كان الليل قد ساد بسواده.. وغاب النهار بضيائه.. وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.. كنت بين الإفاقة والإغماءة..أهي حقيقة أم مجرد أضغاث أحلام.. أنا متقين أنها كوابيس واقعية.. وإذا ما تسرعت وحكيتها.. ستُساء بيَ الظنون ويصبح الحديث ذو سجون .. لكني متأكد أنها رؤية صادقة.. ساطعة ناصعة.. رأيت حاكم كورونا بوجهه الرائع البشاعة.. يرتدي تاجه الأكثر بشاعة.. وهو يضع كمامة على أنفه وفمه.. ويأمرني أن أحافظ على مسافة الاحترام.. قال بصوت هادئ وهادر وصارم وصادم.. أنتم البشر أشرار.. بل أنتم الشر.. قاطعته سيدي كورونا..أتفق معكم... واسمح لي أن إذا تفضلتم يا مولاي.. أن أخبركم أنني إنسان صالح جدا.. محب للخير أكثر.. استلقى ملك كورونا على كرسيه التاجي مقهقها صائحا.. هكذا أنتم البشر بقدر ما تقترفون من الشرور.. بقدر ما تدعون الفضيلة.. اسمع يا بشري يا تافه جدا.. لقد أسأتم لأمنا الطبيعة.. لقرون وانتم تتلذذون بتعذيبها.. تكشطون جلدها.. لتصنعوا ملابسكم.. تهشمون عظامها لتقيموا حضارتكم المزيفة.. تأكلون نعمها وترمون فضلاتكم القذرة في بحارها ووديانها.. وتبكي عيونها زخات من الأمطار فرحا لغسل أوساخكم وتأمين حياتكم.. تماديتم في اقتلاع رئة أمنا الأرض.. ويا لغبائكم.. برئتها تتنفسون.. ولم تستمعوا أبدا لصراخها.. لأنينها.. وانتم تلهثون وراء حماقاتكم.. ونزواتكم.. وتنفثون لوثة دخانكم في فمها.. في وجهها.. في عينها.. تطاولتم كثيرا.. لكن حنان الأم الرؤوم كان يجعلها تغفر خطايكم.. ومسامحتكم ومعاودة مسامحتكم.. حتى أصبحت الخضايا من عاداتكم.. وتوهمتم أن التسامح أصبح من عاداتها.. إلى أن أجبرتم أمّنا الأرض أن ترسل "عينها" إلى السماء.. ولم تفهموا النداء.. وحين رفعتم أعينكم إلى الفضاء.. أعلنتم كارثة "ثقب السماء" .. "ثقب الأوزن".. وشرعتم علنا في التباكي والبكاء.. وأعلنتم سرّا في كواليسكم مجد فحولتكم في افتضاض الأرض والسماء.. يا لكم من أغبياء.. لم تفهموا أن أمّنا الأرض قد فقدت فيكم الأمل والرجاء حين أرسلت عينها.. مخبرها.. ليراقبكم من العلياء.. كانت الرسائل تصلها تباعا.. توثق أفعالكم المخزية بلا استثناء.. منذ البدء أيها البشر.. وأنتم تقتلون بعضكم.. تمتد سكاكينم إلى أعناق آبائكم.. أسرفتم كثيرا في إراقة الدماء.. في إبادة الأبرياء.. في التخريب والشقاء.. أيها البشر أنا كنت نائما.. أرجوكم لا توقظوا كورونا النائم.. لا تفتحوا صندوق كورونا.. وتذكّروا صندوق باندورا.. أيها البشر.. الأرض بيتكم جميعا.. لا تدمروا بيتكم بجنونكم.. صححوا علاقتكم المشوهة بالطبيعة.. صححوا علاقتكم المزيفة بينكم.. وإلا ستغلق الأرض أبوابها. أتوسل إليكم لا توقظوني مرة أخرى.. هيا يا بشري اغرب عن وجهي..