لا تزال تداعيات اعتقال آنا كونتولا، النائبة البرلمانية عن حزب التحالف اليساري الفنلندي، في الأراضي المحتلة تثير جدلا واسعا وتجاذبا بين مكونات التحالف الحكومي والمعارضة؛ بين مساند لحق كونتولا في التظاهر لرفع الحصار عن قطاع غزة، وبين رفض آخرين للخطوة واعتبارها "إجراء غير مناسب ويفتقر إلى الحكمة". وتعود تفاصيل الحدث إلى اعتقال سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يوم الاثنين الماضي، لآنا كونتولا، 42 سنة، التي كانت تعتزم التظاهر مع مجموعة من النشطاء ضمن منظمة دولية للتنديد بظروف الحصار على قطاع غزة؛ حيث قضت عشر ساعات في مركز للشرطة قبل أن يتم إطلاق سراحها مساء الاثنين. أكدت كونتولا أن خطوتها للتظاهر برفقة نشطاء حقوق الإنسان كان الغرض منها هو “لفت انتباه العالم إلى الوضع في غزة التي تحاصرها إسرائيل”، وفقا لما صرحت به لجريدة “هلسنغن سانومات”، واسعة الانتشار التي وصفت الحصار بانه أدى ”إلى أسوأ كارثة إنسانية". وقد صرحت كونتولا أنا تعرضت خلال الاحتجاز إلى ضغوط للتوقيع على بيان تقر فيه، من بين أمور أخرى، ب”تعريض الأمن القومي للخطر”، وأنها رفضت التوقيع على الوثيقة التي كانت محررة باللغة العبرية. واعتبرت البرلمانية الفنلندية أن الخطوة الاحتجاجية موجهة أيضا ضد صفقات الأسلحة المبرمة بين الحكومة الفنلندية وإسرائيل، التي تعتبر شريكا قديما لهلسنكي في تجارة الأسلحة. دعم من التحالف وانتقاد من المعارضة شكلت خطوة كونتولا حلبة للسجال السياسي بين مكونات الأغلبية والمعارضة الفنلندية؛ فقد عبرت لي أندرسون، رئيسة تحالف اليسار ووزيرة التعليم، عن دعمها لآنا كونتولا موضحة أنها كانت على علم بخططها للسفر إلى إسرائيل والتظاهر في الأراضي المحتلة. وقالت أندرسون، في تغريدة على موقع “تويتر”، إن "النشاط المدني، الذي يهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان وجذب الانتباه إلى انتهاكات حقوق الإنسان، يتماشى إلى حد كبير مع قيم حزبنا. كذلك، فإن ملف تجارة الأسلحة الفنلندية مع إسرائيل ينتقده تحالف اليسار منذ فترة طويلة كحزب". هذا الموقف المساند للنائبة كونتولا عبر عنه أيضا بافو أرهينماكي، رئيس المجموعة البرلمانية اليسارية، والذي اعتبر أيضا أن نشاط النائبة السلمي يتماشى مع قيم الحزب؛ غير أن ميكا نيكو، عن حزب الفنلنديين الحقيقيين المعارض، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية، اعتبر إجراء كونتولا “غير مناسب” مضيفا: “لا أرى أنه من الحكمة أن يتعارض أي عضو في البرلمان مع قانون البلد من أجل الاحتجاج على أنشطته السياسية". ووفقا لنيكو، تستفيد فنلندا من تجارة الأسلحة مع إسرائيل. وقال إن وقف هذه التجارة لن يحل مشاكل الشرق الأوسط. من جهتها، وعبر صفحتها على تويتر انتقدت ساري السايح، رئيسة الحزب المسيحي الديمقراطي (معارض)، دعم لي أندرسون، رئيسة اتحاد اليسار للنائبة في البرلمان الفنلندي عن الحزب ذاته، آنا كونتول حيث كتبت: "أليس من المفترض أن نلتزم بالقانون؟ يحكم غزة منظمة حماس التي يصنفها الاتحاد الأوروبي ضمن لائحة الإرهاب فهل يدعم اتحاد اليسار ذلك؟". وفي ما يشبه ردا غير مباشر على السايح، أوضحت آنا كونتولا، في تصريحات للصحافة المحلية، أن “التهديد الأمني من غزة لا يبرر معاملة الفلسطينيين بهذه الطريقة، وتعريض الأطفال للمجاعة"، مضيفة: “لا أعتقد أن خرق القانون مناسب لأي شخص، على الرغم من أنه قد يكون ضروريا في بعض الأحيان. لكن في هذا الموقف بالذات، من المشكوك فيه ما إذا كان يمكن الحديث عن خرق القانون، لأن الحصار المفروض على غزة مخالف للقانون الدولي". اتهامات بمعاداة السامية انتقد المؤتمر اليهودي العالمي، الخميس، محاولة النائبة آنا كونتولا (يسار) التوجه إلى قطاع غزة وتنظيم مظاهرة هناك؛ داعيا كونتولا إلى تقديم اعتذار. وقال المؤتمر، في بيان على "فيسبوك"، إنه "من خلال انتقاد الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة فقط، ودون أي توجيه نقد مماثل على مصر، فإن النائبة عرضة لارتكاب معاداة السامية، وفق ما حددته الجمعية الدولية لإحياء ذكرى الهولوكوست". غير أن البرلمانية الفنلندية آنا كونتولا دافعت عن أنشطتها الخاصة بالتظاهر، معتبرة أن بيان الكونغرس العالمي لم يكن على الأرجح موجها لها حيث كتبت أن “المجلس اليهودي العالمي لم يكن على تواصل معي. أظن أن الرسالة لم تكن موجهة إلي، بل كان نقاشا عاما". وأضافت -وفق ما نقلته صحيفة “إلتا لهتي”- أنه "يجب على المجلس اليهودي العالمي الآن النظر في مدى الحكمة لتوظيف مفهوم جاد مثل معاداة السامية كأداة سياسية تتمثل وظيفتها في المقام الأول في حماية مصالح السياسة التجارية الإسرائيلية عندما يتعلق الأمر بالأسلحة". ووفقا للأمم المتحدة، يعد الحصار المفروض على غزة "انتهاكا صارخا للقانون الدولي"، وهو يساهم في معاقبة المدنيين بشكل رئيسي في المنطقة المحاصرة. *و.م.ع