على غرار باقي مدن المملكة، انخرطت ساكنة مدينة مراكش، بشكل طوعي، في تنفيذ قواعد السلامة المنصوص عليها، في مشهد يجسد للتجاوب الإيجابي مع التدابير والإجراءات الاحترازية المتخذة للتصدي لخطر تفشي وباء كورونا المستجد بالمملكة، مباشرة بعد دخول حالة "الطوارئ الصحية" التي أعلنت عنها وزارة الداخلية حيز التطبيق. وبدت معظم الشوارع الرئيسية بالمدينة الحمراء، أمس السبت، شبه خالية من الناقلات، حيث تناقص عدد السيارات التي تجوب شوارع المدينة بأزيد من 70 في المائة. وأظهرت ساكنة المدينة الحمراء، استجابة فورية ليست بالغريبة عنها وحسا وطنيا كبيرا أبان عن وعيها الكامل بالمسؤولية الملقاة على عاتقها كل حسب موقعه، للمساهمة في الحد من تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19". ويجسد انخراط الساكنة المراكشية، للحس الوطني للمجتمع المغربي إزاء مختلف التوجيهات والإجراءات المتخذة لتدبير هذا الطارئ الاستثنائي، وذلك من خلال التقيد الفوري بالمعايير العامة للوقاية والسلامة الصحية التي تحث عليها السلطات المختصة. وأشادت الساكنة المحلية، في تصريحات متفرقة ل"الصحراء المغربية" بالمجهودات التي تبذلها السلطات المعنية بغية محاصرة انتشار وباء كورونا المستجد، مبرزة أن هذا الفيروس الخطير يستدعي تضافر جهود المواطنين باعتبارهم الحلقة الأولى في سلسلة محاربة هذا الداء. ومنذ يوم الجمعة الماضي، عبأت السلطات المحلية بجهة مراكشآسفي، جميع أعوان السلطة والموظفين العاملين بمصالح الباشويات والملحقات الإدارية التابعة لها، من أجل توزيع المطبوع الخاص برخصة التنقل الاستثنائية التي تعد وثيقة رسمية يشترط الإدلاء بها من طرف الأشخاص أثناء مغادرة سكناهم. وبعد دخول حالة "الطوارئ الصحية" حيز التطبيق، باشرت السلطة المحلية وأعوانها ومسؤولين بالأجهزة الأمنية والقوات المساعدة، تحركاتها الميدانية بين شوارع وأحياء المدينة، قصد السهر على التنزيل الأمثل لإجراءات فرض حالة الطوارئ الصحية ومعاينة مدى التزام المواطنين، فضلا عن إخلاء الشوارع من المارة والأشخاص الذين خرقوا هذه الإجراءات الاستثنائية. وانضم العشرات من الجنود إلى القوات العمومية من شرطة وسلطات عمومية وقوات مساعدة، حيث ظهروا بشوارع المدينة على متن شاحنات وآليات عسكرية، من أجل تفعيل قرار حالة الطوارئ الصحية، كإجراء احترازي ضد تفشي فيروس كورونا المستجد، وهي الإجراءات التي تقتضي عدم مغادرة المواطنات والمواطنين بيوتهم إلا للضرورة القصوى، و بتصاريح صادرة عن السلطات المحلية. وعاينت "الصحراء المغربية" الانتشار الواسع للمصالح الأمنية على طول شارع محمد الخامس وباقي شوارع حي جيليز، حيث شرع رجال الشرطة في التحقق من رخصة التنقل لدى جميع مستعملي الطريق سواء سائقي الدراجات النارية أو السيارات بمختلف أنواعها، حيث يتم إرجاع كل من لا يتوفر على تصريح الخروج إلى منزله وذلك في إطار فرض تطبيق القانون. وحسب حسن الفطواكي، الباحث في سلك الدكتوراه، وعضو هيئة المحامين بمراكش، فإنه لم يرد أي نص صريح لحالة الطوارئ وإجراءات تنظيمها بهذا المفهوم، إلا ما يستفاد من بعض المقتضيات الدستورية المتفرقة ومن بعض التطبيقات المشابهة لها. وأوضح المحامي الفطواكي، أن الدستور المغربي يتناول حالة الاستثناء في الفصل 59 وحالة الحصار في الفصل 74، أما الحالة الراهنة المتعلقة ب"حالة الطوارئ الصحية" لا تندرج ضمن الفصلين المذكورين، غير أنه يمكن الحديث هنا في إطار الفقرة الأخيرة من الفصل 24 والمتعلقة بحرية التنقل والتي لا يمكن تقييدها إلا بقانون. وأشار الفطواكي إلى أن هذا الفصل يرتبط وحالة انتشار الوباء هذه بضرورة الحفاظ على سلامة السكان، والذي يعتبر من مهام السلطات العمومية حسب منطوق الفصل 21 ، وبالتالي ما دام أن الإجراء اقتضته المصلحة العليا للوطن، والخطر المحدق بحياة المواطنين والاستقرار بالبلد، وأن السبيل الوحيد لمحاصرة الوباء ومواجهته يتمثل بالأساس في لزوم كل المواطنين في مقرات سكناهم، وعلى الجميع الانضباط لقرارات السلطة في هذا الظرف العصيب جدا، خاصة أمام تزايد عدد الإصابات بعدوى الفيروس، وأمام تزايد المخاوف من انتشاره بشكل مريب، وعجز العديد من الدول في وقف زحف هذا الفيروس رغم ما توفر لها من إمكانيات متطورة، وتماشيا أيضا مع توجهات منظمة الصحة العالمية التي تعتبر بقاء كل مواطن في منزله الوسيلة المثلى لمواجهة انتشار العدوى. وكانت وزارة الداخلية، أعلنت أن قرار حالة الطوارئ الصحية في المملكة يأتي في سياق التحلي بحس المسؤولية وروح التضامن الوطني، وبعد تسجيل بعض التطورات بشأن إصابة مواطنين غير وافدين من الخارج بفيروس كورونا المستجد. وأوضحت الوزارة، أن حالة الطوارئ الصحية وتقييد الحركة في البلاد لأجل غير مسمى، يعد وسيلة لا محيد عنها لإبقاء فيروس كورونا تحت السيطرة، مضيفة أن ذلك لا يعني وقف عجلة الاقتصاد، ولكن اتخاذ تدابير استثنائية تستوجب الحد من حركة المواطنين، من خلال اشتراط مغادرة مقرات السكن باستصدار وثيقة رسمية لدى رجال وأعوان السلطة، وفق حالات معينة.