ومن ضمن الحيثيات أيضا، التي أفضت إلى إعداد مشروعي القانونيين، حسب رئيس الديبلوماسية المغربية، تحيين الترسانة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات البحرية، بما يمكن من استكمال مسلسل بسط السيادة القانونية للمملكة على كافة مجالاتها البحرية، أنه من شأن هذا التحيين أن يتيح تحديدا أكثر دقة للمجالات البحرية الخاضعة للسيادة، والحقوق السيادية لبلادنا. ومن الحيثيات كذلك، ما يتمثل في ملاءمة التشريعات الوطنية مع بعض الالتزامات والاستحقاقات الدولية، حيث إن تحيين الترسانة القانونية الوطنية يشكل فرصة لملاءمتها مع مقتضيات اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار لسنة 1982، وتجويد بعض الأحكام التي تتضمنها، خاصة عبر التخلي عن بعض الترسبات القانونية المتقادمة التي كان التشريع المغربي اعتمدها في سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضي، وأن بعض الاستحقاقات الدولية حتمت تسريع وتيرة تحيين النصوص القانونية للمملكة المتعلقة بالمجالات البحرية. كما أن القوانين التي تم تحيينها تشكل الأساس الذي يقوم عليه المرسوم رقم 311.75.2 لسنة 1973، المحددة بموجبه خطوط انسداد الخلجان على الشواطئ المغربية، وأنه قد تم استتباعا لذلك تحيين هذا المرسوم بدوره ضمن المراجعة الشاملة للمنظومة ككل، حيث تم إدراج المعطيات العلمية والجغرافية المتعلقة ب”الخط الأساس” للمناطق البحرية جنوب «الرأس الأيوبي» بطرفاية، إلى سواحل المحيط الأطلسي على طول الأقاليم الجنوبية للمملكة إلى حدود الرأس الأبيض. ويعتبر تحديد المجالات البحرية الوطنية، مسألة داخلية وعملا سياديا، يقولعلى الأحكام الصريحة لاتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار لسنة 1982، وأن تحيين التشريعات الوطنية يندرج أيضا في “إطار تفاعل بناء ومسؤول لمنظومتنا القانونية الداخلية مع المنظومة الدولية لقانون البحار”. كما يعتبر ترسيم الحدود البحرية الخارجية، مسألة دولية قابلة للتفاوض بين المملكة المغربية من جهة، والدول التي لها شواطئ متاخمة أو مقابلة لها من جهة أخرى، وعلى الخصوص الجارة إسبانيا التي تعتبر شريكا إستراتيجيا للمغرب، وتربطه بها علاقات سياسية واقتصادية وتاريخية عريقة وقوية. ويظل المغرب، كما كان على الدوام، حريصا على حقوقه ومحترما لالتزاماته، ومنفتحا على المواقف الوطنية لدول الجوار الصديقة وحقوقها المشروعة، ومستعدا للحوار البناء الكفيل بالتوصل إلى توافقات شاملة ومنصفة. بن يونس المرزوقي: المغرب يُطبق مقتضيات معاهدة دولية حول قانون البحار قال أستاذ القانون العام بكلية الحقوق وجدة، بن يونس المرزوقي، إن عملية تحديد الحدود البحرية للدول الساحلية، تتم وفق قواعد ومقتضيات قانونية مُتفق عليها في شكل معاهدة دولية. فبعد صدور معاهدات جنيف لسنة 1958 المتعلقة بقانون البحار تم التفكير في مراجعتها نتيجة تغير الظروف. وقد تم ذلك من خلال المؤتمر الثالث للأمم المتحدة حول قانون البحار الذي دام قرابة 10 سنوات تبلورت على إثره معاهدة مونتيغو باي (جامايكا) في 30 أبريل 1982. وأوضح الأستاذ نفسه، في تصريح ل”العلم”، أنه استنادا على هذه المعاهدة، فإن ما قام به المغرب يُعتبر عملا سياديا مؤطرا بمعاهدة دولية، وليس