كثيرة هي الثروات الطبيعية والزراعية التي يتميز بها إقليمتزنيت، وتجعله قبلة لمختلف الفئات الراغبة في اقتناء مواد وسلع ومنتجات خالية من أي زيف أو خلط وبأثمنة معقولة، خصوصا تلك التي لها علاقة مباشرة بالمجال الفلاحي، باعتباره من القطاعات الحيوية الأساسية التي تعتمد عليها الساكنة المحلية كمورد للعيش. من بين هذه الثروات زيت الزيتون أولاد جرار، الذي يطلق عليه محليا وصف "الزيت تاع العام" أو "زيت العود"، وما يتميز به هذا المنتوج، الذي تشتهر به الدواوير الواقعة بجماعة الركادة، من نكهة خاصة وجودة عالية جعله يتبوأ صدارة المنتجات الطبيعية على المستوى الوطني. وتشكل الفرشة المائية المهمة والمساحات المزروعة والشاسعة من حقول الزيتون، اللتان تتميز بهما مناطق الملعب والركادة وإغرم منذ القدم، عاملين أساسيين ساهما بشكل كبير في تربع أولاد جرار على عرش إنتاج زيت الزيتون، سواء من حيث الكم أو الجودة. ويبلغ عدد الوحدات الإنتاجية المختصة في طحن وإنتاج زيت الزيتون بأولاد جرار 25 معصرة تقليدية وشبه عصرية موزعة على الخصوص في دواوير الركادة والبير والأشواك وإد النيكيضة وإغرم وودادية الخير والعين والبيضة.. وكلها تعمل بشكل موسمي ينطلق في حدود شهر شتنبر ويستمر إلى أواخر فبراير، مشكلة بذلك مورد عيش لأزيد من 250 من اليد العاملة، وهي نسبة جد مهمة مقارنة بباقي القطاعات النشيطة بالمنطقة. وتماشيا مع التطور الذي عرفه قطاع إنتاج الزيوت على المستوى الوطني، انخرط أغلب أرباب المعاصر الجرارية قبل خمسة أعوام تقريبا في المكننة، التي أضحت تلعب فيها الآلات الكهربائية دورا مهما في عملية الطحن، خلافا للفترة السابقة التي كان يعتمد فيها على البهائم واللوالب والأعمدة والأجواف الخشبية السميكة. وتصل كمية ثمار الزيتون التي يتم عصرها سنويا بأولاد جرار، حسب إحصائيات حصلت عليها هسبريس بعد زيارتها عددا من هذه الوحدات الإنتاجية، إلى حوالي 300 طن كمعدل متوسط للمعصرة الواحدة، 50 بالمائة منها من المنتوج المحلي، فيما يتم جلب الكمية المتبقية من مناطق العطاوية وتارودانت وأولاد برحيل وخنيفرة وغيرها من المدن المشتهرة بشجر الزيتون. جميع الزبناء الذين التقت بهم هسبريس، خلال جولتها بمجموعة من معاصر الزيتون بأولاد جرار، أكدوا في حديثهم أنهم دأبوا سنويا "على التوقف بجماعة الركادة قصد اقتناء الزيت الطبيعي نظرا إلى جودته ومذاقه الاستثنائي والمتميز، وأيضا لخلوه من أي غش أو مواد مضرة بالصحة، فضلا عن ثمنه الذي يعد في متناول الجميع"، حسب تعبيرهم. وفي تعليقه على هذا الموضوع، أوضح الحسين، وهو مسؤول عن معصرة شبه عصرية بجماعة الركادة، أن "تربع الزيت الجراري على قائمة أفضل الزيوت على المستوى الوطني ليس وليد اليوم، وإنما يعود إلى مئات السنين، كما لم يأت أيضا بمحض الصدفة، بل هو نتاج عدة عوامل على رأسها جودة المياه المتدفقة من عيون جماعة الركادة، إضافة إلى نوعية التربة وطريقة الجني وغيرها". وأضاف أن "الشق المتعلق بالإصلاح والصيانة والنظافة له أيضا دور كبير في إنتاج زيت جيد. وبالرغم من أن هذا الجانب يكلفنا سنويا ميزانية مهمة، فإن كل شيء يهون في سبيل إرضاء زبنائنا، سواء الذين يتحملون عناء التنقل من مدن بعيدة قصد اقتناء منتوجنا، الذي يشهد له الجميع بالجودة والنكهة الرفيعة، أو الذين نضطر إلى تزويدهم بسلعنا عن طريق إرسالها إلى داخل المغرب أو خارجه". أما بخصوص الإكراهات التي يعاني منها هذا القطاع فقال المتحدث ذاته إن "المشكل الذي نعاني منه كمهنيين له علاقة مباشرة بطريقة التخلص من مادة المرجان التي يؤرق بالنا كل سنة، حيث إن الجهات المسؤولة تحتم علينا جمع هذه المادة حفاظا على البيئة من التلوث، ونحن لا نعارض هذا الأمر، لكن يجب عليها التدخل وتمكننا من حلول جذرية تسهل علينا عملية إتلاف كميات الصبغ دون ضرر ولا ضرار".