يسعى عبد اللطيف وهبي الذي تم تنصيبه أخيرا على رأس حزب الأصالة والمعاصرة المعروف اختصارا بالبام إلى تشحيم عجلات الجرار وإعطاء الوعود يمينا ويسارا، منذ أن عزم خوض انتخابات الأمانة العامة للبام آملا بذلك إضفاء الطابع المواطنتي على الحزب الذي خُلق من رحم الدولة وترعرع في أحضانها. لقد رأى فيه مؤسسوه ومن يحذو حذوهم أنه سيكون بمثابة كراندايزر البطل يطير بعزم ويرسل حمما ليفتك بالخصوم، لكن وبعد مضي سنوات عجاف حيث بدأت الأعطاب تلو الأخرى تحدّ من اندفاع الجرار أصيبت على إثرها مكوناته من الأطياف المتنوعة التي هاجرت موطنها الحزبي الأصلي بخيبات متتالية رغم تشبث البعض منهم بخطاب يسعون من ورائه سربلة حزبهم بسربال النضالية ومحاولة إبرازه كالمنقذ من الضلال. تصريح الأمين العام المُنصّب على رأس البام بأن لا أعداء لحزبه، هو في حقيقة الأمر بمثابة مرافعة لمحام يسعى لأن يقنع الآخرين بأن موكله بريء من صكوك الاتهام الموجهة له، بمعنى آخر فهو يريد بذلك أن يكسب ود الجميع ويدشن منهجا جديدا للجرار الذي سُلّم له تمكنه من الانطلاق من جديد بمنطق وعقلية تفتح له ربما افقا جديدا في أن يكون جزءا من مكونات المشهد الحزبي ينال نصيبه كما الآخرين عوض إيهام الذات بأن ينال الكعكة كلها. لقد أيقن السيد وهبي وبعد أن فشلت كل محاولات البام لقيادة المشهد السياسي على أن السياسة في بلادنا تُختزل في آخر المطاف في هدف واحد ووحيد وهو الاستوزار ولا شيء آخر غير الاستوزار، وما الائتلافات الحكومية الحالية وأخواتها ممن سبقوها سوى أقوى دليل على ذلك، وكيف لا وهي الائتلافات التي لا لون ولا طعم سياسي له، ولا قاسم مشترك يمكن أن يقال عنه انه ركيزتهم أو اللحمة التي تجمعهم، لا شيء من هذا وذاك يمكن أن يقال عنه بأنه حافزهم في تشكيل هذه الحكومات المؤتلفة المتنافرة. إنها عناصر قد تكون وراء انقشاع الغشاوة عن أعين الباميين الجدد وعلى رأسهم السيد عبد اللطيف وهبي والذين وجدوا أنفسهم في حيرة من أمرهم بعد أن زال الوهم الذي راوض مخيلاتهم لمدة طويلة في أن يصبحوا القوة السياسية الأولى في البلاد وأدركوا أن هذا السراب السياسي طال أمده، وما عليهم إلا ينصهروا في هذا المشهد السياسي إن هم أرادوا أن ينعموا بنصيبهم من البيتزا الحكومية.