ركزت المداخلات في الندوة التي نظمها، يومه الأربعاء، المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في إطار فعاليات الدورة الحالية المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء، على الحماية القضائية للطفل، مشددة على وجوب العمل على ضمانها والحفاظ عليها بالنسبة إلى هذه الشريحة المجتمعية. ونوّه الأستاذ الجامعي عبد الرحمان الشرقاوي، في معرض مداخلته بهذه الندوة التي ترأسها محمد أمين بنعبد الله عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بدور القضاء المغربي في حماية حقوق الطفل، إذ أشار إلى أن "القضاء لعب دورا كبيرا في تكريس الحماية، حيث نجد مواقف صادرة عن محكمة النقض والقضاء الاستعجالي مشرفة تكرس حماية حقوق الطفل". وفي هذا الصدد، قدم الباحث الجامعي مجموعة من الأحكام الصادرة عن محكمة النقض، والتي تبرز بحسبه دور القضاء في حماية حقوق الطفل؛ من قبيل: اعتبار محكمة النقص تأخير المستشفى لولادة الطفل خطأ مصلحيًّا يتحمل المستشفى مسؤوليته. كما كانت للقضاء مواقف أخرى في هذا الاتجاه، حسب المتحدث نفسه، على مستوى الحضانة؛ فقد ذهبت الى أن "إخلال الزوج بتنفيذ المقرر المنظم لزيارة المحضون يعتبر سببا موجبا لسقوط الحضانة"، وكذا نصت على "عدم جواز تعديل نظام الحضانة والزيارة، ما دام أن ارتباط الطفل المحضون بالأم الحاضنة ما زال قويا". ولفت عبد الرحمان الشرقاوي إلى أن هذه المحطات، التي عبر عنها القضاء المغربي بمختلف درجاته، "تعد مواقف مشرفة وتعبر عن تكريسه لحقوق الطفل وحمايته لها". من جهته، أكد عمر لمين، مستشار بغرفة الأحوال الشخصية والميراث بمحكمة النقض، في مداخلته بهذه الجلسة، أن "المرجعية الدينية تعد من بين المرجعيات التي تؤطر حماية الطفل". ولفت القاضي عمر لمين، في معرض مداخلته بالجلسة ذاتها التي عرفت مشاركة المكلف بحقوق الطفل بمنظمة "اليونسيف" بالمغرب، إلى أن المرجعية الدينية اعتبرت الطفل "هبة، وقرة عين، وكذلك ذرية طيبة وفلذات الأكباد وزينة الحياة الدنيا"؛ وهو الأمر الذي تبنته مدونة الأسرة، بحسبه، لمراعاة حقوق الطفل. وشدد المستشار بغرفة الأحوال الشخصية والميراث بمحكمة النقض على أن المرجعية الدينية إلى جانب المرجعية القانونية والمرجعية القضائية والاتفاقيات الدولية تؤطر حماية الطفل، مشيرا إلى وجوب الحفاظ على الأمن النفسي والعاطفي والصحي والقانوني والروحي والقضائي للطفل. ودعا القاضي عمر لمين إلى جمع كل النصوص القانونية المتعلقة بالطفل، وتشكيل ما يمكن تسميته ب"مدونة حقوق الطفل"، مع مراعاة حقوق أطفال البادية المهمشين، والحفاظ على هوية أطفال الجالية المغربية المقيمة في الخارج، وكذا الأطفال اليتامى وأبناء مكفولي الأمة. من جهته، شدد محمد بن حمو، رئيس القسم الثالث بالغرفة الجنائية بمحكمة النقض، على وجود حماية جنائية للأطفال من التعرض لأي خطر؛ ذلك أن "الطفل الجانح الذي يرتكب جريمة يحميه القانون بتوفير محاكمة عادلة وإجراءات الدعوى المناسبة لسنه". وأوضح بن حمو أن الأطفال لا يمكن أن يحاكموا محاكمة تقليدية على غرار الراشدين، مؤكدا أن مصدر الحماية الجنائية للطفل تتمثل في "القانون الجنائي الذي يعد القانون الأساسي في تجريم العقاب ثم المسطرة الجنائية". وأكد رئيس القسم الثالث بالغرفة الجنائية بمحكمة النقض أن قضاء الأحداث "هو أحد ضمانات الحماية العادلة للطفل، حيث لا يعاقب الحدث بعقوبات سالبة الحرية إلا استثناء"، مضيفا أن "القانون الجنائي وفر الحماية للطفل قبل الولادة وهو جنين، حيث يعاقب على الإجهاض". وعرفت الجلسة، خلال فتح المجال لأسئلة المتدخلين، إثارة قضية اغتصاب قاصر من لدن مواطن كويتي بمراكش، وتمتيع المتهم بالسراح المؤقت قبل أن يلوذ بالفرار ويغادر التراب الوطني دون اتخاذ النيابة العامة قرارا بإغلاق الحدود في وجهه؛ وهو الأمر الذي أربك نوعا ما المتدخلين، حيث اكتفى محمد بن حمو، رئيس القسم الثالث بالغرفة الجنائية بمحكمة النقض، بالتأكيد على عدم توفره على ملف القضية للإدلاء برأيه في هذا الموضوع.