لم تكن الدولة سبّاقة فحسب إلى اتخاذ التدابير الاحترازية والإجراءات الوقائية مقارنة مع الدول المتقدمة الرائدة في المجال الطبي، بل كانت سباقة إلى إحداث صندوق مكافحة الجائحة، وهي مبادرة ملكية حكيمة وثمينة من حيث قيمتها السياسية والمجتمعية. المغرب يفتح خطين متوازيين لمحاصرة الوباء: الأول فرض الحجر الصحي الشامل وتجنيد مختلف أجهزة الدولة لإنجاحه، والثاني منح المتضرّرين من الجائحة والمعوزين مساعدات مالية تغنيهم عن الخروج بحثًا عن الرزق المفقود. وهذا الإجراء الاجتماعي التضامني يُعد سابقة في حدّ ذاته. كما أنه وفي عز الأزمة يعتبر نزول مختلف القوات الأمنية إلى الشوارع والأحياء حدثا استثنائيا سيخلّف العديد من ردود الفعل الإيجابية لدى مختلف أطياف الشعب، الذي وجد نفسه في حاجة إلى الحماية التي تفرضها المحنة التي توحّدَ الجميع تحت مظلتها. وسنستخلص العديد من النتائج والمخرجات نذكر من بينها: - ولادة علاقة جديدة بين المواطن والسلطة من خلال إعادة بناء أسس الثقة بينهما، وهو ما كان شبه مفتقد في الماضي. - نزول القائدات النساء سيغير من الصورة النمطية عن القياد، وسيحظيْن باستحسان من عموم الشعب؛ وسيؤكد ما كنّا ندعو دائما إليه بخصوص أنّ التغيير في البلاد لن يتحقق إلاّ بالشراكة والمناصفة بين النساء والرجال. - مرحلة كورونا ستكون مفصلية في تاريخ المغرب، ونتائجها وتداعياتها يجب أن تُعتمد من طرف لجنة النموذج التنموي المحدثة أخيرا، التي فرض عليها الحجر الصحي في انتظار أن تعود الحياة إلى وتيرتها الأولى. - لا مناص من عودة التعليم العمومي إلى سابق عهده من خلال تدخل الدولة من أجل رفع جودته وتنافسيته، لكيلا تبقى "الجودة" حكرا على القطاع الخاص، الذي أبدى بعض مستثمريه في لحظة دقيقة جشعا غير مقبول. - النهوض بقطاع الصحة العمومية وفتح المجهود الوطني لضمان الصحة العامة للمواطنين في وجه القطاع الخاص، بل والعمل على تعزيز صفوف القطاع الصحي في بلادنا لاستيعاب الأطقم الطبية الوطنية بالخارج (في فرنسا وحدها يعيش أكثر من 7000 طبيب مغربي)، وتسهيل عودتهم للمساهمة في بناء جسم جديد للقطاع الصحي.