كل مساء في فرنسا، يتعاقب وزير الصحة والمدير العام للصحة، الرقم الثاني في الوزارة، للإعلان عن عدد الأشخاص المصابين بعدوى فيروس "كوفيد-19"، والمرضى الذين يخضعون للعلاج بأقسام الإنعاش، والذين قضوا نحبهم، لكن وفي الآونة الأخيرة، أيضا أولئك الذين تمكنوا من مغادرة المستشفيات بعد تماثلهم للشفاء. فكل يوم، ومع حلول المساء، يتحلق الفرنسيون الذين يخضعون للحجر داخل منازلهم في انتظار انتهاء الوباء المخيف الذي تسبب إلى حدود الساعة في 3000 حالة وفاة، حول التلفاز، في انتظار الندوة الصحافية اليومية حول تطور الأزمة الصحية.. التمرين الذي تعكف عليه الحكومة من منطلق حرصها على الالتزام بالشفافية في نقل المعلومة للمواطنين. وفي تفاعل مع الطلبات الملحة أكثر فأكثر المعبر عنها من طرف المواطنين العاديين، بالمنتديات الافتراضية على الإنترنيت، والتي يتساءلون من خلالها عن سبب تركيز وسائل الإعلام بشكل حصري على عدد الوفيات، بما يزيد من حدة جو القلق السائد في فرنسا، بدأت السلطات الصحية بالبلاد، منذ أسبوع، في التواصل بشكل أكبر حول عدد الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا المستجد وتماثلوا للشفاء. وأعلن المدير العام للصحة، جيروم سالومون، يوم الإثنين، أن نحو 8000 شخص تماثلوا للشفاء وغادروا المستشفيات التي كانوا يعالجون بها، منذ بداية تفشي الوباء في فرنسا. وعبر العالم، انتقل عدد الأشخاص الذين تماثلوا للشفاء من فيروس كورونا المستجد في نفس اليوم إلى 152 ألفا و65 من مجموع 724 ألفا و336 حالة عدوى مؤكدة في 201 بلد. إلى جانب ذلك، لم تفتأ السلطات الصحية تضاعف التصريحات المطمئنة، مؤكدة أن "98 بالمائة من المرضى يتماثلون للشفاء" في فرنسا. وقال الرقم الثاني في وزارة الصحة الفرنسية في تصريحات أدلى بها مؤخرا، أوردتها وسائل إعلام محلية: "طلبنا من قطاع الصحة العمومية الفرنسي مدنا بأرقام حول عدد المرضى الذين تماثلوا للشفاء، والذي يقدر ب 98 في المائة. أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن ينظر الفرنسيون وينصتوا للأشخاص الذين تعافوا، ما سيمكن من إظهار أهمية الأشكال غير الضارة". من جانبها، بدأت وسائل إعلام فرنسية، على غرار مثيلاتها حول العالم، انجرفت في البداية مع موجة الوفيات، في بث مقالات وربورتاجات حول حالات الشفاء من المرض؛ فقد كان هذا شأن قناة "فرانس 2" التي بثت في نهاية الأسبوع شهادة مؤثرة لتعافي زوجين في عقدهما التاسع؛ وهي الشهادة التي جاءت لمنح الأمل وطمأنة القلوب المتوجسة للفرنسيين. وتوالت الشهادات على أعمدة عدة منابر إعلامية فرنسية، ومن قبل شخصيات، نساء ورجالا، من مختلف الأعمار وجميع مناطق فرنسا، أصيبوا بعدوى فيروس "كوفيد-19"، وتحدثوا عن تعافيهم ليمنحوا بذلك الأمل لمواطنيهم. وقال أحد الناجين من فيروس كورونا المستجد، في تصريح أدلى به لأحد العناوين الصحافية الفرنسية، إنه "ينبغي الاستعداد لالتقاط عدوى المرض، لكن مع الاستمرار في الاعتقاد أن المعيار هو التعافي". ولعل ما يبقي الأمل في تجاوز هذه المحنة هو، أيضا، الأمل في التوصل إلى لقاح لهذا الفيروس المستجد، فالبحث العلمي العالمي معبأ: من الولاياتالمتحدة إلى الصين مرورا عبر أوروبا، والكثير من المختبرات عبر العالم، التي تعمل حاليا على إعداده. من جهة أخرى، فإن أولى نتائج البحث الأوروبي الرامي إلى تقييم أربعة علاجات تجريبية لفيروس "كوفيد-19"، بما في ذلك الكلوروكين الشهير الذي أسال الكثير من المداد خلال الأيام الأخيرة، سيكشف عنها نهاية الأسبوع الجاري، حسب ما أعلن، أمس الإثنين، وزير التعليم العالي والبحث الفرنسي، فيردريك فيدال. وستشمل هذه التجربة السريرية الأوروبية، التي أطلق عليها اسم "ديسكوفري"، ما مجموعه 3200 مريض أوروبي في كل من فرنسا، وبلجيكا، وهولندا، ولوكسمبورغ، والمملكة المتحدة، وألمانيا وإسبانيا، حيث ابتدأت في 22 مارس ب 800 مريض فرنسي مصابين بأشكال حادة من المرض. هكذا، وتحت ضغط الطبقة السياسية في اليسار كما في اليمين، إلى جانب الأوساط العلمية، رخصت الحكومة الفرنسية بوصف "الهيدروكسي كلوروكين" كعلاج لفيروس "كوفيد-19". وصدر مرسوم موقع من طرف رئيس الوزراء إدوارد فيليب، ووزير الصحة أوليفيي فيران، بالجريدة الرسمية، يرخص بوصف "الهيدروكسي كلوروكين" للمرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد؛ وهو ما يمنح الأمل للأشخاص المصابين وأسرهم وتخفيف حدة جو القلق الذي فرضته الجائحة غير المسبوقة التي خيمت على العالم بأسره. *و.م.ع