فيه ما يُلحق أي أضرار بالدول الأخرى، بل يُحافظ فقط على المصلحة العليا للوطن، مضيفا أنه وفقا لمعاهدة قانون البحار، يتم تقسيم المناطق البحرية إلى ثلاثة أقسام: المناطق الخاضعة لولاية الدولة الساحلية، ثم المناطق الخاضعة لحقوق ذات أهداف اقتصادية، ثم باقي المناطق المشتركة. وبيّن المرزوقي، أن مشروعي القانون المصادق عليهما بمجلس النواب يتعلقان بما يلي: الأول، يهم تغيير وتتميم ظهير 2 مارس 1973 المعينة بموجبه حدود المياه الإقليمية، والثاني يهم تغيير وتتميم قانون 2 أبريل 1981 المنشئ للمنطقة الاقتصادية الخالصة. أي أن المغرب كان سابقا قد حدد إقليمه البحري بناء على معاهدات جنيف لسنة 1958، وأنه الآن يقوم فقط بتحيين هذه الحدود وفقا لمعاهدة 1982 حول قانون البحار، والتي لم تدخل حيز التنفيذ إلا في سنة 1994. وبخصوص البحر الإقليمي، قال المتحدث، إن العملية الأولى تدخل في إطار تحديد المنطقة البحرية الخاضعة لسيادة الدولة، مفسرا أن معاهدة قانون البحار تنص على أن ” سيادة الدولة الساحلية تمتد خارج إقليمها ومياهها الداخلية… إلى حزام بحري ملاصق يُعرف بالبحر الإقليمي”. لذلك، فالبحر الإقليمي هو حزام بحري ممتد من نقطة انتهاء المياه الداخلية البحرية في اتجاه البحر العالي إلى مسافة معينة أقصاها 12 ميلا بحريا. وأشار إلى أنه إذا كانت المياه الداخلية هي المياه الواقعة على الجانب المواجه للبر للدولة الساحلية، وتشمل عمليا لموانئ، المراسي، وكل المياه الجارية داخل إقليم الدولة البري وتتمتع فيها الدولة بكامل سلكتها وسيادتها، ظف، الحزام البحري الذي يلي هذه المياه هو المسمى بالبحر الإقليمي. كما أن تحديد عرض البحر الإقليمي قد يُثير بعض الإشكاليات بخصوص الدول المتجاورة والدول المتقابلة في الحالات التي تقل المسافة البحرية الفاصلة بين شواطئهما عن 24 ميلا. وعادة ما يتم حل هذه الإشكالات بالاتفاق بين الدول المعنية مع مراعاة السندات التاريخية والظروف الخاصة. ورغم وجود قواعد للتحديد (مثال قاعدة خط الوسط) فإنه ينبغي مراعاة مبادئ العدل. وتتمتع الدولة الساحلية حسب الأستاذ، بحقوق سيادية على بحرها الإقليمي، ومقابل ذلك، تتمتع البواخر والسفن والقطع البحرية المتنقلة الأخرى بحق المرور البريء في هذه المياه. ويقصد بالمرور البريء المرور المتواصل والسريع دون التوقف ما عدا في حالة الضرورة. ومن أجل الحفاظ على سلامة وأنمن الدولة الساحلية ضد جميع الأعمال التي من شأنها إلحاق أضرار بها، فإنها تتمتع بحق تنظيم المرور البريء باتخاذ الإجراءات الوقائية والعقابية اللازمة دون تمييز بين السفن الأجنبية. وبخصوص المنطقة الاقتصادية الخالصة، فسر المرزوقي، أن الأمر يتعلق هنا بمنطقة تقع ما وراء البحر الإقليمي وملاصقة له، وتتمتع فيها الدولة بحقوق استئثارية ذات أهداف اقتصادية تمتد لمسافة 200 ميل بحري. وتم تحديدها بدورها وفقا قواعد متعددة يُراعى فيها مبدأ العدل. وفي هذه المنطقة، يقول المتحدث، تتمتع الدولة الساحلية بحق استكشاف واستغلال الموارد الحية وغير الحية في مياه وقعر وباطن أرض المنطقة، وحق المحافظة عليها، مع السماح بحرية الملاحة والتحليق ووضع الكابلات والأنابيب المغمورة. وحول تحديد معنى الجرف القاري، قال أستاذ القانون الغام، من خلال