حددت محكمة الاستئناف بمراكش ال 17 من شهر مارس المقبل تاريخا لعقد جلسة جديدة بخصوص ملف الشاب الكويتي المتابع من طرف النيابة العامة المختصة بتهمة هتك عرض فتاة وافتضاض بكارتها بمنطقة النخيل السياحية. وأثار هذا الملف جدلا كبيرا من طرف نشطاء حقوقيين لم يستسيغوا قرار متابعة المتهم في حالة سراح، وكذا مغادرته التراب الوطني، وتناثرت حوله الأخبار والمعطيات، ما دفع هسبريس إلى وضع هذه القضية تحت مجهر الفحص من أجل الحقيقة والإنصاف. مغالطات رفضت مصادر من محكمة الاستئناف بمراكش، طلبت من هسبريس عدم الكشف عن هويتها للعموم، الاتهامات الموجهة لهذه المؤسسة القضائية، مشيرة إلى أن "الجميع مُطالبٌ بالتسلح بالحذر حتى لا ينطق عن الهوى، فالبينة على من ادعى". وتابعت هذه المصادر قائلة إن "القضاء ليس لعبة بيد أحد، ومنطقه لا يساير الرغبات التي لا حدود لها، لأن القضاة ينصتون لصوت العدل والإنصاف، ويدرسون الوثائق ذات الحجية وصدقية البرهان". ونفت "هروب الشاب الكويتي المتهم بهتك عرض الفتاة بمقاطعة النخيل، لأن دفاعه أدلى بشهادة طبية تثبت خضوعه لعملية جراحية بوطنه، وعليها بنى قاضي الجلسة يوم الثلاثاء 11 فبراير قرار التأخير". وأكدت أن "المتهم يتمتع بالمتابعة في حالة سراح، ويتوفر على تنازلين؛ واحد موقع من طرف الأم مباشرة بعد واقعة هتك عرض الفتاة، والثاني موقع من طرف والدها بعد انطلاق المحاكمة، وضمانة السفير الكويتي". وأشارت مصادرنا إلى أن "محامية الضحية زارت رئيس محكمة الاستئناف يوم 30 يناير الماضي، وبعدها مباشرة أدرج هذا المسؤول طلبها بإغلاق الحدود في وجه الشاب الخليجي من جنسية كويتية، بث فيه في الحين بالقبول، لكن الأقدار شاءت أن يغادر المتابع المغرب في اليوم ذاته قبل وصول الأمر إلى شرطة الحدود بزمن قصير". وأوردت المصادر نفسها أن "هذه القضية شائكة؛ أولا لأن والدي الفتاة قدما تنازلين منفصلين مقابل مبالغ مالية، وثانيا لأن الضحية لا تتوفر على شهادة تثبت تاريخ ازديادها، ما يجعل القول بأنها قاصر يثير الكثير من الاستغراب والشكوك، في ظل غياب وثيقة رسمية تمكن من معرفة عمرها بالتحديد". وأضافت أن "كل المحامين رفضوا تحمل الدفاع في ملف هذه الضحية، والمحامية التي كانت تترافع عنها تخلت مؤخرا عن ذلك، بعدما اكتشفت غموض الفتاة وأسرتها". وزادت أن "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نصبت نفسها طرفا مدنيا بعدما تخلى الكل عن الفتاة وتنازل والداها عن متابعة المتهم". وفي انتظار موعد الجلسة المقبلة، التي حدد لها يوم ال 17 من مارس القادم، يبقى الموضوع محط اهتمام من طرف الجميع، وخاصة رئاسة محكمة الاستئناف التي "تتابعه بكل ما يلزم من العناية وجعلته من أولوياتها"، وفق تصريح هذه المصادر لهسبريس. تخوفات حقوقية وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان-فرع المنارة مراكش نظمت وقفة احتجاجية، يوم الثلاثاء الماضي، تنديدا بتوفير الغطاء السياسي والمالي لتهريب المتهم خارج التراب الوطني، معتبرة ذلك "تدخلا سافرا في الشؤون القضائية للمغرب ومخالفا للأعراف الدبلوماسية". وراسل الفرع الحقوقي كلا من وزير العدل، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، ورئيس النيابة العامة، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، للمطالبة ب"فتح تحقيق وتعميق البحث لإجلاء الحقيقة في قضية اغتصاب قاصر من طرف مواطن كويتي". وشكك هذا التنظيم الحقوقي، بحسب رسالتين توصلت بهما هسبريس، في إدلاء المتهم بشهادة طبية لتبرير غيابه عن جلسة 11 فبراير 2020، وتساءل عن مدى صدقها، ومكان وتاريخ إصدارها، معتبرا ذلك "مجرد محاولة لتضليل العدالة". وطالب "باللجوء إلى