أبانت ساكنة تزنيت، طيلة الأيام الأربعة الأولى من تدابير حالة الطوارئ الصحية التي تعيشها المملكة، قصد التصدي لوباء "كورونا" المستجد، عن وعي مسؤول وتجاوب إيجابي مع كافة الإجراءات وأوامر السلطات، خلافا للعديد من المدن التي مازالت تعيش على وقع الارتباك في تطبيق الحجر الصحي المنزلي. فإلى جانب الطابع المحافظ لمدينة الفضة، ساهمت أيضا مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير في نشر الوعي وضرورة البقاء في البيوت واحترام مقتضيات التدابير الاحترازية التي أقرتها السلطات العامة في هذا الصدد، من قبيل هاشتاغ "جميعا من أجل تزنيت زيرو كورونا"، الذي تمت مشاركته على نطاق واسع من طرف مختلف مكونات المجتمع التزنيتي، إضافة إلى التوجيهات والنصائح التوعوية التي تنشر بشكل روتيني من طرف مدونين محليين، وما تحظى به من متابعة وتجاوب كبيرين. السلطات الإقليمية بعمالة تزنيت ومختلف الأجهزة الأمنية والمصالح المنتخبة والجهات المسؤولة كذلك، ومنذ إعلان الطوارئ الصحية انخرطت وبشكل فعال في تكوين يقظة جماعية لدى المواطنين، سواء عبر تنزيلها الناجح محليا لكافة القرارات المتخذة من طرف الجهات المركزية وتطويقها الأمني للمدينة، الرامي إلى إقرار الحجر الصحي المنزلي، أو من جانب الجولات الميدانية اليومية التي تجوب مختلف الأحياء لدعوة الساكنة بالتزام البيوت، فضلا عن مبادرات التضامن التي ينخرط فيها الجميع بغية تخفيف حدة الحاجة للأسر المتضررة من هذه الجائحة. وفي تعليق له حول هذا الموضوع، قال المدون والناشط الحقوقي سعيد رحم، في تصريح لجريدة هسبريس: "بكل تأكيد كانت تيزنيت من المدن السباقة إلى التجاوب مع التوجيهات الوقائية والاحترازية ضد فيروس كورونا، وذلك لعدة اعتبارات مرتبطة بالخصوصية السوسيوثقافية للمنطقة، التي تتميز بالهدوء والإيمان بقيم مشتركة تجد جذورها في الثقافة المحلية الأمازيغية المؤمنة بالتضامن والمصير الإنساني المشترك، طبعا هناك حالات لا يمكن تعميمها، لأن الغالبية العظمى من المواطنين كانت في مستوى الوعي باللحظة". واسترسل رحم: "كما لا يخفى أن المدينة كانت سباقة إلى مجموعة من المبادرات التضامنية، على رأسها "مخبزة ليراك" التي خصصت حصصا من الخبز مجانية للفئات الاجتماعية المتضررة من هذا الوباء، وأيضا مبادرات جمعوية قامت بتدخلات مهمة في الدعم الاجتماعي". واستدرك الناشط الحقوقي ذاته: "لكن هذه المبادرات بطبيعة الحال ستظل محدودة ولا يمكن لها أن تستمر ولا أن تشمل جل أحياء المدينة وباديتها، وبالتالي من الضروري أن يتم تنزيل دعم الدولة في الأحياء الشعبية، لأن المشكل سيطرح في الأيام المقبلة حين لن تجد الأسر أي مدخول لتدبير معيشها اليومي، لهذا فالمسألة ستكون أكبر من مبادرات إحسانية أو جمعوية وتدخل الدولة سيكون أمرا حتميا". وتابع: "ملاحظة أخرى تتعلق بمساهمة المجالس المنتخبة وتدخلاتها أيضا، إذ لا يمكن إغفالها، وخصوصا بعض الإشارات الإيجابية في كل من جماعة الركادة أولاد جرار وجماعة تيزنيت، وأيضا مساهمة مؤسسات اجتماعية كبرى، كمؤسسة باني وجمعية الأعمال الاجتماعية للتعليم". وختم سعيد رحم حديثه قائلا: "باختصار، تيزنيت رسمت لوحة جماعية بألوان التضامن، ونتمنى أن تتوفق في نحت تجربة وعمل تضامني ووقائي على المستوى الوطني".