الهرولة صوب المغرب: اشتريت البارحة تمرا جزائريا من سوق الفلاح، وفي اتصال مع الزوجة نبهتني ألا أفعل مرة أخرى؛ ثم أضافت: أمَا وقد فعلتَ فعليك غسلُه بماء جافيل قبل أكله. وهل يغسل التمر بجافيل يا عزيزتي؟ نعم، حينما يكون جزائريا، وفي هذه الأيام العصيبة بالضبط. وخصوصا حينما تكون أنت من يشتريه؛ أنسيتَ حب الجنرالات الشديد لك؟ كدت أقع من شدة الضحك – رغم أنف كورونا – خصوصا حينما أكملت: على الحكومة أن تراقب جيدا حتى الذئاب والثعالب المتسللة عبر الحدود، في الخلاء. وهل ترينهم يفعلونها؟ ولم لا، أجابت، وكل ما في جعبتهم من الكراهية جربوه في المغرب؛ فلماذا يشفقون علينا من كورونا؟ لن يرتاحوا حتى يرفعوا حالات الإصابة عندنا إلى خمسة. التعادل إذن حتى في كورونا؟ ردت: أنا أتحدث بجد وأنت تمزح.. الأيام بيننا وسترى. كن على يقين يا حبيب الجزائر أنهم سيفتحون الحدود هذه المرة، مع اعتذار للملكة. ثم ماذا بعد؟ هل نسيت وضع مخيمات تندوف الكارثي الآن؛ أما حينما ينتشر الوباء هناك، حيث يتجمع عشرات الآلاف، يستنشقون بفم واحد وأنف واحد، ويذهبون إلى الخلاء دفعة واحدة، ذكورا وإناثا، فسيحل مشكل الصحراء بكيفية تامة. كيف يا رَزان؟ سيُفك الحصار عن مواطنينا، وسيُدفعون دفعا صوب المغرب، وربما سيُلحق بهم حتى قدامى مغاربة تندوف. هكذا بكل هذه السرعة، بعد عشرات السنين من إبداع العراقيل، والتسويفات حتى في ما يتعلق بالإحصاء. نعم أيها الكاتب الغِر، وستسجل هيئة الأمم لأول مرة في تاريخها، أن مشكلا دوليا مزمنا حل بطريقة وبائية منصفة. قصف المغرب بمواطنيه: أجبتها: أهلا بكورونا إذن. لا، أهلا بسياسة الكراهية الجزائرية، التي أنعم عليها الله بسلاح كورونا؛ لتقصف المغرب بمواطنيه المحتجزين. كيف؟ قصف المغرب بمواطنيه؟ نعم هل نسيت يا زوجي يوم حدثتني عن حصار يوناني قديم لإحدى المدن، حيث كانت جثث صرعى وباء الطاعون المتفشي بين المحاصرين، تقذف عاليا إلى ما وراء الأسوار مثيرة الهلع. فعلا كان سلاحا وبائيا رهيبا، وفي فجر التاريخ. لستَ أنت وحدك من قرأ هذا التاريخ الأسود، لقد سبقك إليه جنرالات الجزائر، وسترى. فليكن يا عزيزتي، وألف مرحبا بمواطنينا، مرضى أو أصحاء. ولا نامت أعين جنرالات الكراهية؛ وحفظ الله شعب الجزائر وشعب المغرب، وكل الإنسانية. وماذا بعد يا زرقاء اليمامة؟ ماذا ترين، مما يحسب لكورونا أيضا؟ أرى هذه الكورونا علمانية، وستشتغل كما لم يشتغل أي علماني، من أجل الدولة المدنية. ألم يلجأ البابا أخيرا إلى إجراء تحليلات الكشف عنها؟ لقد فعلها لتأكده من قوتها العلمانية الرهيبة، واحتمال قصفها لرأس الفاتيكان قبل أن يرتد إليه طرفه. لقد فعلها البابا؛ خصوصا حينما لا حظ الفاتيكان وقد غدا قاعا صفصفا. لا صلاة تطلب اليوم أيها البابا. الناس يطلبون صلوات العلماء في مختبراتهم، ويتابعون تجريب الأدوية، أولا بأول كما يقول حفدة الفراعنة. ما أكثر قسوتك هذا اليوم يا عزيزتي؛ حتى البابا تعيدين فيه النظر؟ ردت بلعلعة ضحكة: أين اختفى أصحاب الرقية الشرعية؟ وما بال أصحاب العمرة؛ لماذا لا يطرحون الأسئلة الكورونية؟ لماذا لا يحيلون أموالهم المرصودة لزيارة الكعبة إلى مختبرات الأبحاث الطبية في بلدانهم؟ لا عمرة ولا حج حتى يطوف العلماء بكل تفاصيل هذا الوباء. "وكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد" كفى كفى يا رزان زمانها؛ أكل هذا في كورونا؟ إذن هي لا تخلو من فوائد؟ أينما ذهبت يأتينا خراجها. أقفلت الخط معها، ليكمل كل واحد ضحكه على هواه. الضحك في زمن كورونا.