قال الكاتب المغربي عبد الكريم جويطي إن "النصوص المُهمشة التي لا تقرأ كثيرا هي التي صنعت الجمالية داخل الرواية العالمية على امتداد تاريخها"، مشيرا إلى أن "الكتابة الروائية شأن شخصي، بينما في باقي الحقول المعرفية يشتغل المؤلفون بشكل يستند إلى مصطلحات ومفاهيم متفق عليها". جويطي، الذي تحدث مساء الجمعة بالمعرض الدولي للكتاب، أضاف أن "الكاتب يتناول مواضيعه بلغة الفرد المعزول الذي يواجه العالم كاملا، ثم يأتي الناقد ليكون مصاحب له، ووسيطا من أجل تفسير ما أراد طرحه على مستوى كتاباته". واستعاد صاحب رواية "المغاربة" شريط بداياته الأولى مع فعل الكتابة، إذ التقى الكاتب الإسباني خوان كوتي صولو، وسأله بعد حفلة عشاء بمراكش: "أنت كاتب كبير بماذا يمكن أن تفيدني؟"، فأجابه الراحل الإسباني: "لا شيء، لكنك مطالب بمطالعة النصوص العظيمة المؤسسة". وأوضح جويطي أن "الكتابة عمل استئنافي، إذ لا بداية له"، مسجلا أن "التراكم على مستوى الفعل الإبداعي لا يعني بالضرورة الخروج بتجربة"، ومستشهدا بأنه "أجرى حوارات صحفية بعد عمله "المغاربة"، وأحيانا يطرح الصحافيون السؤال نفسه، لكن إجاباته تختلف، وكلها صادقة". وأردف جويطي بأن "الكاتب مطالب برسم مساره الخاص"، مستشهدا بسيرة الكاتب رسول حمزاتوف، الذي كان والده شاعرا بالأسواق، ولما فكر الرجل في اقتفاء أثر أبيه، ذهب من الطريق نفسها التي رسمها السلف، ليخبره أحدهم بضرورة التغيير ورسم مسار متفرد، وزاد: "هذا أكبر درس في الحياة". وأكمل صاحب عمل "كتيبة الخراب"، متحدثا عن الجوائز: "المجتمعات العربية متخلفة في كل شيء.. العالم العربي منحط، فكيف تكون لنا جوائز راقية؟"، مؤكدا أن "الانحطاط ملة واحدة". إلى ذلك قالت زهور كرام، الأستاذة الجامعية المتخصصة في النقد الأدبي، إن "أكبر تحد أمام التجارب السردية العربية هو التأطير، إذ إن الملاحظ هو توفر تراكم كبير، عززته الجوائز التي تدخل ضمن الهندسة الثقافية، وعليها العمل على تسويق النصوص". وأضافت كرام، خلال اللقاء ذاته، أن "الدراسات النقدية عليها أن تنتج الأسئلة نفسها التي تطرحها النصوص"، مطالبة بمشاريع ترافق التراكم وفق رؤية إستراتيجية، ومقرة بضعف المواكبة النقدية للأعمال الروائية. وأشارت المتحدثة ذاتها إلى أن "الملاحظ في الرواية العربية منذ تسعينيات القرن الماضي هو حدوث انزياح"، وزادت موضحة: "النصوص تتسم بهذه العملية بكثرة، حيث لم نعد نتحدث عن التجربة الروائية العربية، بل عن تجارب. كما أن المؤلف أصبح مكونا نصيا، ونجد هذا في كتابات عبد القادر الشاوي، ومحمد برادة". من جهته، أورد محمود عبد الغني، شاعر ومترجم مغربي، أن "الجمالية الروائية لا يمكن حصرها"، مقرا بدوره بأن النقد في حالة خمول، ومشيرا إلى أن "الملاحظ هو حدة التكثيف الجمالي منذ عهد الإغريق"، وزاد: "الرواية الآن تعيش فورة كبيرة". وسجل عبد الغني أن "الجمالية تختلف من فضاء لغوي إلى آخر"، مؤكدا أن "الراوية الغربية كانت أكثر جمالية على مستوى الإيقاع في سياقات معينة"، ومبديا تخوفه من إمكانية "ضياع الجمالية عن الرواية العربية وسقوطها في الفشل والضياع". وبالنسبة للمتحدث ذاته فقد "ضاعت جمالية الرواية العربية بعد الربيع الديمقراطي"، معطيا أمثلة لإصدارات كتاب قبل الثورات وبعدها، ومشيرا إلى أن "الانتقال من الكتابة المسرحية إلى الشعرية، ثم إلى الروائية، يضعنا أمام مقترح جمالي مضطرب".