كافة الآليات القانونية، الوطنية والاتفاقيات الثنائية، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما فيه البروتوكول المشار إليه لاستقدام المتهم ومتابعة محاكمته حضوريا وليس غيابيا أمام القضاء المغربي"، وفق مضمون الوثيقتين سالفتي الذكر. كما راسل فرع المنارة مراكش للجمعية المغربية لحقوق الإنسان كلا من وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، للمطالبة "بمراقبة مدى تطبيق القانون واحترام حقوق الإنسان في قضية هتك عرض الفتاة ضحية الشاب الكويتي". للقصة بداية في مارس 2019 بملهى ليلي بمدينة مراكش، التقى الشاب الكويتي ضحيته جوهرة، التي لم يكتب لها أن تتابع دراستها فكانت من ضحايا الهدر المدرسي، وهتك عرضها في اليوم الخامس من شهر دجنبر من السنة نفسها، ما لوث سمعة بلد وشوه سيادة وطن أصبح محط اتهام ببيع أطفاله بثمن بخس. ففي محضر الاستماع، تروي الضحية جوهرة لرجال الأمن منسوب العنف الذي مورس عليها داخل منزل بحي النخيل بمراكش، قائلة: "طلب مني المدعو عبد الرحمن سمران الدخول إلى سكن هو عبارة عن فيلا، وهناك بغرفة أخذ هذا الأخير يتحسس مفاتني. وأمام إصراري على مغادرة المنزل، بدأ في تعريضي للعنف عن طريق صفعي وشدي من شعري حتى تمكن من شل حركتي، وهناك مارس عليّ الجنس بقوة، أحسست بألم شديد، فأصبت بنزيف حاد على مستوى فرجي". عائلة الضحية، من جهتها، لم تعلم بواقعة الاغتصاب إلا بعد وقوعها ببضعة أسابيع، لأن الضحية لم تعد إلى المنزل، بحسب محاضر الاستماع التي تتوفر عليها هسبريس. وأوردت هذه الوثائق أن "الطفلة جوهرة صرحت بما يلي: وأمام حالة الذعر التي كنت عليها، وخوفا من لقاء أي فرد من أسرتي، وخوفا من لقاء والدي ووالدتي، سافرت إلى أكادير". شكاية فتحقيق "بناء على تعليمات النيابة العامة عدد 2019.3103.76، فتحت الشرطة القضائية بمراكش تحقيقا تمهيديا في شكاية قاصر تسمى "ج. أبو الشيخ" في شأن تعرضها لهتك العرض الناتج عنه افتضاض البكارة ضد المشتكى به الأجنبي (ع. س)"، وفق مضمون المحاضر نفسها. وجاء في هذه المحاضر أن المعني بالأمر أكد "بالفعل معرفته بالمشتكية التي تعرف عليها شهر مارس من السنة الجارية (2019)، وفي شهر يوليوز اتصل بها من جديد واتفقا على مرافقته إلى سكنه بمقاطعة النخيل من أجل ممارسة الجنس معه مقابل تسليمها مبلغا وسلمت له نفسها". إلى ذلك، قررت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تتمتع بالمنفعة العامة، تنصيب نفسها كمطالب بالحق المدني، حماية للقانون، وحفاظا على المصلحة الفضلى للطفل، وقرر رئيس الجلسة ضم طلبها إلى الجوهر للبت في قبوله من عدمه. معايير باريس شكلت معايير باريس حزمة المعايير الدولية المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1993، وتنص على تطبيق القانون ومنع الإفلات من العقاب، خاصة وأن القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان يخول للأخير ممارسة صلاحيات الآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا انتهاكات حقوق الطفل. ومن بين صلاحيات هذه الآلية تلقي الشكايات المقدمة إما مباشرة من قبل الأطفال ضحايا الانتهاك أو من نائبهم الشرعي، أو من قبل الغير، كما تقوم بمباشرة جميع التحريات المتعلقة بالشكايات المتوصل بها ودراستها ومعالجتها والبت فيها. وتقوم كذلك بتنظيم جلسات استماع ودعوة الأطراف المعنية بالانتهاك أو شكاية وكذا الشهود والخبراء وكل شخص ترى فائدة في الاستماع إليه. وتتصدى تلقائيا لكل حالات خرق أو انتهاك حقوق الطفل التي تبلغ إلى علمها وتبليغ السلطات القضائية المختصة وموافاتها بجميع المعلومات والمعطيات والوثائق المتوافرة لديها في حالة وقوع خرق أو انتهاك فعلي.