تحديد البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة، فإن الدول الساحلية تعمل ليس فقط تحديد المجال البحري المتكون من المياه، ولكنت أيضا الأراضي الواقعة تحت هذه المياه والمعروفة باسم الجرف القاري. وبين الأستاذ ذاته، أنه وفقا لمعاهدة قانون البحار، “يشمل الجرف القاري لأية دولة ساحلية قاع وباطن أرض المساحات المغمورة التي تمتد إلى ما وراء بحرها الإقليمي في جميع أنحاء الامتداد الطبيعي لإقليمها البري حتى الطرف الخارجي للحافة القارية أو إلى مسافة 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي إذا لم يكن الطرف الخارجي يمتد إلى تلك المسافة”. واعتبر أنه يُمكن القول بإيجاز، إن الجرف القاري أو الحافة القارية هي الامتداد الطبيعي لإقليم الدولة الساحلية تحت البحر. ويخضع تعيين حدوده لقواعد محددة حيث أن تعيين حدود الجرف القاري بين دول ذات شواطئ متاخمة أو متواجهة يتم عن طريق الاتفاق طبقا للقانون الدولي بهدف الوصول لحل عادل. وينبغي الإشارة إلى أن هناك أحكام دولية عديدة بهذا الخصوص ذهبت في اتجاه تقسيم الجرف القاري بين الدول المعنية تقسيما عادلا، إما بواسطة اتفاق أو بواسطة تطبيق قواعد واردة بالاتفاقية. وتكمن أهمية الجرف القاري، حسب المرزوقي، في أن الدولة الساحلية تتمتع فيه بحقوق استئثارية بشأن استغلال الموارد والثروات الموجودة على سطح وفي باطن أرض الجرف القاري، وهي حقوق خالصة مطلقة لا أحد غير الدولة الساحلية له حق الاستغلال بدون موافقتها الصريحة. وخلص الباحث إلى أن ما يقوم به المغرب للحفاظ على مصالحه العليا، عمل سيادي، مؤطر بمعاهدات دولية وأحكام عديدة صادرة عن محكمة العدل الدولية، وليس غيه ما يُخالف أية قاعدة من قواعد القانون الدولي العام. وهناك المناطق الخاضعة لحقوق غير استئثارية: وهي أعالي البحار، قاع البحر-المنطقة، تراث إنساني مشترك. عبد الحفيظ أدمينو: توقيت زيارة الوزيرة الإسبانية شكل مناسبة للمغرب لتوضيح موقفها نفى عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس، أن يكون لعرض مشروع ترسيم الحدود البحرية للمملكة على البرلمان، أي علاقة مباشرة مع زيارة رئيسة الدبلوماسية الإسبانية، معتبرا في تصريح ل”العلم”، أن توقيت الزيارة شكل مناسبة للحكومة المغربية لتوضيح موقفها وتفسير حيثيات اختيار المشرع المغربي اعتماد هذا القانون. تاج الدين الحسيني: مشاكل الحدود فرضت على المغرب نهج استراتيجية خاصة في التفاوض تاج الدين الحسيني، الخبير في العلاقات الدولية، أكد ل«العلم»، وجودَ مشاكل مع الجارين إسبانيا في الشمال، خاصة في أرخبيل الكناري، الذي تقل منطقته الاقتصادية في المياه الإقليمية عن 100 كلم، والثغرين السليبين لسبتة ومليلية، وكذلك مع الجارة موريتانيا في الجنوب. المشاكل نفسها، لا زالت قائمة في نظر الحسيني، مما أملى على المغرب في هذه الفترة نهج استراتيجية خاصة في التفاوض مع إسبانيا. وذكّر الحسيني، أن المغرب اتخذ قرار ترسيم هذه الحدود منذ سنة 2017، في إطار تمرير مشروعي المرسومين بكل من المجلس الحكومي، وكذلك المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك، وتم عرضه قبل بضعة أسابيع على لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب