يبدو أن تطمينات الجهاز الدبلوماسي المغربي بشأن ترسيم الحدود البحرية قبالة سواحل الصحراء أقنعت الجار الإسباني الذي أعرب عن استعداده للحوار مع المملكة المغربية، بحيث اعتبرت الحكومة الإسبانية أن لكل دولة الحق في تحديد مجالها البحري شريطة صياغة قرارات مشتركة في الموضوع. وفي حوار لآرانتشا غونزاليس لايا، وزيرة الخارجية الإسبانية، مع صحيفة "إلباييس"، نُشر نهاية الأسبوع المنصرم، قالت المسؤولة الحكومية إن "الإجراء ليس أحادي الجانب، على اعتبار أن لكل الدول الحق في تحديد مياهها البحرية الإقليمية"، مؤكدة أن "المغرب عمِد إلى ترسيم حدوده البحرية على غرار إسبانيا". وأضافت غونزاليس لايا، في حديثها عن "الأزمة الصامتة" بين المملكتين، أن "إسبانيا حصلت على تطمينات من لدن وزير الخارجية المغربي، مفادها أنه سيتم الالتزام بصياغة قرار مشترك"، موضحة أن "الخطوة لن تكون أحادية الجانب، بل لا بد من الاتفاق مع البلدان المتجاورة". وشددت وزيرة الخارجية الإسبانية على أن "المملكة الإيبيرية تحترم مسطرة ترسيم القواعد البحرية المعروفة على الصعيد الدولي"؛ لكنها تلفت إلى "عزمها التوجه إلى السلطات الدولية المختصة في تسوية هذا النزاع، إذا ما أقرّ المغرب خطوة أحادية الجانب". وفي مقابل ذلك، ما زالت حكومة جزر الكناري، ومعها مختلف الهيئات السياسية الوطنية، تتابع أطوار الأزمة بكثير من التوجس والترقب، حيث طالب حزب "التحالف الكناري" القومي المحافظ ب"فتح قنوات دبلوماسية موازية تتغيّا إرساء مفاوضات ثنائية بين البلدين لإذابة الخلافات التي تهم المواضيع المشتركة". وأبدى حزب "التحالف الكناري"، الذي يضم مجموعات يسارية متفرقة، امتعاضه من الخطوة المغربية الرامية إلى ترسيم الحدود البحرية، داعيا إلى "اتخاذ موقف دفاعي حازم بشأن المياه الإقليمية لجزر الكناري وقضية الصحراء"، مجددا أيضا تذكيره بمطلب الاستعانة بالأمم المتحدة بغية حل الخلاف الدبلوماسي. وقد وافقت حكومة جزر الكناري على قرار مؤسساتي يروم الدفاع عن حدودها البحرية ردّا على القرار المغربي، خلال يناير المنصرم؛ فقد أشار البيان الصادر عنها إلى أن "إسبانيا ستتحلّى بأكبر قدر من الحزم للدفاع عن مصالحها، عبر احترام بنود القانون الدولي للبحار"، مجددا رفضه ل"القرار الأحادي والانفرادي"، وفق تعبير المصدر عينه. وتُجمع مختلف القوى السياسية في إسبانيا على مواجهة خطوة البرلمان المغربي بشأن الحسم في ترسيم الحدود البحرية للأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث توحّدت الحكومة المركزية بمدريد والحكومة المحلية بجزر الكناري على معارضة المخرجات التي ستترتب عن العملية التشريعية بالرباط. كما دعّمت جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان المحلي لجزر الكناري، ردّا على إجماع البرلمان المغربي، خطوة مواجهة "القرار الانفرادي" للمملكة المغربية القاضي بترسيم حدودها في المياه الإقليمية قبالة الأقاليم الجنوبية، مستبعدة إقدام المغرب على ذلك بدون التوافق مع إسبانيا.