قال محمد عبد القادر، وزير العدل، إن الإجراءات القانونية التي تمّ اتخاذها، منذ توجيه الملك محمد السادس لتعليماته بمحاصرة ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، قد مكّنت من محاصرة هذه الظاهرة والحيلولة دون استفحالها. واستدل بنعبد القادر، في كلمة بمناسبة الاجتماع الدوري للجنة المكلفة بالتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، صباح الثلاثاء بمقر وزارة العدل بالرباط، بعدم تسجيل أي حالات جديدة للاستيلاء على عقارات الغير منذ مباشرة تنزيل قرارات وتوصيات اللجنة. وحسب المعطيات الرقمية التي قُدمت خلال الاجتماع السابق للجنة المكلفة بالتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، شهر شتنبر الماضي، فقد سُجل ما مجموعه 40 قضية رائجة أمام المحاكم مرتبطة بالاستيلاء على أراضي الغير. ومقارنة مع السنة الفارطة، فقد انخفض عدد القضايا الرائجة أمام المحاكم بأربع قضايا، حيث توجد، حاليا 36 قضية أمام المحاكم؛ 4 منها في البحث، و7 منها في طور التحقيق، و8 في المرحلة الابتدائية، و15 في طور الاستئناف، وقضيتان في مرحلة النقض، حسب المعطيات التي قدمها ممثل النيابة العامة. وأبدى وزير العدل تفاؤله بشأن تمكين دخول القوانين الجديدة المتعلقة بمحاربة الاستيلاء على أراضي الغير حيّز التنفيذ من تحصين الملكية العقارية في المغرب وسد الثغرات التي كان يرتكبها مرتكبو أفعال الاستيلاء، معتبرا أن هذه القوانين "ستقطع عليهم الطريق بصفة نهائية وستحقق الحماية والردع المطلوبيْن". وزير العدل أوضح أن المجهودات المبذولة "مكّنت فعلا من الحد من تفشي ظاهرة في أفق القضاء عليها نهائيا"؛ لكنه استدرك أن العمل في سبيل القضاء على ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير يجب أن يستمر، بالتعبئة الشاملة لمواصلة استكمال تنزيل كافة توصيات وقرارات اللجنة المكلفة بهذا الموضوع. كما دعا بنعبد القادر إلى إيجاد صيغ لتصفية القضايا المتعلقة بالاستيلاء على العقارات غير المعروضة على أنظار المحاكم، وتسريع وتيرة البت فيها بوتيرة تراعي استقلالية القضاء وتكفل التطبيق السليم للقانون، وتضمن البت في القضايا داخل أجل معقول. وبرزت ظاهرة الاستيلاء على أراضي الغير بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، حيث تم السطو على أراضي عدد من المواطنين في مختلف مناطق المغرب، عن طريق التزوير؛ وهو ما دفع الملك، بعد تواتُر الشكايات، إلى توجيه أوامر إلى وزير العدل باتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي الفوري لهذه الظاهرة بعد استفحالها. وقال محمد بن عبد القادر إن التشخيص، الذي قامت به اللجنة المكلفة بالتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، خلص إلى أن من بين أسباب تفشي هذه الظاهرة اعتماد الوكالات العرفية أثناء إبرام العقود الناقلة للملكية العقارية، ووجود بعض أوجه القصور من الناحية التشريعية فيما يخص صلاحية السلطات القضائية المختصة لعقل العقارات محل الاعتداء ومنع التصرف فيها إلى حين البت فيها. وأضاف المتحدث أن من بين أسباب تفشي ظاهرة الاستيلاء على العقارات أيضا وجود اختلاف في العقوبات الزجرية بخصوص جرائم التزوير التي يرتكبها محررو العقود، فضلا عن وجود قصور تشريعي واضح في تنظيم عقد الوكالة والتنظيم القانوني للشركات المدنية، خاصة تلك التي يكون محلها عقارات. واستعرض وزير العدل القوانين التي أعدتها الوزارة، لسد القصور المسجل على المستوى التشريعي، مشيرا إلى أن القوانين التي تم إقرارها تتسم بالجودة والفعالية؛ لكنه استدرك أن خطورة ظاهرة الاستيلاء على العقارات ومساسها بالأمن العقاري للمواطنين "يحتم علينا التحلي باليقظة القانونية والنفاذ إلى عمق النصوص القانونية لاستكشاف ثغراتها ونواقصها، والعمل على معالجتها لتعزيز المكتسبات المحققة وضمان فاعلية الإجراءات المتخذة".