مباشرة بعد موقف الحكومة الإسبانية من استقبال وزير ينتمي إلى حزب "بوديموس" لوفد عن جبهة "البوليساريو"، أرجأت السلطات الجزائرية، للمرة الثانية على التوالي، زيارة كان يرتقب أن تقوم بها وزيرة خارجية إسبانيا إلى البلاد، اليوم الأربعاء. وكشفت مصادر إسبانية عن تدخل السلطات الجزائرية، في إشارة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في آخر اللحظات، لتعليق الزيارة الأولى من نوعها لوزيرة خارجية إسبانيا أرانشا غونزاليس لايا. وأجلت الجزائر زيارة رئيسة الدبلوماسية الإسبانية، التي كان يوجد ضمن أجندتها ملف الصحراء المغربية، إلى غاية الأسبوع الأول من شهر مارس المقبل، بينما ربطت مصادر إسبانية أسباب التأجيل بالتقارب بين الرباطومدريد. ويبدو أن موقف وزيرة الخارجية الإسبانية من استقبال كاتب الدولة الإسباني للحقوق الاجتماعية، ناتشو آلفاريز، المنتمي إلى حزب "بوديموس"، لمن تسمى ب"الوزيرة الصحراوية للشؤون الاجتماعية وترقية المرأة" قد أزعج الجزائر. وكانت رئيسة الدبلوماسية الإسبانية اتصلت بنظيرها المغربي، وأكدت له أن لقاء الوزير الإسباني لا يعكس موقف الحكومة الإسبانية، وأكدت أن مدريد لا تعترف ب"الجمهورية الصحراوية"؛ وهو الموقف الواضح والصريح الذي خلف صدمة لدى قيادات "البوليساريو". وليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها الجزائر بإلغاء زيارة وزيرة الخارجية الإسبانية، فقد سبق أن ألغت زيارة لها في يناير الماضي بعد تفضيلها للمغرب في أول زيارة قامت بها بعد تسلمها منصب الخارجية. واعتبر قيادي في جبهة "البوليساريو" الانفصالية أن تعليق الجزائر لزيارة وزيرة الخارجية الإسبانية يحمل في طياته عدة رسائل سياسية، مشيرا إلى أن "الجزائر في عهد تبون تريد أن تقول لا شيء، كما كان من قبل"، وزاد أن "ملف الصحراء هو مقياس حرارة العلاقة بين الجزائر ودول أخرى". وبات الجزائر، في عهد تبون، وفق الكثير من المؤشرات، أكثر عدوانية تجاه المغرب، إذ استدعت قبل أيام سفيرها في الكوت ديفوار للتشاور، عقب فتح هذا البلد الإفريقي قنصلية له في مدينة العيون المغربية. وكانت وزيرة الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسبانية قد أكدت، في زيارة لها إلى الرباط، الشهر الماضي، على موقف بلادها الصريح والواضح والحاسم من قضية الصحراء المغربية، مبرزة أن مدريد تدافع عن مركزية الأممالمتحدة في البحث عن تسوية لهذا النزاع. كما أكدت الوزيرة الإسبانية، خلال لقاء صحافي مشترك مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن موقف إسبانيا بشأن قضية الصحراء "موقف دولة، وليس رهينا بتغير الحكومات أو التحالفات".