عرف قطاع صناعة السيارات بالمغرب نقلة نوعية خلال العشرية الأخيرة، وذلك بفضل تزايد الطلب الداخلي نظرا للحركية المتزايدة للمواطنين وانتشار التمدن وكذا التطور الملحوظ للمنتوجات المالية والبنكية المخصصة للولوج إلى القروض المتعلقة باقتناء السيارات والعربات. وبالرغم من تراجع المبيعات على الصعيد الدولي، فقد واصل المغرب مجهوداته لتحسين إنتاجه بتحقيق طاقة إنتاجية تناهز 700 ألف وحدة. كما استطاع المغرب جذب مجموعات صناعية أجنبية كبرى، بالنظر إلى تموقعه الاستراتيجي الجغرافي وتوفره على يد عاملة مهمة ومنخفضة الكلف مقارنة مع أوربا. إلا أن القيمة المضافة التصنيعية المحققة داخل التراب، يتم تصديرها نحو بلدان أخرى لعدم توفر المغرب على منتوج وطني حامل لعلامة تجارية وذلك في ظل غياب الخبرة التكنولوجية الضرورية. وبالتالي، فإنه يتعين على المغرب تطوير المهن المرتبطة بهندسة تصنيع السيارات، لاسيما التحكم في مساطر الإنتاج المتعلقة بالمصانع الذكية من فئة الجيل الرابع 4.0، وكذا ضبط طرق وأساليب الإنتاج الذكية لتطوير مجال الابتكار والإبداع في مجال صناعة السيارات. وفي هذا المنطلق، يبقى إرساء منظومة تكوينية مهنية مندمجة وحده الكفيل بالرفع من قدرات اليد العاملة الوطنية، قصد تطوير خبرة وطنية في مجالي هندسة وتصنيع السيارات، وليس فقط استوراد المواد الأولية والمكونات لتجميع أجزاء العربات والمحركات. وفي السياق نفسه، يتعين على المغرب بلورة برنامج تكويني مهني متعلق بالتصنيع المغربي للمحركات ومكونات العربات، وذلك بمراكز وطنية ومحلية مختصة تكرس للابتكار وتحفز على بروز منتوجات وطنية يتم دعمها ماليا من طرف الدولة. ومن جهة أخرى، ونظرا للاستثمارات الأجنبية المهمة المنجزة في هذا القطاع الحيوي، يبقى إبرام ملاحق تعديلية لعقود الاستغلال الأجنبية الحالية، تكرس للجانب الهندسي ولنقل مهارات التصنيع، من بين السبل الكفيلة للدفع نحو تطوير منتوج مغربي محض. كما يتعين تنويع الشراكات المرتبطة بمجال تصنيع السيارات، وذلك عبر الانفتاح على القارات الأخرى غير الأور ;بية لتقليص المخاطر المرتبطة بالتبعية، لاسيما مشكل فقدان مناصب الشغل في حالة انسحاب مستثمر أوربي. ولإرساء منظومة تصنيعية متكاملة، يبقى توفير الوعاء العقاري للمقاولات النشيطة في مجال صناعة السيارات، والولوج إلى التمويلات الضرورية المتعلقة بالاستثمار المنتج، والاستفادة من التكوين المهني التطبيقي المتعلق بأنشطة المصنع الذكي، من أهم الجوانب المتعين التطرق لها للنهوض بمجال التصنيع الوطني لأجزاء السيارات في مرحلة أولى، وكذا التصنيع الجهوي والمحلي لمحركات السيارات والعربات في مرحلة ثانية، وذلك قصد الوصول إلى محطة الإنتاجية الشاملة والتي من شأنها أن تبرز منتوجا وطنيا مائة بالمائة كما هو الحال بالنسبة لتركيا.