تحول قصر آيت بنحدو التاريخي في جنوب شرق المغرب بمبانيه المنتصبة في ما يشبه قلعة حصينة إلى ديكور طبيعي لتصوير الكثير من الأفلام والمسلسلات العالمية، أشهرها مسلسل "غايم أوف ثرونز"، بعدما حافظ على أصالته المعمارية على مرتفعات مطلة على وديان. تتراءى بنايات القصر الطينية الحمراء كأنها صوامع أو أبراج معلقة على ظهر المرتفع الصخري المطل على واد جاف. ويحميها سور فيه مدخلان؛ أحدهما مرتبط بقنطرة والآخر يفضي إلى ضفة الوادي. يقود هذا المدخل صعودا عبر ممرات ضيقة ملتوية إلى ساحة وسط القصر كان يتجمع فيها السكان قبل أن يهجره غالبيتهم. وتطلق تسمية "القصور" في جنوب شرق المغرب على المساكن الجماعية الطينية المسيجة بأسوار وفق طراز هندسي فريد من نوعه، يعد آيت بنحدو أشهرها. ويقع القصر الذي يرجح أن تعود أقدم المباني داخله إلى القرن السابع عشر، بحسب منظمة اليونسكو، شرق جبال الأطلس الكبير على طريق شكلت لقرون ممرا للقوافل التجارية بين إفريقيا جنوب الصحراء والمغرب. وفضلا عن البيوت المتلاصقة خلف أسواره، يضم القصر مخزنا للحبوب ومسجدا ومقبرتين للمسلمين وأخرى لليهود، بحسب ما تفيد منظمة اليونسكو التي أدرجته على قائمتها للتراث العالمي للبشرية. ولم يحتَجْ منتجو المسلسل الشهير "غايم أوف ثرونز" لإدخال الكثير من التغييرات على معالم القصر كي يتحول إلى مدينة "يونكاي" الأسطورية، التي غزتها الأميرة دينريس تارغاريان، إحدى شخصياته الرئيسية. ومع أن الكثير من بيوته تحولت إلى دكاكين تعرض منتجات الصناعة التقليدية، إلا أنه حافظ على هندسته الفريدة والجذابة ليحتضن تصوير أعمال يغلب عليها الطابع التاريخي أو الأسطوري، مثل "لورانس أوف أريبيا" و"غلادييتر" و"ذي موميء". تراث سينمائي عريق يوضح حمادي (61 عاما) أن هذه الأعمال ساهمت في شهرة المنطقة مفتخرا بأدائه دور كومبارس في الكثير منها. ويشير إلى صورته بلباس مصارع روماني مع المخرج الأميركي ريدلي سكوت أثناء تصوير فيلم "غلادييتر" معلقة ببهو بيته الذي يقصده السياح. ويطل هذا البيت، مثل غالبية مساكن القصر، عبر شرفات على الهضبة المقابلة في الضفة الأخرى للوادي، إلى حيث انتقل معظم السكان للإقامة في بيوت اسمنتية. وعلى جدار شرفة بيت على ارتفاع أعلى، يعرض المرشد السياحي أحمد (29 عاما) ورفاقه من شباب القصر صورا مماثلة، بعضها من كواليس تصوير مشاهد "غايم أوف ثرونز". ويطمح أن تجد هذه الصور طريقها للعرض في متحف خاص بالأعمال السينمائية التي احتضنها القصر، مشيرا إلى أن "أول فيلم صور هنا يعود إلى الأربعينيات، لدينا تراث سينمائي عريق نأمل استغلاله في جذب السياح". ويتأسف الشاب المتحمس لعدم انعكاس شهرة "غايم أوف ثرونز" على السياحة في المنطقة، بينما استقطب المسلسل مشاهدين عبر العالم منذ بث أول مواسمه في العام 2011 إلى درجة أنه شكل ظاهرة اجتماعية. ويضيف: "يسألني بعضهم إن كان هذا المكان الذي صورت فيه مشاهد من المسلسل، لا شيء يدل على ذلك!" وينطبق الأمر نفسه على القصبة التاريخية في ميناء الصويرة المطل على المحيط الأطلسي غربا، حيث صورت مشاهد من المسلسل. ويحتمل أن يعود طاقم المسلسل للعمل في المغرب لتصوير لقطات من مسلسل جديد مشتق منه بعنوان "هاوس أوف ذي دراغن"، المقتبس عن قصة للكاتب جورج ر.ر. مارتن أيضا. وفي حين انعكس النجاح الكاسح "لغايم أوف ثرونز" ازدهارا في القطاع السياحي في إيرلندا الشمالية ودوبروفنيك في كرواتيا، لم يقدم المسؤولون عن القطاع في المغرب على استثماره لجذب السياح. *أ.ف.ب