عندما سمعت الطبيبة ريتا أن البنوك اللبنانية ستحد من عمليات السحب النقدي، سارعت إلى شراء ساعة رولكس، ثمنها عشرة آلاف دولار، ببطاقتها الائتمانية، حرصا منها على حماية بعض مدخراتها. وقالت ريتا إن ذلك "أفضل من الاحتفاظ بأموالي في البنك". وكل أسبوع يصطف أصحاب الحسابات المصرفية ليسحب كل منهم حصته، التي تقل بالنسبة للبعض عن 200 دولار، من مصارفهم التي أوقفت تحويلات النقد الأجنبي في وقت يغرق فيه لبنان في أزمة اقتصادية عميقة. وقد أدى نقص الدولارات إلى ارتفاع الأسعار، وهوت قيمة الليرة اللبنانية في السوق الموازية، وانهارت الثقة في النظام المصرفي. ويسارع من لهم مدخرات في البنوك إلى الحصول على أموالهم، سواء عن طريق شراء الحلي أو السيارات أو الأراضي ببطاقات الائتمان أو الشيكات المصرفية. وقال عدد من اللبنانيين لرويترز إنهم يخشون فرض قيود أشد أو اقتطاع جزء من ودائعهم، أو انهيار البنوك، أو تخفيض قيمة العملة اللبنانية المربوطة بالدولار الأمريكي منذ 22 عاما. وطلب هؤلاء عدم ذكر أسمائهم بالكامل بسبب مخاوف تتعلق بالأمان. ويقول مصرف لبنان المركزي إن الودائع آمنة ويتعهد بالحفاظ على ربط العملة بالدولار، في حين قال رئيس جمعية مصارف لبنان إن القيود على السحب وغيرها من التدابير تهدف إلى الحفاظ على ثروة لبنان في البلاد. إخفاء المال في البيوت بدأ عدد كبير من اللبنانيين العاديين إخفاء المال في بيوتهم قبل شهور من تفجر الاحتجاجات في أكتوبر الماضي على النخبة الحاكمة، التي دفعت لبنان إلى أسوأ أزمة يشهدها منذ عشرات السنين. وفي العاصمة بيروت قال عاملون بعدة متاجر للحلي إن الزبائن تدفقوا في الآونة الأخيرة سعيا إلى شراء الذهب والألماس، لبيعه في بعض الأحيان في الخارج، وذلك رغم أن أغلب باعة الحلي لا يقبلون الآن سوى النقد السائل. وفي متجر لساعات رولكس في المدينة، قال موظف إن المبيعات لا تتم الآن إلا إذا كان نصف الثمن مدفوعا نقدا بالدولار الأمريكي. وعندما بدأت الأزمة تشتد خشيت لوسي، وهي ربة بيت في الستينات من عمرها، على ما تركه زوجها الراحل لها من أموال. فجمعت هي وبناتها كل ما أمكنهن من نقد سائل واشترين ذهبا قيمته 50 ألف دولار وأخفينه في البيت. وقالت إحدى بناتها: "هذه هي مدخرات العمر التي ادخرها أبي. لا أريد الاحتفاظ بفلس واحد في البنك". وقالت مستشارة في أحد بيوت المزادات في بيروت، طلبت الاحتفاظ بسرية هويتها، إنها تتلقى مكالمات يومية من أفراد يريدون ادخار "أموالهم في لوحات فنية بدلا من وضعها في البنوك". وأضافت: "لأول مرة أتلقى مكالمات من ناس لا يعرفون شيئا عن الفن". أما الطبيب عبد الله، وهو في الخمسينات من العمر، فقد اشترى ثلاث سيارات تتجاوز قيمتها 80 ألف دولار بشيك مصرفي. وقال إن مصرفه لا يسمح سوى بسحب 100 دولار كل أسبوع، وإنه يخشى أن تزداد القيود تشددا. وأضاف: "لا ثقة عندي في البنوك". *رويترز