يعيش الفلاحون الصغار في المغرب، منذ أسابيع أياماً، صعبة ازدادت سوءًا مع قدوم شهر مارس دون أن تجود السماء بأمطار تنعش الأراضي وتوفر الكلأ للمواشي. ولم تشهد المملكة، منذ شهر يناير الماضي، تساقطات مطرية؛ وهو ما يؤشر على موسم فلاحي ضعيف، سيؤثر على الفلاحة والنمو الاقتصادي للبلاد في السنة الجارية. وتزامناً مع غياب الأمطار، تشهد المملكة درجات حرارة غير اعتيادية في أغلب المدن، في الوقت الذي تسجل فيه الأشهر الأولى درجات حرارة منخفضة في المواسم العادية. ويجمع العلماء على أن الاضطرابات التي تعرفها فصول السنة سببها الاحتباس الحراري، الذي أصبح قضية مقلقة في السنوات الأخيرة نوقشت في إطار الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية. وسيتأثر من هذا الوضع المقلق المحصول الوطني من الحبوب؛ وهو ما سيدفع المغرب إلى استيراد كمية أكبر من الخارج، لتوفير هذه المادة الحيوية لدى المطاحن وضمان أسعار في المتناول للخبز للمغاربة. كما ينتج عن غياب الأمطار ارتفاع أسعار العلف في الأسواق، وقد هم الأمر التبن الذي وصل 33 درهماً للوحدة مقابل 15 درهماً في الوضع العادي، نفس الشيء ينطبق على الشعير والقمح التي عرفت أسعارها هي الأخرى ارتفاعاً. وبما أن الارتفاع كان كبيراً، خصوصاً في المناطق التي لا تعرف إنتاج العلف، أصبح "الكسابة" يفضلون بيع جزء من ماشيتهم على شراء العلف بأثمنة مكلفة جداً لهم. وحسب ما علمته هسبريس، من المرتقب أن تعلن الدولة، في غضون الأيام المقبلة، عن تخصيص 2,5 ملايين قنطار من الشعير في إطار برنامج استعجالي لتوفير العلف بدعم يصل إلى 25 في المائة. وقال عبد الرحمن مجدوبي، رئيس الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، إن الكسابة يواجهون جفاف الأمطار وجفاف السوق، مشيراً إلى أن "جفاف السوق هو الأصعب؛ لأن الأثمنة بخسة والعرض أكثر من الطلب". ويستغل "الشناقة" هذا الوضع لشراء الماشية بأثمنة منخفضة. ويستغرب مجدوبي، في تصريح لهسبريس، عدم انخفاض سعر اللحم في محلات الجزارة، حيث لا يزال في حدود 75 درهماً للكيلوغرام الواحد. وحسب مجدوبي، فإن المناطق الشرقية والجنوبية الواقعة تحت محور الدارالبيضاء - وجدة هي الأكثر تضرراً من غياب التساقطات المطرية، أما المناطق الأخرى فلا يزال العشب مستمراً بعض الشيء. ويؤكد خبراء فلاحيون أن أمطار شهر مارس تكون حاسمة بالنسبة إلى الزراعات البورية، ويبقى أكبر متضرر هو الفلاحون الصغار في المناطق القروية الذين يعتمدون على زراعتهم كمصدر عيش. وعلى الرغم من أن المغرب خفض، خلال العقد الماضي، الاعتماد على الزراعات المرتبطة بالتساقطات المطرية؛ فإن المواسم الفلاحية، التي تسجل ضعفاً في التساقطات الأمطار، تنعكس على معدل النمو الاقتصادي للبلاد. ولا يزال حوالي 40 في المائة من سكان المغرب من قاطني البوادي، وأغلبهم يشتغلون في الفلاحة التقليدية، ولذلك يكون لضعف الأمطار تأثير على الاقتصاد الوطني بصفة عامة.