المغربي، وصادقت عليه بالإجماع لكن التاريخ الذي كان محددا لمصادقة المجلس على المرسومين معا، وعلى وثيقة مواكبة فيما يتعلق بالمنطقة الاقتصادية الخالصة تم “تأخيره للبت فيه من طرف المجلس”، قبل أن تتم هذه المصادقة يوم الجمعة المنقضي. ويرى الحسيني، أن التأخير كان مرتبطا ببعض المحادثات بين المغرب وإسبانيا فيما يتعلق بالتوافق حول ترسيم الحدود البحرية، خصوصا أن هذه الأخيرة تعد “تكملة أساسية للسيادة الوطنية على المجالات الثلاثة للإقليم”، وهي حسب القانون الدولي المجال الجوي والبري والبحري”. وقال المحلل ذاته، إن هناك ما يطبع ثوابت العلاقات الدولية، الجوار الجغرافي، وملف ترسيم الحدود ليس الوحيد الذي يجمع بين المغرب وإسبانيا، إذ توجد “ملفات شائكة وكبيرة” تعرفها هذه العلاقات، مثل الاتفاقيات الخاصة بتطبيق التدابير المتعلقة بالصيد البحري، وإشكاليات الهجرة السرية ومضاعفاتها، ومسألة الإرهاب والجريمة المنظمة، والتعاون في مجال الاستثمارات. وأضاف أن “إسبانيا من الأطراف الأساسية للاستثمار في المغرب”. عبد الفتاح الفاتحي: القضايا الشائكة مع إسبانيا تفرض التعجيل بالجلوس إلى طاولة المفاوضات اعتبر عبد الفتاح الفاتحي، الخبير الاستراتيجي في قضايا الصحراء والشؤون الإفريقية، أن لدى المغرب قضايا شائكة مع الجارة إسبانيا، وملف ترسيم الحدود البحرية الذي أثار الجدل أخيرا، يستعجل قضية المفاوضات المتوقعة حول الثغرين السليبين لسبتة ومليلية. وطرح السؤال القانوني المتعلق بهذا الترسيم، وهو هل يعترف المغرب بحدود بحرية وبرية دائما تفصل الجلبين عن التراب الوطني؟ ليجيب بأن قرار الترسيم هذا لن يكون نهائيا بحال. ووضح الفاتحي، في تصريح ل”العلم”، الأمر بأن إشكال الحدود الترابية يخل في صلب هذه القضية، وأن اعتبار ترسيمها نهائيا يعني تنازل المغرب عن جزء من أراضيه هو المدينتان المحتلتان، والحل النهائي يحتاج لحوار حسب طبيعة الإشكال المطروح، وهذا ما نبه له وزيرا خارجية البلدين في مجمل تصريحاتهما. وضرب لذلك مثلا بوجود جزر خاضعة للسيادة الإسبانية هي أقرب إلى السواحل المغربية بعشرات الأمتار، ما يطرح إشكالية مسافة المياه الإقليمية المحددة وفق قانون البحار في 100 ميل بحري، والمنطقة الاقتصادية الخالصة للدول التي تُحدد في 200 ميل، والتي يستحيل تطبيقها في هذه الحالة. أما الثروات الطبيعية الموجودة، أو المحتمل وجودها في منطقة السواحل الجنوبية للمملكة، فقال الخبير ذاته، إنها مسألة مطروحة ليس فقط بالنسبة للمغرب وإسبانيا، وإنما لمجموعة من دول البحر الأبيض المتوسط، مستدلا بمثال النزاعات القائمة بين تركيا واليونان وقبرص، ومصر وإسرائيل، والاتفاقية الأخيرة بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية، التي قال إنها تتجاوز ليبيا إلى منطقة المتوسط برمتها، ما جعل المغرب يعجل بترسيم حدوده البحرية. وذكّر الفاتحي، بقيام الجارة الشمالية بمحاولات للتنقيب عن ثروات باطنية بجزر الخالدات في وقت سابق، وكيف اعترض عليها المغرب بشدة، بعلة أنها تمت في منطقة اقتصادية خالصة. وهذا حسب الخبير، ما يُثير إشكالية قانون البحار الذي لا يمكن تطبيق فرض السيادة التي ينص عليها في بعض الممرات بين البلدين، وذلك بسبب انعدام المسافة المشروطة فيها.