أصبحت معاصر الزيتون التقليدية وشبه العصرية تتوالد سنة بعد أخرى بالمناطق المحيطة بمدينة سطات، وتعرف رواجا خلال موسم جني الزيتون من كل سنة، إذ تفتح أبوابها في وجه الزبناء، سواء الذين يريدون عصر ما جنوه من منتوج الزيتون، أو الذين يفضّلون شراء زيت الزيتون، أو "الزيت البلدية" أو "زيت العود" كما يحلو للبعض تسميتها. هسبريس قامت بجولة بمحيط مدينة سطات، حيث لاحظت انتشار معاصر تقليدية وشبه عصرية لزيت الزيتون بالدواوير التابعة للإقليم، وكذا على مستوى الطرق الوطنية والجهوية بكل من قيادات أولاد بوزيري وبني مسكين، وأولاد سيدي بن داوود، ورأس العين الشاوية وغيرها. أحد الزبناء الذين التقت بهم هسبريس أكّد أن ثمن زيت الزيتون عرف ارتفاعا طفيفا، لأسباب متعدّدة، منها كثرة الطلب وقلة العرض وغلاء الزيتون، وكثرة المصاريف الملقاة على عاتق الفلاح، أمام ندرة الماء، رغم الدعم الذي تقدمه وزارة الفلاحة، واسترسل: "الناس كتقلّب على الجودة في الزيت..اليوم وصلات 60 درهم للتر الواحد، وخاصها غير ما تكونش مغشوشة". إرضاء الزبناء عبد العزيز رزيق، مسيّر معصرة لزيت الزيتون بجماعة خميس سيدي امحمد بن رحال بأولاد بوزيري، قال في تصريح لهسبريس إن المعصرة تشتغل على هدفين، إذ يتم استقبال الزبناء الذين يريدون عصر منتجهم من الزيتون، كما يتم عصر كمية من الزيتون خاصة بصاحب المعصرة من أجل بيع ما تحصّل منها للزبناء الراغبين في ذلك. وحول طريقة المعاملة بين صاحب المعصرة والزبون، أوضح رزيق أنه يؤدي خدماته للزبناء مقابل أتعاب حسب عدد الكيلوغرامات التي يستقبلها بثمن محدد في 60 سنتيما للكيلوغرام الواحد من الزيتون، مشدّدا على احترام ترتيب الزبناء في إطار المساواة بينهم في الخدمة. ونوّه المتحدث بجودة زيت الزيتون الذي ينتشر بمنطقة الشاوية، مشيرا إلى أن المنطقة غير معروفة كمنطقتي القلعة وبني ملال مثلا، اللتين لهما تاريخ في غرس الزيتون والاستثمار في المعاصر الخاصة به، بحكم أن الفلاحين بإقليم سطات حديثو العهد بالاهتمام بأشجار الزيتون، إذ بادروا إلى هذا الميدان منذ التسعينيات فقط. وأوضح المتحدث أن غلاء الزيت يرجع إلى غلاء الزيتون، إذ يتراوح ثمن الكيلوغرام الواحد منه بين 6 و7 دراهم، بالإضافة إلى كثرة إقبال المغاربة على استهلاك الزيت، زيادة على ما يسمع عن تصديره إلى الخارج؛ وهو ما يؤثر على العرض الداخلي. وأضاف رزيق أن أصحاب المعاصر لا يتلقون أي دعم من أي جهة، موضحا أن القطاع يدخل في إطار الاستثمار الذاتي للمواطنين الذين يعتمدون على تمويلهم الخاص، نافيا أن يكون القطاع يعرف مشاكل، باستثناء ضغط الزبناء الذين يطالبون بتسريع الحصول على منتوجهم من الزيت من أجل التوجه إلى الأسواق، ومؤكدا اتخاذ جميع الاحتياطات لحماية البيئة، إذ يتم تجميع المخلّفات ونقلها من قبل عدد من أصحاب الحمّامات أو الأفران الذين يحتاجونها. تحذيرات من المخلّفات يوسف بلوردة، أستاذ جامعي زائر بجامعة القاضي عياض متخصّص في البيئة، قال في تصريح لهسبريس إن مخلفات معاصر الزيتون المعروفة ب"الزّبر" تتسبب في مشكلة بيئية لم تجد طريقها إلى الحل رغم المجهودات المبذولة في المغرب، خاصة المقترحات التي جرى تقديمها في "كوب 22". وأوضح بلوردة أن هذه المجهودات لم تستطع الوصول إلى حلول جذرية، خاصة أن عملية معالجة هذه المواد باهظة الثمن، مشيرا إلى أن معظم أرباب هذه المعاصر يقومون برمي المخلفات السائلة أو الصلبة في الأودية أو القنوات المائية والمياه الجوفية والأراضي الزراعية، ما يجعلها معرّضة للتلوث. وأوضح يوسف بلوردة أن "الزّبر" يتكوّن من مواد كيماوية ملوّثة، مثل "الفينول" المعروف بالحموضة، ويتسبب في تغيير التركيبة الكيماوية للأتربة، ويمكن أن ينتشر بشكل واسع بعد سقوط الأمطار، مشيرا إلى أن "الزّبر" عبارة عن ماء أسود ينتج عن عملية عصر الزيتون، وغالبيته من المياه التي تضاف أثناء عملية العصر لغسل الثمار، علما أن الماء يمثل 50 في المائة من حبة الزيتون. ودقّ بلّوردة ناقوس الخطر حول الأضرار البيئية التي تنتج عن مخلّفات معاصر الزيتون، متسائلا في الوقت ذاته عن كيفية إيجاد حلول داخل الوحدات الإنتاجية للوقاية من الأخطار، عوض تجميع مادّة "الزّبر" في أحد الأحواض وتصريفها إلى مكونات الطبيعة، ما يعرّضها إلى تفاعلات كيماوية ضارة. إحصاءات الفلاحة مسؤول بمديرية الفلاحة بسطات قال في تصريح لهسبريس إن مادة الزيتون ليست بمنتوج أولوي في منطقة الشاوية، مقارنة مع إنتاج الحبوب وتربية الماشية، موضّحا أن ثمن الزيت والزيتون يتحكّم فيه العرض والطلب، ومشيرا إلى أنه عرف ارتفاعا طفيفا وصل إلى 60 درهما للتر الواحد، بسبب كثرة الطلب والاستهلاك الداخلي والتصدير. وأضاف المسؤول بمديرية الفلاحة أن المساحات المغروسة من الزيتون المتنوع بكل من سطات وبرشيد تصل إلى 8 آلاف هكتار، بمردودية إنتاج تصل 1.5 أطنان في الهكتار، بمعدل 800 طن من الزيت، حسب الظروف المناخية الملائمة، وتوفّر ما مجموعه 200 ألف يوم شغل لليد العاملة. وأوضح المتحدث أن زيت الزيتون المغربية تمتاز بجودة عالية بوّأت المغرب مراكز متقدمة إلى جانب كل من إيطاليا وإسبانيا، إذ يجري تصدير ما مجموع إنتاجه 400 طن من زيت الزيتون نحو الأسواق الخارجية بكل من أوروبا وأمريكا وآسيا.